الجمعة، 07 فبراير 2025

04:01 ص

عيد "لا كانديلاريا".. بيرو تحتفل بالعذراء عبر 50 ألف راقص

كرنفال "دي لا كانديلاريا"

كرنفال "دي لا كانديلاريا"

سيد مصطفى

A .A

في هذا الوقت من كل عام، تتحول مدينة بونو في بيرو إلى مركز الفلكلور العالمي، حيث يستقطب كرنفال "دي لا كانديلاريا"، المقام على ضفاف بحيرة تيتيكاكا، آلاف الزوار من مختلف أنحاء العالم، بحسب موقع "بيرو هوب".

أضخم مهرجانات بيرو وثالث أكبر احتفال في أمريكا الجنوبية

يُعد مهرجان كانديلاريا الحدث الثقافي الأكبر في بيرو والثالث في أمريكا الجنوبية بعد كرنفالي ريو دي جانيرو في البرازيل وأورورو في بوليفيا، وذلك بفضل عروضه الفنية المبهرة وأزيائه الفلكلورية الغنية بالألوان. 

ومنذ عام 1960، يُقام المهرجان سنويًا دون انقطاع، ويضم حوالي 50 ألف راقص و15 ألف موسيقي، يرتدون أزياء تقليدية ملونة، ليقدموا عروضًا غامرة بالحيوية والطاقة الإيجابية التي تلهب حماس الجماهير، بينما يشارك نحو 25 ألف شخص في إعداد الأزياء ودعم الفعاليات.   

تبدأ التحضيرات للمهرجان منذ ديسمبر، فيما تنطلق الاحتفالات رسميًا في 2 فبراير، وهو اليوم المخصص للعبادة الرئيسية.

يجذب المهرجان، الذي يمتد لأسبوعين، محبي الفنون والتقاليد الاستعمارية والشعائر الأصلية، مقدّمًا عروضًا استثنائية من الرقصات والاستعراضات الفلكلورية.

وبفضل القيمة الفنية والثقافية للمهرجان بالنسبة للشعب البيروفي، أعلنت بيرو المهرجان تراثًا ثقافيًا وطنيًا عام 2003.

 

الأصل والتاريخ: من موكب نجاة إلى تقليد سنوي

تعود جذور هذا الاحتفال لعام 1781، عندما كانت بونو محاصرة من قبل قوات توباك أمارو، وجد السكان أنفسهم في خطر، فقاموا بإخراج صورة العذراء في موكب ليلي مضيء بالشموع، برفقة عازفي الناي التقليدي (السيكوري). 

أدى هذا المشهد الغامض إلى إرباك الغزاة ودفعهم إلى الانسحاب، حيث تشير بعض المصادر إلى أنهم اعتقدوا أن المدينة محمية بجيش ضخم

 

وأياً كان السبب، فقد نسب السكان نجاتهم إلى معجزة إلهية، ومنذ ذلك الحين أصبح المهرجان تعبيرًا عن الامتنان والولاء للعذراءرابط بين الكاثوليكي والروحانية الأنديزية.

الإيمان الكاثوليكي والروحانية الأنديزية

في مطلع فبراير، تنطلق مئات الفرق الفنية في موكب مهيب يعكس غنى الإرث الثقافي للمنطقة، حيث يجتمع الفن والروحانية لتكريم السيدة العذراء دي لا كانديلاريا، شفيعة مدينة بونو.

ويعد "فييستا دي لا كانديلاريا" حدثا ثقافيا ضخما يجمع بين الإيمان الكاثوليكي والروحانية الأنديزية في تكريم للسيدة العذراء دي لا كانديلاريا، التي ترمز إلى الخصوبة والطهارة، وتعد شفيعة المدينة، ويعكس المهرجان الرابط المشترك بين الديانتين، حيث يتم الاحتفاء بالعذراء باعتبارها تجسيدًا لـ"باتشاماما" (أم الأرض) في المعتقدات الأنديزية. 

ونظرًا لأهمية هذا المهرجان  الثقافية والحضارية، أدرجته منظمة اليونسكو بقائمة التراث الثقافي غير المادي للإنسانية عام 2014.

الاستعداد للاحتفال

وقبل انطلاق المهرجان بأيام، يعكف الراقصون على التدرب بشوارع المدينة، بينما يقوم المتطوعون بإعداد المعبد والطقوس الدينية.

