الأربعاء، 15 يناير 2025

05:22 م

الضغط أو الدبلوماسية.. كيف سيتعامل ترامب مع إيران و"سلاحها النووي"؟

دونالد ترامب

دونالد ترامب

A .A

هل ستتبنى إدارة الرئيس الأمريكي القادم دونالد ترامب سياسة الضغط الأقصى أم ستلجأ إلى مسار الدبلوماسية مع إيران؟ وكيف ستتعامل مع نظام إيراني ضعيف لكنه لا يزال يشكل تهديدًا خطيرًا؟ وهل يمكن تحقيق توازن بين منع إيران من امتلاك السلاح النووي والحد من نفوذها الإقليمي؟

هذه التساؤلات ستظل تطرح نفسها على الرئيس القادم لا سيما في ظل المتغيرات التي طرأت على المشهد في الأشهر الأخيرة من إدارة الرئيس جو بايدن.

قرار مهم أمام ترامب

يقول المحلل لورانس هاس، في تقرير نشرته مجلة “ناشونال إنتريست” الأمريكية، إنه مع مواجهة إيران انتكاسات جيوسياسية، سيجد الرئيس ترامب نفسه قريبًا أمام قرار مهم: هل يزيد الضغط على طهران لإضعاف النظام أكثر، أم يستغل هذا الضعف لمحاولة التفاوض على اتفاق بشأن القضايا النووية وغيرها؟

وبدأ خبراء السياسة الخارجية بالفعل في تقديم آرائهم حول الخطوات المفضلة. فمثلًا، اقترح رئيس مجلس العلاقات الخارجية الفخري ريتشارد هاس، أن يسعى ترامب إلى “تحقيق الهدف الطموح المتمثل في إعادة تشكيل سياسة إيران الأمنية الوطنية من خلال الدبلوماسية، ولكن دبلوماسية تُمارس على خلفية الاستعداد والقدرة على استخدام القوة العسكرية إذا رفضت طهران معالجة المخاوف الأمريكية والغربية بشكل كاف”.

اتفاق يخدم المصالح الأمريكية

ويرى هاس أن هذا الاقتراح يبدو معقولًا، على الأقل ظاهريًا. ومع ذلك، فإن تاريخ السنوات الـ12 الماضية يشير إلى أنه ينبغي على الرئيس الجديد عدم التسرع في دعوة طهران للتفاوض على أمل التوصل إلى اتفاق يخدم المصالح الأمريكية.

ويقول إن استنزاف قوة إيران منذ خريف 2023 كان مذهلًا بكل المقاييس. وعندما عبرت حركة حماس حدود إسرائيل مع غزة وقتلت 1200 شخص، وعندما أطلق “حزب الله” وابلًا متواصلًا من الصواريخ من لبنان، بدت طهران واثقة بشكل متزايد من تحقيق هدفها المتمثل في تدمير الدولة اليهودية.

ولكن بعد خمسة عشر شهرًا، نجحت إسرائيل في تدمير قدرة حماس على شن هجوم كبير آخر، بينما قضت على قيادات “حزب الله”، وقللت من أعداد مقاتليه، ودمرت ما يصل إلى 80% من ترسانته الصاروخية.

سقوط بشار الأسد

ومع انشغالها بمصاعب حماس وحزب الله وضعفها بسبب تبادل الصواريخ المباشر مع إسرائيل، الذي أظهر قوة تل أبيب وضعف إيران، لم تتمكن طهران من منع سقوط بشار الأسد، أهم حلفائها الإقليميين.

والآن، سحبت إيران معظم قواتها من سوريا، حيث لا يتمتع المتمردون الذين أطاحوا بالأسد بأي ود خاص تجاه الجمهورية الإسلامية، ما ترك طهران بدون "الجسر البري" لتسليح حزب الله.

ومع ذلك، يرى هاس أن إيران تظل تهديدًا خطيرًا ليس فقط لحلفاء ومصالح أمريكا الإقليمية، بل أيضًا للاستقرار العالمي، ما يجعل طهران في مقدمة جدول الأعمال السياسي الخارجي لفريق ترامب الجديد.

