الإثنين، 31 مارس 2025

02:33 ص

عصام أبو بكر
A A

خدعة التعاطف العالمي وتهجير الفلسطينين

شهدت العديد من المدن في العالم مظاهرات حاشدة وضخمه في بداية حرب غزة بعد أحداث 7 أكتوبر مباشرة، وكان الظاهر أنها دعم للقطاع وتنديد بالمجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين ومطالبة بوقف العدوان على القطاع.

الناظر إلى حجم هذه المظاهرات الضخمه المتعاطفة مع الفلسطينيين في العواصم الغربية يتضح له من الوهله الأولى أنها في صالح فلسطين والشعب الفلسطيني، فهي تظهر مدى تعاطف الشعوب الغربية مع القضية الفلسطينية ونصرة شعبها المظلوم في حقه في تقرير مصيره، لكنها في الحقيقة نظرة خادعة، فما يحدث من مظاهرات في العالم الغربي ليس هدفه التعاطف مع القضية الفلسطينية وإنما التعاطف مع الشعب الفلسطيني وليس القضية الفلسطينية وشتان بين التعاطفين.

فالتعاطف مع القضية الفلسطينية يعني عودة الحق لأصحاب الأرض ومساعدة الفلسطينيين في حقهم في تقرير مصيرهم وإقامة دولة فلسطينية على أرضهم وعودة اللاجئين إلى بيوتهم وأراضيهم التي سلبت منهم وهجروا من قراها منذ عام 1948 وهذا ما لا تريده أسرائيل ولا أمريكا، وإنما ما تريده أمريكا وإسرائيل، وهما المحركان الرئيسيان لهذه التظاهرات التي حدثت في عواصم أوروبا وأمريكا وكندا ومن ورائهم الحركة الصهيونية العالمية هو التعاطف مع الشعب الفلسطيني المظلوم والمقهور والمعذب بدافع الإنسانية فقط، وليس مع القضية الفلسطينية وطرد الاحتلال وإقامة دولة فلسطين، وقد حركوا أدواتهم لذلك واستخدموا كافة وسائل الإعلام في نقل هذه التظاهرات عبر العالم وفي كل العواصم الغربية وكانت أكبر هذه المظاهرات في لندن عاصمة بريطانيا صاحبة وعد بلفور.

كما استخدموا أدواتهم الإعلامية في نقل صورة المعاناة والعذاب وحرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة، ومنها قنوات عربية، لم يكن أغلب تقاريرها ذا طابع إخباري أو سياسي، بل كان ذا طابع إنساني، تتحدث عن المعاناة وحرب الإباده الذي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة وتنشر فيديوهات كلها قتل وتعذيب ودماء ومعاناة وتتخذ جانب المظلومية لجلب تعاطف جميع شعوب العالم مع الشعب الفلسطيني المعذب في غزه من باب "الإنسانية" فقط، وخاصة العالم الغربي يهتم جدا بالجانب الإنساني بغض النظر عن طبيعة الصراع.

وقد أسفرت هذه التغطية الإعلامية المسيسة عن جلب تعاطف جميع شعوب العالم مع الشعب الفلسطيني المظلوم، وترجم هذا التعاطف إلى مظاهرات في كل العواصم الغربية، تنديدا بما يحدث في غزة من مجازر ضد الشعب الفلسطيني الأعزل مما هيأ شعوب هذه الدول لاستقبال المهاجرين من قطاع غزة.

وقال عضو المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) ووزير المالية الإسرائيلي، سموتريتش، إن الحكومة "تعمل على تنفيذ خطة لترحيل سكان غزة إلى دول أخرى"، مشيرًا إلى تقدم في الاتصالات مع الإدارة الأميركية لتحديد الدول التي قد تستقبلهم، مشيرا إلى  أن خطة التهجير بدأت  تتحول إلى واقع،  وأن هناك تحركا الآن مع الإدارة الأمريكية، مضيفا بطبيعة الحال لا يمكنني الدخول في التفاصيل ولا يمكنني تحديد الدول أو المصالح المشتركة بين هذه الدول وأمريكا وهناك استعدادات لإنشاء مديرية هجرة كبرى جدًا داخل وزارة الجيش لأن الأمر في النهاية هو عملية لوجستية ضخمة.

 وأضاف فقط لأعطيكم فكرة: إذا قمنا بتهجير عشرة آلاف شخص يوميًا من غزة، فسيستغرق الأمر نصف عام، إذا هجرنا خمسة آلاف يوميًا، فسيستغرق عامًا، وبالطبع، هذا بعد الاتفاق مع الدول المستضيفة، لكن هذه عملية لوجستية  طويلة جدًا" إلي هنا انتهي كلام سموتريتش لكن يبدو أن هناك خطة بين إسرائيل وأمريكا علي تهجير الفلسطينيين الي مختلف دول العالم ويبدو أن هذة الخطة يعد لها منذ بداية أحداث

ولا شك أنه بعد كل هذه المظاهرات أصبحت جميع دول العالم وخاصة أوروبا وامريكا وكندا وبعض دول آسيا مهيأة لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين المهاجرين من غزة، فالتضامن الدولي  والتعاطف العالمي خلق حالة من التعاطف الشعبي والسياسي تجاه الفلسطينيين، مما سيكون عامل جذب قوي من قبل الشعوب لاستقبالهم كضحايا حرب وإبادة من قبل إسرائيل وهنا تكمن لعبة المظاهرات والتعاطف الدولي وهو تهيئة شعوب هذه الدول لاستقبال اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين وسيتم تهجير الفلسطينيين من خلال معابر جديدة متخصصة.

