"للمرة الثانية نستقبل الشهر دون منزل".. كيف تعيش غزة رمضان وسط الركام؟

رمضان في غزة
سيد محمد
تشعر وكأن الحياة تدب من وسط الموت، عندما ترى لقطات رمضان من داخل قطاع غزة، بعد أن افترسته الحرب على مدار 15 شهرًا من الإبادة الجماعية، التي حصدت أرواح الآلاف، ولم تترك سوى الركام وحطام المنازل.
نستقبل رمضان للمرة الثانية دون منزل
”أطفالي يسألون عن فانوس رمضان، لكننا لا نملك حتى ثمن الطعام" بتلك الكلمات يستهل حازم عوني الصوراني رئيس هيئة فلسطين العربية للإغاثة والتنمية الأهلية المقيم في غزة، حديثه عن أحوال سكان القطاع في رمضان هذا العام.

وأكد الصوراني، في تصريح لـ"تليجراف مصر"، أن العديد من العائلات التي فقدت منازلها تستعد لاستقبال رمضان في الخيام، إذ أصبح في كل شارع خيمة، قائلاً: “هذه هي المرة الثانية التي نستقبل فيها رمضان دون منزل”.
وأضاف رئيس هيئة فلسطين العربية، أنه لا توجد قوة شرائية، فقد الناس أعمالهم، ولم يعد لديهم المال لشراء حتى الأساسيات، وتشير التقديرات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي انخفض بنسبة 82%، وارتفعت البطالة إلى 80%، مما يجعل رمضان هذا العام الأكثر قسوة.

ولفت الصوراني إلى أن أهالي غزة يستقبلون شهر رمضان المبارك في عام 2025 بقلوب مثقلة بالحزن، وسط دمار واسع النطاق نتيجة الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، مبينًا أن مظاهر الفرح والاحتفال تغيب عن هذا الشهر الفضيل، حيث تبدو الأسواق خاوية، والزينة الرمضانية غائبة، مما يعكس الواقع الأليم الذي يعيشه السكان.

تخصيص 400 مصلى مؤقت بعد تدمير المساجد
ويستكمل الصوراني حديثه قائلاً :“جميع المساجد حولنا دُمرت، ولا نعرف كيف سنصلي التراويح أو قيام الليل”، حيث استهدف الاحتلال أكثر من 1109 مساجد، منها 834 دُمرت بالكامل، ما يعادل 89% من مساجد غزة، ورداً على ذلك، أعلنت وزارة الأوقاف الفلسطينية إنشاء 400 مصلى مؤقت في جميع أنحاء غزة لاستقبال شهر رمضان، بهدف تمكين السكان من أداء الصلوات والشعائر الدينية في هذا الشهر الكريم.

الأسواق والزينة الرمضانية
وأفاد رئيس هيئة فلسطين العربية، بأنه في الأعوام السابقة، كانت الأسواق تكتظ بالمتسوقين، والشوارع تتزين بالفوانيس والأضواء، أما هذا العام، فقد اختفت هذه المظاهر تمامًا.

وذكر الصوراني أنه لم يتم استيراد أدوات زينة رمضان هذا العام، فالأجواء حزينة، والحزن يطغى كل شيء، ولم يعلقوا أي زينة هذا العام احترامًا للمأساة التي يعيشها السكان وعائلات الشهداء والجرحى والأسرى في سجون الاحتلال رغم توفر بعض المواد الأساسية، إلا أن ارتفاع الأسعار يفوق قدرة المواطنين الذين فقدوا مصادر دخلهم بسبب تدمير الاقتصاد.

