الإثنين، 31 مارس 2025

01:49 م

مسلسلات على قديمهُ

يبدو أن الكثير من المنتجين، ومعهم فرقهم من المخرجين والممثلين لا يزالون يتصورون أن المشاهد لا يزال لا يملك خياراً سوى إما ان يشاهدهم، أو أن يشاهد أحد منافسيهم من ذات (العجينة)،  وفي كلتا الحالتين، يتعاملون بمنطق (جُبرت)، فخبر بصحيفة، واستضافة ببدلة أنيقة، أو فستان عروس البحر، بنهاية رمضان، أو حتى ضمن صباحات أو سهرات عيد الفطر، كفيلة بأن يقتنع الجميع بأن المسلسل إياه (كسر الدنيا).

لكن الأمر لم يعد كذلك، وحتى من يجاري منهم (الجديد)، عبر التريندات المطبوخة، يبدو تماماً كذلك المراهق الخائب، الذي لم يعرف من دنيا الإنترنت سوى المواقع سيئة السمعة،  بدلاً من ان يستثمره في تنمية قدراته، واكتساب خبرات جديده تعود عليه بالنفع.

المشاهد اصبح يمتلك خيارات لا حصر لها، وبعد أن كان بعضهم لا يتردد أن يقول : "لا يعجبك المسلسل، بيدك الريموت وتستطيع أن تغير القناة)، الآن نفس المشاهد، يستطيع أن يلغي استقبال بث القمر الصناعي بأكمله، الذي يتقاطر عبره كل هذا الكم من الأعمال التي لا تناسبه، ولا تروق له، وليس بكبسة زر حتى في كل مرة، بل بأيسر من ذلك ربما.

كنا نسمع عن أن بعض المنتجين يصرون على ما يعتبرونه (الخلطة السحرية لإرضاء الجمهور)، والجمهور منهم بريء، بزج بعض مشاهد العنف والإثارة، وهو ما سارت عليه أفلام المقاولات، قبل أن يعيد استساخها منتجون معروفون بالإسم، لكن حتى وقت قريب كنا نتحدث عن الأعمال في دور العرض السينمائية، قبل أن تنتقل العدوى للمسلسلات، وخصوصاً ، خلال شهر رمضان، مع بعض الإضافات (المبهرة)، لتشمل الإثارة في السب والقذف، والالفاظ الخادشة، والمستبيحة لحرمة الأسرة، وغير ذلك من التوابل الفاسدة، وبالطبع إذا حضرت التوابل الفاسدة، فلا حديث يرجى عن القصة او السيناريو، او الإخراج والتمثيل، وغير ذلك من الفنيات.

شخصياً أعرف الكثير من الأسر لم تعد تشاهد المسلسلات المتكدسة في شهر رمضان، لأسباب كثيرة، منها سقوط رهانهم على كثير من النجوم، فبعدما كان من الممكن أن نقول سأشاهد عمل الممثل الفلاني، الذي يبهرنا كل رمضان، بعمل متعوب عليه يحمل مضامين جديدة، أصبح هذا الرهان أقرب لأن يخسره صاحبه، لأن الكبار أيضاً يسقطون في فخ اعمال التوابل الفاسدة للأسف.

تراجع مشاهدة المسلسلات في شهر رمضان حقيقة ملموسة، نستطيع أن نلمسها بأنفسنا، حتى لو امتلأت السوشيال ميديا بجدل عن بعضها، نعم بعض هذا الجدل حقيقي وتلقائي، لكن الكثير منه (مطبوخ)، وبعضه تفوح رائحته بعد محاولات بإثارة الجدل من أوساط منتفعة بافتعال ضجيج مصطنع حول مسلسلات بعينها.

المسلسلات المصرية عموماً الآن ليست هي كما كانت عليه قبل 5 سنوات من الآن حتى، فعربياً أصبح هناك منافسة معتبرة لها، فضلاً عن أن الأعمال العربية نفسها تعاني من منافسة متعددة الجنسيات، ثرية الإمكانات، والكفاءات...

 المعادلة تغيرت لكن هناك من يصر على أن يبقى على قديمهُ !!

search