الجمعة، 22 نوفمبر 2024

02:01 ص

"الخليفة المنتظر" أحمد فتوح.. العاشق يبدل قميص العمر

فتوح

فتوح

سعيد علي

A A

عُرف منذ طفولته بعشقه للزمالك، وكان اللون الأبيض في مخيلته هو “قميص العمر” الذي يحرس أحلامه، كما تهافت وغنّى باسمه طفلا متحمسا من مدرج “العاشقين” في “التالتة يمين”، قبل أن ينقلب الحال ويتبدل الود ويسود الصدام.

يقول الدكتور مصطفى محمود إن المشاعر وحدها ليست كافية لاستمرار العلاقات طويلًا، فالحب يتغير لكراهية، والحنان يصبح قسوة، أما الضمانة الأكبر للبقاء فهي “التعقل”، أن يعطي كل طرف الآخر قدرًا من الاحترام المتبادل.

ربما كانت نظرة “محمود” وكلماته، مرتبطة بالعلاقات الإنسانية، بين الزوج والزوجة، الحبيب ومحبوبته، الأصدقاء معًا، لكن في حكايتنا تبدو الأمور مغايرة، فالعاشق كان طفلًا، والمعشوق كيانا. ذلك الكيان الذي أقسم له العاشق صغيرًا: “واسمع كلامي.. أنا جنب النادي وعمري ما همني أسامي”.

حمل حقيبته، ومن أحياء “السلام” انطلق نحو حلمه الأكبر، كان نادي إسكان مدينة نصر مجرد محطة، تجهّزه لموعد اختبارات الزمالك، تلك الاختبارات التي كانت بمثابة “الماستر سين” في فيلم تسجيلي يستحوذ على عقله ويحتل وجدانه ليل نهار، باليقظة والمنام.

أحمد فتوح - لاعب الزمالك 

لقد أعجب المراهق أحمد فتوح في سن الـ15 مدربي الزمالك، لكنهم تكاسلوا عن دفع 3 آلاف جنيه لناديه في مدينة نصر لمنحه الاستغناء.

إنبي عرض على النادي 50 ألف جنيه لإقناع “فتوح” باختيار الفريق البترولي، لكن “الولد الولهان” بحب مدرسة الفن والهندسة، ذهب إلى مدرب ناشئي الزمالك، طارق السيد، يترجّاه: “إنبي مستعد لدفع أي شيء.. أرجوك تحرك.. لا أريد غير الزمالك”.

 اضطر ناديه في إسكان مدينة نصر لرفض 50 ألفاً من إنبي والموافقة على 20 ألفاً في الزمالك، لأنهم يعرفون أن “الولد المتيم” مستعد ألا يمارس كرة القدم ثانية، لو حُرم من الانتقال للأبيض. 

صيف 2013 كان محوريًا في حكاية “فتوح - الزمالك”، تلك الحكاية التي كانت شبيهة في بداياتها، بحكايات أيمن بهجت قمر التي غناها عمرو دياب في 1999، أي بعد عام واحد من ميلاد “فتوح”: "أولها غرام.. وتانيها.. أيام بيفرح بيها"، أما آخرها سنحاول الخوض في رحلة البحث عنه، علها لا تكون "زيها زي غيرها".

في 26 يوليو 2016 سخر مرتضى منصور من صفقة الأهلي آنذاك علي معلول، واتهم إدارة النادي وقتها تحت قيادة محمود طاهر بالجنون، فكيف لها أن تدفع 700 ألف دولار في “باك شمال”، كما يقول.

بعد التصريح اشترى رئيس الزمالك في نفس المركز، علي فتحي، وشريف علاء، ومؤيد اللافي، ومحمد ناصف، واضطر لاستبدال مراكز حمادة طلبة وعبد الله جمعة، لحل الأزمة، 6 لاعبين كلفوا خزينة الزمالك أضعاف الرقم الذي دفُع في “معلول”، ولم تفلح.
 

أحمد فتوح  خلال التدريبات 

في 15 فبراير 2017، وجد الزمالك أخيرًا حلًا للأزمة، حين شارك الشاب الواعد، أحمد فتوح، لأول مرة أمام الإنتاج الحربي، في عمر الـ 19 عامًا، بعدما أصيب محمد ناصف آنذاك.

من الوهلة الأولى اتفق الجميع، محبّون ومنافسون، وربما الحاقدون أيضا: "سيكون هذا الولد ظهير مصر الأول لسنوات طويلة مقبلة.. لقد فاز الزمالك بكنز".
لكن لم يدرِ مسؤولوه أنه سيكون حلًا لمعضلة الأهلي، لا الزمالك، ولغرابة الأقدار فإن النادي الذي بذل الكثير من المال والجهد والتجريب لإيجاد منافس الظهير التونسي - الذي تسبب في صداع للمستشار- قد وهب منافسه خليفة “معلول” المنتظر.. على ما يبدو أن قصة العاشق ستتخذ مسارًا آخر عكس التيار بعد قليل.

قبل قرابة عام، حاول “فتوح” عرض نفسه على الأهلي، لم يُرد مسؤولو القلعة الحمراء الانجرار وراء ما اعتبروه محاولة اللاعب ابتزاز ناديه، الذي يخوض مع مسؤوليه بقيادة “منصور” آنذاك معركة حامية، انتهت باتهامه بتعاطي المخدرات.

 وفي أغسطس الماضي، استقبل ظهير الزمالك اتصالًا من وكيل اللاعبين أحمد يحيى يبلغه: “الأهلي يريدك.. تحدث معي أمير توفيق وأبلغتهم ترحيبك”.

 يعرف “يحيى” جيدًا موقف موكله، فتوح محاصر بالديون المؤجلة، لم يعد طفل السلام البريء الذي يستقلّ الأتوبيس العام يوميًا إلى ميت عقبة، وأصبح مطالبا بسداد ثمن سيارات، إحداها تجاوز 13 مليون جنيه.

أحمد فتوح يتوسط لاعبي الأهلي بتدريبات المنتخب 

في سبتمبر الماضي، داخل منزل “يحيى”، وفي حضور محمود عبد المنعم “كهربا”، وأمير توفيق، وقّع اللاعب على عقود انتقاله للأهلي، صحيح طلب الاحتفاظ بها، لكن يؤمن الجميع في الأهلي والزمالك أن كل شيء انتهى.

 رحلة 133 مباراة مع الزمالك - تخللها إعارات قصيرة في إنبي وسموحة- حوّلها “الطفل العاشق” إلى محطة تنقله إلى الأهلي، تمامًا مثلما كان نادي إسكان مدينة نصر محطة تؤهله لاختبارات الزمالك. 

لم يمنح الزمالك وفتوح، كلاهما، الاحترام الكافي للآخر، تعرّض اللاعب للسب والطعن من إدارة سابقة، وتمرّد هو على الإدارة الحالية، فجاءت المحصلة النهائية كما النتيجة التي توصّل إليها مصطفى محمود: “المشاعر وحدها لا تكفي”، و"العاشقون قد يغيّرون من يعشقون".

search