رمضان بدون مساعدات إنسانية
وتطرق رئيس هيئة فلسطين العربية للإغاثة والتنمية الأهلية المقيم في غزة، إلى المساعدات الإنسانية، مبينًا أنه رغم دخول "اتفاق وقف إطلاق النار" حيز التنفيذ في 19 يناير 2025، لا يزال الاحتلال يعوق وصول المساعدات، مما يفاقم الأزمة الإنسانية في غزة.
وأكد الصوراني، أن المساعدات الغذائية التي كانت تدخل مع بداية الشهر الفضيل كانت لا تكفي لسد احتياجات المواطنين، وهناك مئات الآلاف من العائلات التي تعيش في ظروف مأساوية، في ظل هذه الظروف القاسية، ويستقبل أهالي غزة شهر رمضان بصبر وإيمان، آملين في غد أفضل يعم فيه السلام والرخاء.
بينما أوضح عامر الفرا، الإعلامي الفلسطيني في قطاع غزة، أن إغلاق المعابر أثر بشكل كبير على الحياة في غزة، لأنه حتى مع دخول المساعدات فإنها قليلة بالمقارنة باحتياجات السكان، وكلها يتم استهلاكها.
وأكد الفرا، في تصريح لـ"تليجراف مصر"، أن المخازن والمولات والأسواق تم قصفها واستهدافها أثناء الحرب، ولذلك كانت يتم استهلاك المساعدات بشكل يومي، ولا يوجد خزين ولذلك ارتفعت الأسعار بمجرد إغلاق المعبر، كما اختفت العديد من السلع.
رمضان بطعم الصمود
“دائما يتزامن شهر رمضان مع حروب”، بتلك الكلمات أوضحت نسرين عبد المنعم أبو عمرة، القيادية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أن شهر رمضان المبارك، ورغم كونه شهر الخير والبركة، يتزامن دائمًا مع تصاعد العدوان الإسرائيلي، إلا أن الحرب الأخيرة، التي يشنها الاحتلال تحت مسمى "طوفان المجازر"، فاقت كل الحروب السابقة بشراستها واستهدافها الممنهج للحجر والبشر والشجر.

وأكدت أبو عمرة أن قطاع غزة يشهد إبادة جماعية حقيقية، حيث لم تسلم البنية التحتية ولا المدنيون من القصف العنيف، في ظل صمت دولي غير مبرر تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني.
وأوضحت أن الفلسطينيين يصرون على استقبال شهر رمضان بروح الصمود، رغم المعاناة القاسية التي يعيشونها نتيجة استمرار العدوان والحصار.
المرأة الفلسطينية تتحمل العبء الأكبر
وتطرقت أبو عمرة إلى أحوال المرأة الفلسطينية في رمضان هذا العام، واصفة حالها بأنها “تعبت بكل مافيها من ألم كلمة تعبت، حيث تتحمل العبء الأكبر في ظل هذه الظروف القاسية، وتعاني من انعدام الكهرباء والماء وغياب مقومات الحياة اليومية".
وأشارت القيادية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، إلى أن الأسر لا تمتلك أموالا لشراء ما يلزمها في رمضان، وذلك بسبب المشقة الكبيرة في تأمين احتياجات الأسرة الأساسية من الغذاء والدواء، وسط أزمة اقتصادية خانقة تجعل القدرة على شراء المستلزمات الضرورية شبه مستحيلة.

ولفتت أبو عمرة، إلى أن النساء في غزة يعشن أوضاعًا مأساوية داخل خيام لا تقيهن البرد أو الحر، ويواجهن صعوبات مضاعفة في تدبير أمور الصيام والسحور وسط الظلام ونقص المواد الأساسية، خاصة بعد إغلاق المعابر وتشديد الحصار.
ورغم كل هذه المحن، أكدت أبو نمرة أن المرأة الفلسطينية تبقى رمزًا للصمود والتحدي، وتواصل نضالها بثبات، وترفض كل المخططات الرامية إلى تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، مؤكدة أن الوطن هو الأغلى، ولن يتخلى الفلسطينيون عنه مهما بلغت التضحيات.

أخبار ذات صلة
جنود الاحتلال "بلا عمل" بعد الهدنة في غزة
06 مارس 2025 08:23 م
من كينيدي إلى ترامب.. كيف تغيرت السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل
06 مارس 2025 05:31 م
حرب البيض وضرب الزوجات.. عادات رمضانية غريبة حول العالم
06 مارس 2025 02:30 م
عبد الظاهر السقا.. رحلة تألق من المنصورة إلى الدوري التركي
05 مارس 2025 11:20 م
أكثر الكلمات انتشاراً