وأعتقد أنها ستكون متعددة، منها برية وبحرية، وحتى جوية، حيث ستفتح إسرائيل مجالها الجوي من خلال مطاراتها لمساعدة الفلسطينيين سواء في غزة أو في الضفة على الهجرة، من خلال شركات ومكاتب القطاع الخاص والحكومي وستعمل بتوجيهات سياسية وأمنية.

وبالمقابل أو على الجانب الآخر، خلقت هذه المظاهرات المتعاطفة مع الشعب الفلسطيني نتيجة حرب الإبادة التي تشنها عليهم إسرائيل في غزة أجواء ضخمة من العداء للسامية ونبذ الإسرائليين وبغضهم، وقد نشرت وسائل الإعلام بعضا من مظاهر معاداة الشعوب للإسرائيليين ونبذهم منها الحشود الضخمة التي اقتحمت مطار داغستان لمنع هبوط طائره تحمل إسرائيليين.
كل هذا الكره والبغض للإسرائيليين وتشويه صورة إسرائيل في العالم الخارجي حد من هجرة الإسرائيليين وجعلهم أكثر تمسكا وبقاء في إسرائيل وأكثر خوفا من الهجره خارجها لشعورهم بعدم الأمان إلا في إسرائيل ولإحساسهم بأنهم أصبحوا منبوذين من كل دول العالم، وهي عقدة قديمة تلاحق الإسرائليين مما يجعلهم أكثر تمسكا بالبقاء قي أسرائيل.

فالتعاطف مع الفلسطينيين خلق اتجاهين متضادين وكلاهما في صالح أسرائيل، فحالة التعاطف مع الفلسطينيين أصبحت عامل جذب للهجرة الفلسطينيين خارج فلسطين لشعورهم باستقبال العالم لهم والترحيب بهم، وفي نفس الوقت خلقت حالة التعاطف مع الفلسطينيين نتيجة حرب الاباده التي تشنهاعليهم اسرائيل في قطاع غزه حالة من الكره والنبذ وعدم الترحيب من قبل شعوب العالم للإسرائيليين فيما يسمونه بمعاداة الساميه مما جعلهم اكثر تمسكا بالبقاء في اسرائيل وعدم الهجره العكسية منها كما سيساعد مستقبلا في هجرة اليهود في كل دول العالم الي اسرائيل لشعورهم بأنهم أصبحوا منبوذين من كل دول العالم كل هذا سيساعد علي انشاء "اسرائيل الكبري"

أما كيف سيتم تهجير الغزيين وما هي الدول التي ستستقبلهم ..؟اعتقد أن التهجير سيتم  من خلال معابر جديدة متخصصة واعتقد انها ستكون متعددة برية وبحرية وستفتح اسرائيل مجالها الجوي عبر رامون ومطار تل أبيب لمساعدة الغزيين على الهجرة وسيتم جميع ذلك من خلال شركات ومكاتب القطاع الخاص ،وستعمل بتوجيهات سياسية وأمنية .

اما الدول العربية فمن المرجح أنها  ستستقبل أصحاب رؤوس الأموال بما فيها مصر والأردن والإمارات والسعودية ولن  تسعى إسرائيل لتهجير الغزيين إلى مصر أو الأردن بشكل دائم ، فإسرائيل لا ترغب في أن يكون تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر أو الأردن حلاً نهائيًا أو دائمًا، بل تعتبرهما مجرد محطات عبور مؤقتة. الهدف النهائي هو تفتيت الفلسطينيين لاحقًا في مختلف دول العالم، بحيث يتم قطع صلتهم بوطنهم فلسطين نهائيًا.

حيث تسعى إسرائيل إلى تكرار نموذج الإبادة والتهجير الأرمني الذي قامت به الدولة العثمانية قبل أكثر من 100 عام، حيث تم تفريق الأرمن في شتى أنحاء العالم، وأصبحوا مواطنين في الدول التي استقروا بها، بينما فقدوا ارتباطهم الفعلي بوطنهم الأصلي.

الهدف الإسرائيلي لا يقتصر على تهجير الفلسطينيين من غزة جغرافيًا، بل يشمل تفتيت عقولهم.إسرائيل لا تريد فقط التخلص من الوجود الفلسطيني، بل من الفكر الفلسطيني المعادي لليهود والرغبة في المقاومة أو الانتقام.

من خلال توزيع الفلسطينيين على مختلف الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا، تسعى إسرائيل إلى تحييد الأجيال القادمة وإضعاف أي نزعة وطنية قد تهددها مستقبلاً.

المخطط الإسرائيلي لا يتعلق بمجرد إخراج الفلسطينيين من غزة، بل بإعادة هندسة تركيبتهم السكانية والفكرية على مستوى عالمي، بحيث يتحولون إلى شعوب مشتتة لا تمتلك أي قوة جماعية تمكنها من استعادة حقوقها وعلى رأسها  العودة ....

title

مقالات ذات صلة

search