1 فبراير: طقوس الفجر 
 

في ساعات الفجر الأولى، يصعد المنظم الرئيسي (الألفيرادو) إلى قمة جبل أزوغيني برفقة مجموعة من السكان، حيث يؤدي طقوسًا دينية تكريماً للعذراء.

الموكب الديني 

في فترة الظهيرة، يحتشد الناس خارج كنيسة سان خوان باوتيستا، حيث تنطلق المسيرة التقليدية للعذراء عبر شوارع المدينة، وأثناء مرورها، يقدم السكان بتقديم أوراق مكتوبة بصلواتهم وأمنياتهم، طالبين بركتها وحمايتها.


تُقام المراسم الدينية في مزار السيدة العذراء دي لا كانديلاريا، حيث يتوافد الحجاج والقادة المحليون إلى المدينة، ويشارك البعض في طقوس إشعال النار بالأعشاب بعد عروض الألعاب النارية.

 المسابقات الراقصة والاستعراضات الفلكلورية

يعتبر ملعب توريس بيلون أحد أبرز محطات الاحتفال، حيث تُبث شاشات التلفزيون اثنتان من أهم المسابقات الراقصة، بمشاركة 150 فرقة فلكلورية، تمثل شعبي الكيتشوا والأيمارا، الأصليين، بحسب موقع “بيرو ترافيل” البيروفي.

 

اليوم الرئيسي للمهرجان


تشهد المدينة يومًا حافلًا بالطقوس الدينية والرقصات الفلكلورية والعروض الاحتفالية، وتبدأ المسيرة الكبرى للعذراء في تمام الساعة 2 ظهرًا وسط أجواء احتفالية.

مسابقة الرقص الكبرى
 

يُقام عرض راقص استعراضي تكريمًا للسيدة العذراء، حيث يتبارى المشاركون أداء رقصات تقليدية بملابس مزخرفة وأقنعة فريدة، وسط أجواء مفعمة بالحيوية.

رقصات الشوارع والموسيقى


تتحول شوارع وساحات بونو إلى مسرح مفتوح لرقصات غير رسمية، ويبدأ عرض موسيقي مميز في الساعة 6 مساءً.

مسابقة الأزياء المضيئة


يتنافس الراقصون في "المسابقة الكبرى للأزياء المضيئة"، حيث يقدمون عروضًا مبهرة من الساعة 7 صباحًا حتى 5 مساءً.

 

المسيرة الكبرى تكريمًا للعذراء
 

يشهد يومي 11 و12 فبراير ذروة المهرجان، حيث تقام "المسيرة الكبرى تكريمًا للعذراء دي لا كانديلاريا"، والتي تمتد لمسافة 4 كيلومترات،  ليُختتم المهرجان بحفل توزيع الجوائز على أفضل فرق الرقص.

تحمل صورة السيدة العذراء دي لا كانديلاريا ملامح نبيلة، حيث تظهر ممسكة بالطفل يسوع على ذراعها الأيسر، وسلة على ذراعها الأيمن.

 

وتتميز  العذراء دي لا كانديلاريا بردائها الفاخر  الذي يميزها عن أي احتفال آخر للعذراء المصنوع من أجود أنواع الأقمشة مثل الحرير.

ويطرّز رداء العذراء بالخيوط الذهبية والأحجار الكريمة، حيث تمتلك العذراء 105 عباءات مختلفة تستخدمها في الاحتفالات.

ويحيط بأسطورة هذه الصورة المقدسة روايتان شعبيتان: الأولى أن العذراء ظهرت لرجل محلي كان يحرس أرضًا بالقرب من جبل هواخساباتا، على ضفاف بحيرة تيتيكاكا.

 

والرواية الثانية، فإن العذراء خرجت مباشرة من مياه البحيرة، كرمز لحمايتها للمدينة وسكانها.

رقصة "الديابلادا" الشهيرة

يزداد الإقبال السياحي على المهرجان ولا تقتصر الفعاليات على المواكب الدينية والرقصات الفلكلورية، بل تشمل عروضًا تنافسية مثل رقصة "الديابلادا" الشهيرة.

يحرص المشاركون في  رقصة "الديابلادا" الشهيرة على ارتداء أزياء تنكرية مبهرة مستوحاة من الأساطير المحلية البيروفية.

search