الجمعة، 22 نوفمبر 2024

01:06 م

توافق نظري وانشقاقات عملية.. الحركة المدنية "تأكل نفسها"

الحركة المدنية

الحركة المدنية

أسامة حماد

A A

رغم تأسيسها منذ نحو 6 سنوات لم تحقق أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية أي مكاسب سياسية تُذكر، وفيما تنادي قياداتها، منذ 2017، بضرورة إفساح المجال للإصلاح السياسي، وتداول السلطة، انقسمت الحركة على نفسها، عند أول اختبار حقيقي، وفرصة جادة للمشاركة الفعَّالة في الحياة السياسية، وهي انتخابات الرئاسة، ليتوقع البعض أنها بداية تفتت وانهيار هذا التحالف السياسي.

انقسامات سياسية

تضم الحركة المدنية عددًا من أحزاب المعارضة التي يُفترض أنها على وفاق فكري، وهي: العيش والحرية، والدستور، والكرامة، والمصري الديمقراطي الاجتماعي، ومصر الحرية، والعدل، والإصلاح والتنمية، والاشتراكي المصري، والتحالف الشعبي الاشتراكي، إلا أنها تشهد فيما بينها صراعات وخلافات وانقسامات مستمرة.

انتخابات الرئاسة كانت شاهدًا على حالة التفكك والانقسام التي تعيشها الحركة، فلم تتمكن الأحزاب الأعضاء من التوافق على اسم مرشح، رغم الدفع بفريد زهران، رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، مرشحًا رئاسيًّا، وهو أحد أحزاب الحركة، إلا أن عددًا من الشخصيات والأحزاب المشاركة رفضت دعمه.

فريد زهران

في طريق التفتت

عضو مجلس النواب والكاتب الصحفي مصطفى بكري يقول “كنت أتمنى أن يكون هناك توافق مشترك حول مجموعة من الأهداف الوطنية التي تقبلها جميع التيارات في الحركة المدنية، ولكن أمام محاولة كل مجموعة فرض رأيها، وعدم اتخاذ مواقف يمكن أن تساعد في دفع الحركة إلى الأمام، وإحداث قبول شعبي لها، كان طبيعيا أن يتأزم الموقف”.

يرصد بكري “رأينا حالة الانقسام التي تشهدها الحركة في عدم التوافق على مرشح رئاسي، وموقف بعض أحزاب الحركة المدنية من مقاطعة الانتخابات الرئاسية، ورأينا ذلك أيضًا في السعي المستمر إلى رفض إدانة من هم مستعدون للتحالف مع جماعة الإخوان الإرهابية”.

ضد السلطة

ويتابع بكري “أصبحت هناك مواقف متعارضة داخل الحركة المدنية نفسها، صار الأمر مجرد مواقف ضد السلطة فقط، ومن يتخذ موقفا به قدر من الموضوعية فكأنه حكم على نفسه بأنه خارج الحركة”.

ويضيف “كان طبيعيًا أن نتوقع أن يكون مصير الحركة المدنية التفتت والتفكك، حتى وإن لم يعلن ذلك رسميا، فقد رأينا انسحاب بعض الأحزاب من المشهد، وشهدنا الحركة المدنية لا تتفق حول مرشح المنصب الرئاسي فريد زهران رغم أنه يرأس أحد أحزاب الحركة المدنية، كما شهدنا أيضا انتقادات لشخصيات وأحزاب لأنها طالبت باحترام أحكام القضاء في قضية هشام قاسم”.

مصطفى بكري

أمر غامض

رؤية الحركة المدنية وبرنامجها أمر غامض، وفقًا لبكري، حيث يشير إلى أن الشعارات التي تُطرح متضاربة، قائلا “بعض الأحزاب تؤكد أنهم ضد أي جماعة تنتهج العنف، وعلى أرض الواقع لا نرى ذلك، وإنما تتم التعمية على أشخاص أعلنوا وقوفهم إلى جانب جماعة الإخوان مثل أحمد الطنطاوي وآخرين”.

