الإثنين، 13 يناير 2025

04:20 ص

لوحوا بتجاهل الحالات المعقدة.. هل يؤدي المسؤولية الطبية لـ"تطفيش الأطباء"؟

الاطباء

الاطباء

عبدالمجيد عبدالله

A .A

شهد الشهر الماضي تصاعدًا في النقاشات والجدل بين الأطباء بشأن مشروع قانون المسؤولية الطبية، الذي يهدف إلى حماية حقوق المرضى وتنظيم العلاقة بين مقدمي الخدمات الطبية ومتلقّيها، مع وضع إطار موحّد للمسؤولية المدنية والجنائية على الأطباء، وما زال المشروع، المُقدم من الحكومة إلى مجلس النواب، يلقى رفضًا من الأطباء، واعتراضًا على بعض المواد.

وتشهد مصر حاليًا حالة من الجدل على المستويين الطبي والقانوني، بشأن التعديلات الجديدة على قانون المسؤولية الطبية، حيث تتباين الآراء بين الاطباء ونواب البرلمان بخصوص التعديلات المقترحة ومدى استجابتها لمطالب القطاع الطبي مع الحفاظ على حقوق المرضى، حيث يرى الأطباء أن التعديلات تلبي فقط جزءًا من مطالبهم ولا تزال تفتقر إلى معالجة قضايا جوهرية، أبرزها غياب تعريف واضح للمضاعفات الطبية والخطأ الطبي والإهمال الجسيم.

وعبر بعض الاطباء عبر صفحاتهم الشخصية على "فيسبوك"، قائلين: “لن نقبل التعامل مع الحالات المرضية المعقدة، فحدوث مضاعفات طبية واردة قد يُعرّضنا للاتهام بالتقصير”.

ووجه أستاذ علاج تشوهات العمود الفقري بكلية طب البنات بجامعة الأزهر بالقاهرة، الدكتور هاني عبدالجواد سليمان رسالة إلى المسؤولين، مشددًا على أهمية دعم القطاع الطبي في مصر وتعزيز مكانته كقوة ناعمة عالمية، بدلًا من اتخاذ قرارات قد تؤدي إلى الإضرار به.

وقال عبدالجواد عبر الصفحة الرسمية له على "فيسبوك": "مصر تمتلك منتجًا طبيًا عالي الجودة، يُصدَّر لدول الجوار بل وللعالم أجمع، هذا المنتج، الذي يتمثل في الأطباء المصريين والخدمات الصحية المتميزة، مطلوب عالميًا لجودته، كنت أتوقع من المسؤولين أن يعملوا على تعزيز هذه القوة الناعمة وتطوير السياحة العلاجية في مصر، بدلًا من التضييق وتشويه هذه المنظومة التي تسهم بطرق فردية في السياحة العلاجية".

ضرورة وجود قانون للمسؤولية الطبية

وأضاف: "لا خلاف على ضرورة وجود قانون للمسؤولية الطبية يحمي المريض والطبيب معًا، ويحاسب المخطئ مثلما يحدث في كل دول العالم، وعندما نرغب في تطبيق مثل هذا القانون، لدينا خياران: إما أن نستفيد من القوانين المطبقة في الدول الأخرى ونعدلها لتتناسب مع ظروفنا، أو نستعين بالمتخصصين وأهل المهنة لصياغة قانون يلائم احتياجات القطاع الطبي في مصر".

تحسين المنظومة الصحية 

وأكد عبدالجواد أن أي قانون جديد يجب أن يهدف إلى تحسين المنظومة الصحية ودعم الأطباء، لا إلى التضييق عليهم. 

وتابع حديثه قائلًا: "القطاع الطبي في مصر أحد أعمدة القوى الناعمة التي تحتاج إلى تلميع ودعم، وليس إلى إجراءات قد تؤدي إلى تدهوره وتشويه صورته أمام العالم".

وأعرب عن رفضه للطريقة الحالية التي تتم بها صياغة قانون تنظيم المهن الطبية في مصر، مؤكدًا أن أي تشريع جديد يجب أن يستند إلى تجارب الدول المتقدمة أو يعتمد على مشورة أهل الاختصاص في مصر لضمان توافقه مع الواقع المحلي وظروف القطاع الصحي.

قوانين الدول الأخرى

واستدرك عبدالجواد: "لكن الواقع الحالي يعكس رفضًا واسعًا لهذا القانون، ومع ذلك لا يتم الاستماع إلى نقيب الأطباء والأطباء الذين وصفوه بالقانون الكارثي".

الأطباء ليسوا أعداء للوطن

وأضاف: "الأطباء ليسوا أعداء للوطن، إذا كان صوت العاملين في القطاع الصحي يطالب برفض القانون، لماذا لا يتم الاستماع إليهم؟ إن فرض هذا القانون بالطريقة الحالية سيؤدي إلى تدهور سريع وغير متوقع في المنظومة الصحية".

وأكد عبدالجواد أهمية التشاور مع أهل المهنة قبل اتخاذ قرارات تؤثر بشكل مباشر على القطاع الصحي ومستقبل الأطباء، متسائلًا: "لماذا يتم تجاهل آراء الأطباء ونقيبهم في حين أن القانون يخصهم بشكل مباشر؟".

واختتم حديثه محذرًا من العواقب: "تطبيق هذا القانون دون تعديل أو إعادة صياغة وفقًا للاحتياجات الحقيقية للمنظومة الصحية في مصر سيؤدي إلى كارثة لن يتحملها القطاع الصحي أو المواطن".

بينما أوضح الدكتور عيسي حامد، مدرس طب الطوارئ والرعاية بكلية الطب جامعة الازهر، أن تخصص التخدير من التخصصات الملحة والخطرة أيضا. 

طبيب التخدير

وأضاف عيسي، في تصريح لـ"تليجراف مصر"، أن طبيب التخدير معرض للمضاعفات في كل وقت بسبب التعامل مع حالات دقيقة، ما بين حالات الحوادث وجراحات قلب وجراحة العظام، وهناك مضاعفات طبية عالمية منصوص عليها كيف يتحملها الطبيب. 

وأكد مجلس اتحاد نقابات المهن الطبية رفضه مشروع قانون المسؤولية الطبية الذي أعلنت الحكومة الموافقة عليه لما يحتويه (بحسب وصفه)، على مواد تقنن مسألة الحبس في قضايا الخطأ الطبي، وفي قضايا الإهمال الطبي الجسيم. 

وأشار مجلس اتحاد المهن الطبية إلى ضرورة أن تكون اللجنة العليا للمسؤولية الطبية هي الخبير الفني لجهات التحقيق والتقاضي، وتتلقى كافة الشكاوى المقدمة ضد مقدمي الخدمة الطبية بجميع الجهات المعنية وذات الصلة بتلقي شكاوى المواطنين بشأن الأخطاء الطبية.

وشملت التعديلات تغيير مسمى مشروع القانون ليصبح "قانون المسؤولية الطبية وسلامة المريض" بدلًا من الاسم السابق "المسؤولية الطبية وحماية المريض"، بما يعكس تركيزًا أكبر على تحقيق التوازن بين حقوق الأطباء وسلامة المرضى.

وأكد رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، أن منطق قانون المسؤولية الطبية هو تقديم العديد من المزايا والحقوق للاطباء ، استجابةً للشكاوى التي كانوا يقدمونها بشأن قلة الحماية وغيرها من القضايا.

وطمأن مدبولي الأطباء بأنه سيتم وضع قانون المسؤولية الطبية بالتوافق مع كل الأطراف، قائلًا: “إن شاء الله القانون يخرج بالصورة التي ترضي الجميع”.

search