الخميس، 26 ديسمبر 2024

03:16 ص

الدولار يهزم الجنيه.. المواطن يدفع ثمن جنون الأسعار في 2024

مواطنة أمام إحدى شركات الصرافة

مواطنة أمام إحدى شركات الصرافة

A A

يودع المصريون بعد أيام قلائل العام 2024 على أمل أن يكون 2025 أقل دراماتيكية من عام طال فيه جنون الأسعار كل شيء من رغيف الخبز إلى طن الحديد مدفوعًا بقفزات لسعر الدولار بدأت في يناير مع وصوله إلى عتبة الـ70 جنيهًا وهدأت في 6 مارس مع قرار التعويم قبل أن يعاود الصعود ليلامس الـ51 جنيهًا داخل البنوك. 

استهل سعر الدولار مقابل الجنيه المصري تعاملات العام الحالي داخل البنوك عند مستويات 30.9 جنيه لكل دولار، لكن وسط أزمة شح السيولة الدولارية التي دخلت فيها البلاد منذ 2022 نشطت تعاملات السوق الموازية للعملة، الأمر الذي دفع سعر الدولار "الموازي" في 30 يناير الماضي ليصل إلى 70 جنيهًا، لتعيد الأسواق المصرية تسعير كل شيء، ويكسر سعر طن الحديد عتبة الـ65 ألف جنيه للمرة الأولى قبل أن يتراجع حاليًا إلى 39 ألفًا. 

حركة الدولار في 2024

في صباح 6 مارس 2024 فاجأ البنك المركزي المصري الجميع بخفض قيمة العملة المحلية بأكثر من 60% ورفع أسعار الفائدة 6%، ضمن قرار تحرير سعر الصرف الذي أعاد الأمور إلى نصابها الطبيعي تدريجيًا وقضى على معاملات السوق الموازية ليتداول سعر الدولار داخل البنوك عند 49.9 جنيه خلال الأيام الأولى من قرار التعويم، قبل أن يتباطأ لاحقًا ويستقر داخل  نطاق بين 47.5 و48.9 جنيه خلال الفترة من أبريل إلى أكتوبر الماضي. 

وشهد سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اعتبارًا من مطلع نوفمبر الماضي وحتى تاريخه صعودًا ملحوظًا ليكسر في بداية الشهر حاجز الـ50 جنيهًا للمرة الأولى، ثم يواصل الصعود متجاوزًا عتبة الـ51 جنيهًا في تعاملات الإثنين 23 ديسمبر الحالي، قبل تراجعه أمس إلى مستويات 50.8 جنيه. 

حركة الدولار مقابل الجنيه المصرى منذ 20222 - بلومبرج

توقع عضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي، محمد عبدالعال، أن تهدأ وتيرة صعود سعر الدولار مقابل الجنيه خلال الفترة المقبلة، ليتحرك عند مستويات 50.75 جنيه بنهاية العام،  مدفوعًا بعوامل عدة أبرزها تراجع إعلان صندوق النقد الدولي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع الحكومة المصرية بشأن المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح. 

وأضاف أن العوامل التي دفعت سعر الدولار للصعود خلال الفترة الأخيرة ستتراجع أيضًا ما سيعزز أداء الجنيه تدريجيًا، ومن هذه العوامل اتجاه الشركات لإغلاق مراكزها المالية مع قرب نهاية العام، وارتفاع الاستحقاقات المالية المرتبطة بأذون الخزانة أو مدفوعات خدمة الدين. 

الإصلاح المالي والأسعار 

أوضح مدير مركز رؤية للدراسات الاقتصادية الخبير الاقتصادي بلال شعيب، أن الأوضاع الاقتصادية في مصر تحسنت على نحو ملحوظ في أعقاب صفقة رأس الحكمة وتحرير سعر الصرف والاتفاق المبرم مع صندوق النقد في مارس، إلا أن بعض إجراءات الإصلاح المالي "كرفع أسعار البنزين والسولار والكهرباء" نالت من القدرة الشرائية للمواطنين كما تهدد بعودة صعود التضخم. 

وأضاف أن الحكومة اتخذت منذ مطلع العام قرارات متتالية لتحريك أسعار البنزين والكهرباء وأسعار تذاكر المترو ورفع رغيف الخبز المدعم وغيرها من الخدمات والسلع ضمن خطتها لضبط أوضاع المالية العامة وفي ضوء تأثير انخفاض قيمة الجنيه على تقديرات الموازنة في جانب فاتورة الدعم. 

تحريك الأسعار كان سمة 2024، إذ بدأت الحكومة العام بإقرار زيادة لأسعار شرائح الكهرباء في يناير جاءت بعد 3 تأجيلات متتالية منذ زيادة يوليو 2021، وفي نهاية أغسطس الماضي أقرت زيادة ثانية للأسعار بنسبة تراوحت بين 17 و50%، لتصل الشريحة الأولى (من 0 إلى 50 كيلووات) إلى 68 قرشًا مقابل 48 قرشا قبل زيادة يناير، فيما وصلت الشريحة السادسة ( من 651 إلى 1000 كيلووات) إلى210 قروش من 128 قرشًا قبل زيادة يناير. 

واستهلت الهيئة القومية للأنفاق العام الحالي برفع أسعار تذاكر المترو ليصل سعر أقل تذكرة "9 محطات" إلى 6 جنيهات بدلا من 5 جنيهات، وفي أغسطس الماضي رفعت الأسعار للمرة الثانية ليصل سعر تذكرة "9 محطات" إلى 8 جنيهات. 

عامل في محطة وقود بمصر

البنزين والخبز

في 22 مارس الماضي، رفعت الحكومة أسعار البنزين والسولار للمرة الأولى في 2024 بواقع جنيه واحد للتر، ثم قامت بتحريك الأسعار للمرة الثانية في يوليو الماضي وللمرة الثالثة والأخيرة لهذا العام في أكتوبر الماضي ليقفز سعر لتر بنزين 80 إلى 13.75 جنيه ارتفاعًا من 10 جنيهات قبل زيادة مارس. 

وفي خطوة هي الأولى من نوعها منذ عام 1988، قررت الحكومة في مايو الماضي رفع سعر رغيف الخبز المدعم 300% دفعة واحدة، ليقفز إلى 20 قرشا من 5 قروش، وقالت وقتها إن القرار يأتي في ظل ارتفاع تكلفة إنتاج رغيف الخبز إذ وصلت إلى 125 قرشا، وسط مساعي الحكومة لخفض فاتورة الدعم مع الحفاظ على استمرار الدعم للفئات ذات الدخل المنخفض.

أكد بلال شعيب، أن الأوضاع الاقتصادية في مصر آخذة في التحسن منذ مارس الماضي، رغم التحديات الخارجية الناجمة عن ارتفاع التوترات الجيوسياسية، لافتًا إلى أن مستويات أسعار غالبية السلع مالت للهدوء في أعقاب قرار تحرير سعر الصرف واختفاء تعاملات السوق الموازية ومن المتوقع أن تشهد معدلات التضخم هبوطُا تدريجيًا خلال الفترة المقبلة، بدعم أساسي من ارتفاع مستويات السيولة الدولارية في القطاع المصرفي. 

search