ويجزم بكري "لكل ذلك أقول إن هذه الحركة ستتفكك، وستأتي مواقف عديدة يختلف فيها من تصوروا أنفسهم في خندق واحد، وستتبعثر هذه الجبهة إلى أشلاء وأجزاء".

طفولة وعبث سياسي

ربما كان أمام أحزاب الحركة المدنية فرصة تاريخية للتوحد تحت راية مرشح رئاسي واحد، لكنها لم تستغل تلك الفرصة ورفضت المشاركة، ما وصفه بكري بأنه "طفولية سياسية" لا تستند إلى أسس موضوعية ولا رؤية واضحة لا على المستوى التكتيكي ولا الاستراتيجي.

ويصف بكري الأوضاع داخل الحركة المدنية بأنها "عبث"، مشددا “نحن أمام عبث سياسي وليست رؤية موضوعية مرتبطة بفهم واضح لطبيعة الأزمة في المجتمع وسعي دؤوب لمحاولة التعاون وتخطي هذه الأزمة”.

مصطفى بكري يرى أيضا إن ما يدور داخل الحركة المدنية مجرد محاولة لاستغلال الأزمات وحالات الاحتقان التي توجد في المجتمع بين الحين والآخر، نتيجة ظروف ربما تكون خارجة عن قدرة الدولة وإرادتها، "وفي نفس الوقت لا نجد الرؤية الموضوعية التي تقول إن هذا خطأ وهذا صواب".

 المتحدث باسم الحركة المدنية خالد داود

 خلافات سابقة

على الجانب الآخر، أعرب المتحدث باسم الحركة المدنية،  خالد داود، عن أمله في أن يعيد حزبا المصري الديمقراطي والعدل النظر في قرارهما بشأن تجميد نشاطهما داخل الحركة المدنية عقب انتخابات الرئاسة.

داود لفت أيضا إلى ضرورة إعادة النظر بشكل عام في طريقة العمل بالحركة المدنية والآليات داخلها لتفادي مثل هذه الخلافات في ظل التحديات التي تواجهها مصر وحركة المعارضة.

ويضيف داود “الحركة المدنية لا تتبنى موقفا مطلقا ضد السلطة بدليل مشاركتها بالحوار الوطني، إضافة إلى مشاركة عدد من أحزابها في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، فريد زهران وجميلة إسماعيل من أحزاب كبرى داخل الحركة وشاركوا في الانتخابات، وحزبا الإصلاح والتنمية والعدل، وعدد من الشخصيات العامة، أعلنوا دعمهم لفريد زهران”.

واستكمل “الحركة المدنية متنوعة، بها أحزاب سياسية مختلفة، ومن المتوقع حدوث مثل هذا النوع من الخلافات، كما حدث قبل ذلك في انتخابات 2020 البرلمان، عندما قررت أحزاب المصري الديمقراطي، والعدل، والإصلاح والتنمية، خوض الانتخابات، وعندما رفضت بعض أحزاب المعارضة في بداية الحوار الوطني، تمثيل وجهة نظر موحدة”.

واختتم “جزء كبير من الحركة المدنية شارك في الانتخابات الرئاسية، ولا أعتقد أن الحركة تنتهج المعارضة المطلقة”.

طلعت خليل

مصير الحركة 

ويرى عضو المجلس الرئاسي بحزب المحافظين(أحد أحزاب الحركة المدنية) ، طلعت خليل أن مستقبل الحركة بعد الانتخابات الرئاسية سيكون أقوى، وستصبح “ملتفّة على قلب رجل واحد”، بحسب قوله.

ويُضيف “بانتهاء الانتخابات الرئاسية يزول السبب في تجميد حزبي العدل والمصري الديمقراطي عضويتهما داخل الحركة، ونأمل في عودتهما إلى الحركة سريعًا نظرا لأهميتهما”.

وحول ما أثاره النائب مصطفى بكري، بأن الحركة المدنية تسعى دائمًا إلى تبني مواقف ضد السلطة، يقول خليل “هذا الأمر غير صحيح، لا نتبنى موقفًا ضد السلطة، إنما نقف بجوار الشعب وتطلعاته، ومواقفنا تنبع من احترامنا للدستور والقانون”.

search