دعم الصناعة المحلية
تتجه جمهورية مصر العربية في الوقت الحالي بقياداتها ومسئوليها والقائمين على القرار فيها إلى تبني حقيقي لفكرة طالما نادى بها من هم على وعي كبير بسبل النهوض بالاقتصاد الوطني وهي فكرة دعم وتوطين الصناعة المحلية وتقديم كل ما يلزم لإنتاج منتج وطني والعمل على إتقانه وتطويره ورفع كفاءته ليس فقط للاعتماد عليه محلياً ولكن لتصديره للخارج ومنافسة دول العالم الصناعية الكبرى تحت شعار صنع في مصر.
وفي معرض حديثه عن أهم الإجراءات لإصلاح المسار الاقتصادي أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس مصر إلى دعم الصناعة الوطنية كأول خيار للوصول الى المستوى الأعلى من تحقيق الطفرة المطلوبة لتحسين الاقتصاد مما يشير إلى حقيقة واضحة وهي أن الدولة انتبهت واتخذت قرار بالعمل على هذا الملف المهم الذي يحتاج إلى رغبة حقيقية ورؤية واقعية للكيفية اللازمة للنجاح بالوصول إلى المنتج المحلي الذي يتمتع بالجودة العالية التي تجعل منه طلباً من السوق المحلي أولاً وتحطيم النظرية القديمة التي سادت لعقود من الزمن عن مدى ضعف جودة المنتجات المحلية والاتجاه المعهود ناحية المستورد والتباهي باقتنائه والتعويل عليه وهي وجهة نظر جانبها الكثير من الصواب نظراً لما يعرف بالجودة العالمية والابتكار المستحدث الذي تنتهجه الدول الصناعية الكبرى في الوقت الذي توقفت فيه الصناعة المحلية أو أنها لم تضع اعتبار الجودة كشرط أساسي للصناعة أو على الأقل لم تهتم بالشكل النهائي للتغليف أو التسويق الاحترافي أو التطوير اللازم المواكب للحداثة.
عوامل كثيرة مؤخراً ظهرت على السطح وساهمت في إبراز أهمية العمل بجدية على النهوض بالمنتج الوطني وبالصناعة المحلية أهمها هو ندرة العملة الصعبة أو اختلاف سعر الصرف وما يعرف بسطوة السوق السوداء مما زاد من صعوبة التحكم في سوق المستورد أو الصعوبة التي واجهت مستوردي المواد الخام التي تشكل نسبة معتبرة في عملية الإنتاج.
ولا يخفى علينا أيضاً ونحن في عام 2024 وما أثير من دعوات لمقاطعة البضائع الأجنبية نتيجة أحداث معلومة للجميع تتعلق بالتضامن مع الأشقاء في بلادنا العربية والتي لاقت تفاعل منقطع النظير من عموم الجماهير وهو ما دعى للالتفات نحو ما يتم إنتاجه محلياً أو ما يحمل علامة صنع في مصر ودعوات التشجيع التي تبناها الجميع حتى بات الناس يطلبون من بعضهم ترشيحات بدائل لمنتجات مشهورة يتم تداولها سواء على مستوى المنتجات الغذائية أو حتى المستخدمة كأساسيات منزلية وخلاف ذلك من شتى المصنوعات وهو ما جعل الصناعة محط الأنظار والسؤال عن ما ننتج من صناعات ومواد غذائية ومستلزمات مختلفة وهو ما صنع طفرة ملحوظة للصانعين المحليين وفتح الباب أمام الراغبين في الاستثمار المحلي والصناعة الوطنية وبيان أهمية الإنتاج والصناعة والاعتماد على الذات.
ومما جعلنا ندرك أن الاهتمام الرسمي بعملية التصنيع المحلي يتجه نحو التنفيذ الحقيقي برؤية متقنة ما أعلنته جامعة المنصورة عن تأسيس لمركز جامعة المنصورة المؤسسي لربط البحث العلمي بالصناعة وعما قدمته المجموعة العلمية العاملة في المركز للشركات المحلية من تحليل علمي للمنتجات وتقديم الرؤية العلمية عن إجازة المنتج واعتباره مطابق للمواصفات القياسية وتحقيقه للجودة المطلوبة والمعروفة عالمياً ومدى ملائمته للتصدير وهو ما عاد بالنفع المباشر على هذه الشركات وزاد من ثقة القائمين عليها حتى زادت نسبة التصدير ومن ناحية أخرى أعلن المركز العلمي عن إقدامه على تقديم شهادات الجودة محلياً بدلاً من استهلاك الموارد والاعتماد على الجهات الخارجية.
مبادرات حكومية كان الهدف منها المساعدة على تذليل العقبات لتوطين الصناعات المحلية تتمثل في تقديم الدعم الرسمي للمناطق الصناعية وتطويرها من خلال زيارات متعاقبة للمصانع واجتماعات ولقاءات مع المصنعين والمستثمرين والاستماع إليهم للوقوف واقعياً على المعوقات التي تحول دون تقدم هذا المجال الأكثر أهمية لاقتصاد الدولة والأفراد، ومن ضمن هذه المبادرات كانت مبادرة ابدأ الرئاسية التي تعني بتقديم الدعم اللازم لأصحاب الصناعات والمصانع والتعامل مع المسائل الإدارية من تراخيص وغيرها.
دعم الصناعة المحلية يشمل دعم الأيدي العاملة من توفير فرص عمل وتحسين جودة المعيشة على مستوى الأفراد وهو ما يجعل من فكرة الدعم غاية في الأهمية للجميع وسد الباب الأول لاحتياجات الأسر وهو مصدر الدخل.
المرحلة الأكثر احتياجاً في دعم الصناعة المحلية هي التي تلي توفير منتجات جيدة بسعر مناسب وهي مرحلة متقدمة عن الوصول للاكتفاء الذاتي الصناعي وهنا نتحدث عن التصدير وهو يعني أن تعبر منتجاتك حدود دولتك وتتوفر في الأسواق العالمية وهو ما يعني الاستفادة القصوى من جميع مراحل التصنيع والحصول على المكانة المستحقة لاسم مصر بشكل خاص فضلاً عن الفرصة الكبرى لتوفير العملة الصعبة وتغطية الفجوة التي تحدث بين الحين والآخر وتسبب ربكة حقيقية للأسواق من تجار ومصنعين ومستثمرين.
دعم الصناعة المحلية هو الباب الكبير للانطلاق عالمياً بشكل مباشر وتحقيق الاكتفاء الذي يغنيك عن اللجوء لغيرك في وقت الأزمات والنهوض بالاقتصاد على مستوى الدولة والأفراد والدعم الذي يشتمل على إرادة حقيقية ورؤية واسعة يضمن لك أن تقدم منتج منافس يتمتع بالجودة العالية مع السعر المناسب الذي يكون في متناول الجميع ولا نعرف عبر التاريخ دولة صعدت وصنعت نفسها دون أن يكون لها منتجات تحمل اسمها ويتنافس على اقتناءها الناس في مختلف الأماكن داخلها وخارجها وتفخر بالإعلان عنه في كل محفل وهو ما نتمنى تحقيقه في مصر في ظل تبني القائمين على القرار فكرة دعم وتوطين الصناعات المحلية.
الأكثر قراءة
مقالات ذات صلة
النسيج المصري الذي تفرد بالفخامة
03 يناير 2025 04:28 م
أكثر الكلمات انتشاراً