الخميس، 26 ديسمبر 2024

02:07 م

الاقتصاد المصري خلال 2024.. مرونة في وجه الأزمات

الاقتصاد المصري

الاقتصاد المصري

A A

شهد الاقتصاد المصري خلال عام 2024 تطورات متباينة، حيث واجه تحديات اقتصادية صعبة تمثلت في التضخم، وتزايد الديون، والعجز المالي، إلا أنه أظهر مرونة في مواجهة تلك الأزمات، مكنته من تحقيق بعض التحسن في الاحتياطيات الأجنبية.

تقلبات الجنيه المصري

كان الجنيه من أبرز المؤشرات التي شهدت تحركات ملحوظة، إذ تراجعت قيمته منذ تحرير سعر الصرف في مارس الماضي، لينخفض من مستوى أقل من 31 جنيهًا للدولار إلى ما يقارب 51 جنيهًا في البنوك، وهو أعلى مستوى في تاريخ السوق الرسمية. 

وفي المقابل، شهدت السوق السوداء حالة من الجمود، ما يعكس تراجع نشاطها بعد قرارات البنك المركزي، بعدما وصل الدولار إلى مستويات تجاوزت 70 جنيهًا في يناير الماضي.

صفقة رأس الحكمة

وفي فبراير، أبرمت الحكومة صفقة استثمارية تاريخية، هي الأكبر في تاريخ الاستثمار المباشر في مصر، مع شركة "ADQ" القابضة الإماراتية، بقيمة 35 مليار دولار لتطوير مدينة رأس الحكمة.

تضمنت الصفقة استثمارات مباشرة بقيمة 24 مليار دولار، وتحويل 11 مليار دولار من ودائع الإمارات لدى البنك المركزي إلى استثمارات، كما تحصل مصر على 35% من إيرادات المشروع، ما يعزز من تدفق العملة الصعبة ويدعم الاقتصاد المحلي.

مصر وصندوق النقد

صندوق النقد الدولي

وفي مارس، توصلت مصر لاتفاق مع صندوق النقد الدولي لزيادة قيمة القرض الموقع في 2022 من 3 إلى 8 مليارات دولار، بعدما تعثر الاتفاق بسبب التأخير في تنفيذ بعض الإصلاحات المطلوبة.

وأتاح الاتفاق لمصر الحصول على تمويل إضافي، من بينها 1.2 مليار دولار من صندوق الصلابة والاستدامة، بالإضافة إلى دعم من شركاء دوليين كالبنك الدولي.

وخلال الفترة من أبريل إلى أغسطس، حصلت مصر على الشريحتين الثانية والثالثة من القرض بقيمة 820 مليون دولار لكل منهما، وترقب الشريحة الرابعة بقيمة 1.3 مليار دولار بعدما انتهت المراجعة النهائية.

الإصلاحات الحكومية والاحتياطي النقدي

واتخذت الحكومة المصرية خطوات لتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، أبرزها برنامج الطروحات الحكومية الذي يهدف إلى توسيع دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي.

وساهمت التدفقات الدولارية التي جذبها الاقتصاد منذ مارس 2024 في رفع احتياطي النقد الأجنبي إلى مستوى قياسي بلغ 46.9 مليار دولار بنهاية الشهر الماضي، مدفوعًا بقرار البنك المركزي بتوحيد سعر الصرف، ما عزز الثقة لدى المستثمرين والمؤسسات الدولية.

وأدى ذلك إلى جذب نحو 46 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال العام المالي الحالي، إلى جانب زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج التي وصلت إلى 23.7 مليار دولار خلال أول عشرة أشهر من 2024، بزيادة 45.3% عن نفس الفترة من 2023.

البنك المركزي المصري

التوقعات الدولية للاحتياطي النقدي

وتتوقع المؤسسات المالية العالمية استمرار التحسن في الاحتياطي النقدي، حيث رجح بنك "مورجان ستانلي" أن يصل الاحتياطي إلى 62.4 مليار دولار بحلول يونيو 2025، وإلى 67.4 مليار دولار بنهاية السنة المالية 2025/2026، فيما أشارت وكالة "فيتش" إلى إمكانية بلوغه 53.3 مليار دولار في 2025.

في السياق ذاته، توقع بنك "جي بي مورجان" زيادة الاحتياطي الأجنبي بمقدار 16.2 مليار دولار خلال العام المالي 2024/2025، و2.6 مليار دولار إضافية في العام الذي يليه. 

وأفاد بنك الاستثمار السويسري "يو بي إس" بأن التدفقات الأجنبية قد تحقق فائضًا يتراوح بين 7 و8 مليارات دولار خلال العام المالي الحالي، مما يدعم تعزيز الاحتياطيات الأجنبية.

النمو الاقتصادي والتحديات

من ناحية أخرى، أظهر تقرير لوزارة التخطيط، انخفاض معدل النمو الاقتصادي إلى 2.4% في العام المالي 2023/2024 مقارنة بـ3.8% في العام السابق.

يعزى هذا التراجع إلى مجموعة من العوامل، أبرزها التوترات الجيوسياسية والحرب في غزة، التي أثرت سلبًا على إيرادات قناة السويس والسياحة، كما ساهمت السياسات الانكماشية التي تبنتها الحكومة في الضغط على معدلات النمو لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي.

التضخم في مصر

تأثير التضخم

واصلت معدلات التضخم في مصر ارتفاعها خلال عام 2024، ما أثر سلبًا على القوة الشرائية للمواطنين وزاد من الضغوط على سعر الصرف. 

ومع ذلك، ساهمت السياسات النقدية التشددية التي تبناها البنك المركزي في كبح جماح التضخم، حيث تباطأ معدل التضخم السنوي العام إلى 25.5% في نوفمبر، بينما انخفض معدل التضخم الأساسي (يستثني أسعار الغذاء والطاقة) إلى 23.7%.

توقعات الأداء الاقتصادي

وتشير التوقعات إلى تحسن تدريجي في الأداء الاقتصادي خلال عام 2024، حيث يُتوقع أن تستمر معدلات النمو عند حوالي 3%، بحسب صندوق النقد الدولي.

كما يتوقع أن ينخفض معدل التضخم إلى 20.4% خلال العام المالي 2024/2025، لتحقيق استقرار اقتصادي مستدام، وترى المؤسسات المالية ضرورة تعزيز الاستثمارات وتحفيز الإنتاج المحلي.

نظرة المؤسسات الدولية

وأعرب صندوق النقد الدولي عن تفاؤله بانخفاض تدريجي في معدلات التضخم خلال النصف الثاني من العام، مع استقرار سعر الصرف، لكنه أشار إلى استمرار الضغوط على الطلب المحلي، ما قد يحد من فرص تحقيق نمو أعلى.

من جهة أخرى، توقع البنك الدولي أن يحقق الاقتصاد المصري نموًا بنسبة 3.0%، مع تحسن ملحوظ في الأداء الاقتصادي خلال النصف الثاني من العام، ومع ذلك، نوه بأن هناك تحديات مستمرة مثل عبء الدين العام وعجز الموازنة.

وأجمعت معظم التوقعات على أن الاقتصاد المصري سيشهد تحسنًا تدريجيًا، لكن التحديات الكبرى ستظل قائمة، ومن المتوقع أن تتراجع العملة المصرية إلى 55 جنيهًا للدولار الواحد، في أسوأ السيناريوهات التي توقعتها وكالة “فيتش” خلال 2025، مع ضرورة تعزيز السياسات الاقتصادية الداعمة للنمو واستدامة الاستقرار.

search