النسيج المصري الذي تفرد بالفخامة
على مدار المسافة الزمنية بين استخدام الكتان واستخدام القطن وقف النسيج المصري حاملاً شارة الريادة وعلامة الجودة والمتانة والرقي، بين زمن كانت صناعة النسيج لها مكون رئيسي وهو الكتان وبين زمن آخر سادت فيه الكلمة للقطن كانت كلمة المصري هي الدليل القاطع على فخامة الصناعة وجودة مكوناتها فكانت الهدايا القيمة في كل أنحاء العالم لابد وأن تشتمل عليه خاصة تلك التي تهدى إلى الملوك والأمراء والأميرات وتفتخر بوجودها الأسواق وبحيازتها التجار،
النسيج المصري علامة على تطور العصور
النسيج المصري هو أبرز علامات العصور التي مرت على مصر عبر تاريخها وعلامة تطورها، فيعرف النسيج نفسه بأنه من العصر الفرعوني حيث الكتان الغني الغالي الذي تتوارثه العائلات ويهدى إلى الممالك والملوك وتتزين به المعابد والقبور ويدرج ضمن الكنوز الثمينة، ويتميز النسيج في العصر الفرعوني بمميزات تختلف عن غيره يعرفها خبراء الآثار وكتاب التاريخ فهي التي كانت تلف بها المومياوات وهي التي زينت ملابس الملوك وبقيت قائمة تحتفظ بجودتها على مر التاريخ داخل التوابيت والمقابر وهذا دليل على القيمة الحقيقية والتقدير الكبير الذي كان يناله النسيج المصري القديم والذي جعل منه علامة على العصر وتاريخ للمرحلة العظيمة لما يحمله من عظمة في الشكل والمضمون والقيمة، وتجلت قيمة القماش المصري القديم في استخدامه كأجور للعاملين واستبداله بمنتجات أخرى حسب حاجة الأسرة وعمل بالنسيج المصريين القدماء في المنازل والقصور والمعابد وكانت طبقة النساجون من الطبقات المختارة ذوي الحيثية والمقام الرفيع،
النسيج المصري وقيمته في العصر الروماني
وامتدت قيمة النسيج المصري وصناعته في العصر الروماني وتميزت منتجاته وزخارفه واتخذت أشكالا جديدة وحافظت على جودتها وقيمتها في الخيوط والقماش والسجاد سواء للملابس أو رايات الأعلام والأرضيات والجدران، وقد أشرفت الدولة بنفسها على هذه الصناعة وقامت بتعميمها في جميع الأنحاء واعتبرتها مصدر مهم من مصادر الدخل القومي ودخلت على صناعة الكتان صناعة الصوف ومن بعدها الحرير واستمر النسيج المصري يلمع اسمه وتزداد قيمته وتبهر زخارفه العالم وتحتل جودته المرتبة الأولى ودخلت التصميمات الجديدة برسومات مختلفة للحيوانات والنباتات وفوق كل ذلك التصميمات الهندسية المميزة للطبيعة المصرية التي كانت متفوقة في مجال الهندسة على مستوى العالم وهي المدرسة الأولى في هذا المجال،
النسيج المصري وفن الزخارف في العصر القبطي
وفي العصر القبطي زاد النسيج المصري فنًا وجمالاً وظهرت منتجات جديدة واستخدام أكبر للقماش بأشكاله من مفارش وستائر ومناشف وحقائب بأشكال متنوعة وبدأت الرسومات التي اتخذت حياة المصريين دليلاً آخر وشاهداً ممتزجاً بالنسيج من خلال الرسومات والزخارف وامتلأت بالألوان الطبيعية وهنا أضيف عنصر الإبهار البصري مع الجودة والأصالة وتنوع استخدامات لا حصر لها من جوانب حياة المصريين الذين لم يتخلوا أبداً عن النسيج والغزل وتعاملوا معه من البداية إلى النهاية كتفرد وعلامة على مفهوم أهمية الصناعة وارتباط المهنة بكل أشكال الحياة،
النسيج المصري يمتزج بالعصر الإسلامي
وجاء العصر الإسلامي بطابعة الخاص وزخارفه المميزة ليمتزج بالنسيج المصري ويضيف إليه قيمة جديدة نابعة من الروح الجديدة التي حلت على الشعب العريق الذي يملك من المرونة ما يجعله دائم التطور ومواكب لكل جديد يطرأ عليه ولا يتوقف عن تقديم إبداعه مهما كانت ظروف الحياة ولونها وشكلها، النسيج لا ينفصل أبداً عن المصريين فاليد المصرية تصنع والأرض تعطي ولا تتمنع فيتخذون منها ويعطوها ويصنعون ويبهرون ويغزلون النسيج الذي يميزهم على مر العصور فأتقنوا صناعة المنسوجات حتى وصل بهم الكمال صناعة كسوة الكعبة وهو الشرف الأكبر الذي تتمناه الدول الإسلامية وظلوا حتى وقت قريب يقدمون هذه الهدية الجليلة خالصة الصنع والتصميم بكل ما هو مصري ومميز ، وزاد الاعتماد على الحرير فقدم النسيج المصري ما يبهر العالم من قماش وزخارف وقامت المصانع واستمر النول يعمل بالأيدي العاملة مستخدمين الخطوط العربية والزخرفة الفنية مع الأشكال الهندسية وظهرت الكتابة على النسيج لتؤرخ تاريخاً جديداً من التطور في هذه الصناعة كما أولته الحكومات المتتابعة اهتمامًا خاصًا واستخدموه في الهدايا المبهرة وفي الأثواب الفاخر ولم يتوقف النسيج المصري عن إبداعه يوما من بداية التاريخ وحتى يومنا هذا،
وهكذا كان النسيج المصري يصنع التاريخ ويقف شاهداً على كل مراحله ويقدم نفسه الاختيار الأول لكل حقبة ولكل أسرة حاكمة، ممتزجًا بالشعب وملهمًا له في صناعته وحياته العامة، نسيجًا مصريًا خالصًا صانعًا للحضارة.
الأكثر قراءة
مقالات ذات صلة
دعم الصناعة المحلية
14 ديسمبر 2024 02:26 م
أكثر الكلمات انتشاراً