تخصيب اليورانيوم و"نقطة اللاعودة"

ومع قيام إيران الآن بتخصيب المزيد من اليورانيوم بالقرب من درجة نقاء تُستخدم في تصنيع الأسلحة، صرّح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن البرنامج النووي الإيراني قد يكون قريبًا من "نقطة اللاعودة"، مما يترك للغرب وقتا أقل وخيارات محدودة لمنع الواقع المزلزل المتمثل في امتلاك إيران أسلحة نووية.

وفي الوقت نفسه، يواصل الحوثيون في اليمن إطلاق الصواريخ على إسرائيل، بينما يعطلون الشحن العالمي في الممرات المائية الإقليمية، ما يضيف مليارات الدولارات إلى تكاليف الشحن الدولية، ويرفع أسعار السلع الاستهلاكية، ويدفع ما لا يقل عن تسع وعشرين شركة شحن عالمية كبرى إلى تجنب قناة السويس والإبحار حول أفريقيا، ما يؤثر فيما يصل إلى 85 دولة.

ويتساءل هاس: كيف ينبغي لترامب أن يتعامل مع إيران التي أصبحت أضعف ولكنها لا تزال تشكل خطرا، ومع الوكلاء في "محور المقاومة" الخاص بها؟

خدمة الرسائل المالية العالمية

في أوائل عام 2013، واجه الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما معضلة مشابهة. فقد تركت سنوات من العقوبات وقرار نظام "سويفت"، خدمة الرسائل المالية العالمية، بوقف تعاملاته مع البنوك الإيرانية، الاقتصاد الإيراني في حالة انهيار. وانكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تقارب 6%، وارتفع التضخم إلى 45%، بينما بلغت البطالة 10%. وبحلول مايو/أيار 2013، انخفضت صادرات النفط إلى 700 ألف برميل يوميا (بعد أن كانت 2ر2 مليون في نهاية عام 2011).

ومع تعثر الاقتصاد الإيراني وتعرض نظامه المكروه لوضع خطير محتمل، خفف أوباما من ضغطه وركز على التفاوض للتوصل إلى اتفاق يقيد البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات.

وسواء قبل توقيع الاتفاق أو بعده، عبّر أوباما عن أمله في أن يؤدي الاتفاق (خطة العمل الشاملة المشتركة) الموقع في يوليو 2015 بين إيران وست قوى عالمية، إلى تقليل التوترات بين واشنطن وطهران وتعزيز التعاون بشأن قضايا إقليمية أخرى.

 صفقة مليئة بالثغرات

ونتيجة ذلك هي صفقة مليئة بالثغرات تفتقر إلى الوسائل التي تمنع طهران من تطوير برنامجها النووي سرا والتي ستنتهي صلاحيتها تدريجيًا على مدى عشرين عاما أو نحو ذلك، واقتصاد إيراني معزز أدى إلى استقرار النظام، وبفضل تخفيف العقوبات، نظام لديه مليارات الدولارات الإضافية لتوسيع جيشه وتمويل "شبكته الإرهابية" ومتابعة طموحاته في الهيمنة.

ويتساءل هاس: ماذا ينبغي أن يفعل ترامب، الذي سحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في 2018، الآن؟

أولا وقبل كل شيء، يجب ألا يكرر خطأ أوباما بالسعي إلى اتفاق مع طهران بأي ثمن، ما يؤدي إلى إبرام اتفاق معيب.

حملة "الضغط الأقصى"

وفي الوقت الحالي، ينبغي عليه إعادة فرض حملته "الضغط الأقصى" من القيود المالية على إيران (كما وعد)، وإيضاح استعداده لاتخاذ جميع الخطوات العسكرية وغيرها لمنع إيران نووية (كما ألمح)، وحشد الدول ذات التفكير المماثل لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد الحوثيين لحماية الشحن العالمي، وتحميل طهران مسؤولية السلوك المدمر لعملائها الحوثيين.

ويخلص هاس إلى أن الوقت لم يحن بعد للدبلوماسية.

search