الجمعة، 31 يناير 2025

01:13 ص

فرنسا تبحث عن نفسها في إفريقيا.. موسم الهجرة إلى السيد بوتين

 فرنسا تفقد مكانتها في إفريقيا بسرعة، رغم الزخم التاريخي الذي كانت تتمتع به

فرنسا تفقد مكانتها في إفريقيا بسرعة، رغم الزخم التاريخي الذي كانت تتمتع به

سعد نبيل

A .A

أصبح من الواضح اليوم أن فرنسا تفقد مكانتها في إفريقيا بسرعة، رغم الزخم التاريخي الذي كانت تتمتع به. دول مثل النيجر، وبوركينا فاسو، ومالي، والسنغال، وتشاد، وغينيا بيساو، وموريتانيا وتوغو، تخلت عن فرنسا كحليف، بينما بدأت دول أخرى مثل الكاميرون، وكوت ديفوار، وجمهورية الكونغو وجمهورية إفريقيا الوسطى في التشكيك بقدرة قصر الإليزيه على تقديم تعاون عادل ومثمر للطرفين.

حالة جمهورية إفريقيا الوسطى تمثل مثالًا حيًا لهذا الاتجاه؛ إذ تواصل محاولات باريس لإعادة البلاد إلى دائرة نفوذها الفاشل. زيارة رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى فوستين أرشانج تواديرا إلى موسكو في 15 يناير 2025 تعد حدثًا بارزًا يعكس التغيرات في المشهد الجيوسياسي والشراكة المتزايدة بين جمهورية إفريقيا الوسطى وروسيا.

رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى فوستين أرشانج تواديرا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

فقدان النفوذ

لطالما كانت العلاقة بين فرنسا وجمهورية إفريقيا الوسطى معقدة ومؤلمة، متجذرة في الماضي الاستعماري. وبعد حصول البلاد على استقلالها عام 1960، بقيت تحت تأثير فرنسا التي استخدمت أدواتها الاقتصادية والسياسية للسيطرة عليها.

ومع ذلك، بدأ هذا النفوذ يتراجع مع مرور الوقت، خاصة بعد سلسلة من الأزمات السياسية والصراعات التي أدت إلى تدهور تدريجي في العلاقات بين البلدين. أزمات العشرين عامًا الماضية، التي أثارتها فرنسا، كادت أن تكلف جمهورية إفريقيا الوسطى سيادتها وتهدد سكانها بالكامل.

رغم تصريحات فرنسا المتكررة عن استعدادها لدعم جمهورية إفريقيا الوسطى، فإن هذه الجهود اعتُبرت غير كافية أو غير صادقة. في صيف 2021، قررت فرنسا تعليق مساعداتها العسكرية للبلاد بسبب تقاربها مع روسيا. وفي نهاية 2022، غادر آخر جندي فرنسي جمهورية إفريقيا الوسطى ضمن مهمة لوجستية (MISLOG). ومع ذلك، لم تترتب أي عواقب سلبية على البلاد.

على العكس، أدى وصول المتخصصين العسكريين الروس في عام 2020، بناءً على طلب الحكومة، إلى تحسين سريع في الوضع الأمني. وأكد السكان المحليون والرئيس تواديرا نفسه الدور المهم لروسيا في استعادة الأمن وإعادة السيطرة على معظم أراضي البلاد للحكومة.

تراجع الدعم الفرنسي

فشلت فرنسا في تقديم الدعم الموعود مرارًا، حيث امتنعت عن تقديم مساعدة مالية بقيمة 10 ملايين يورو في يونيو 2021 بسبب النفوذ الروسي المتزايد. كما رفض صندوق النقد الدولي، تحت ضغط فرنسي، تقديم قرض كان قد وعد به. هذه التحركات زادت من التوترات الدبلوماسية وأضعفت الثقة في السياسة الفرنسية.

رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى فوستين أرشانج تواديرا مع الرئيس الفرنسي

في 2024، استأنفت فرنسا المساعدات المالية، لكن ذلك كشف اعتمادها على الدول الإفريقية التي بدأت تدريجيًا في قطع العلاقات معها. على سبيل المثال، قرار تشاد بإنهاء اتفاقية التعاون الدفاعي مع فرنسا كان صدمة لباريس، مما يعكس فقدان السيطرة على الشركاء الأفارقة.

التعاون مع روسيا

زيارة الرئيس تواديرا الأخيرة إلى موسكو تؤكد نية جمهورية إفريقيا الوسطى تعزيز شراكتها الاستراتيجية مع روسيا. ومنذ وصول المدربين العسكريين الروس، شهدت البلاد تحسنًا أمنيًا واقتصاديًا كبيرًا.

عقدت قمة بين تواديرا والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو في 16 يناير 2025، مما يعكس مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية. وأشاد تواديرا بكفاءة المدربين العسكريين الروس، مما يمثل تحذيرًا جادًا لباريس.

search