
القيد الاستئنافي.. الباب الخلفي لنقابة الصحفيين!
عندما نتحدث عن نقابة الصحفيين، فإننا نتحدث عن حصن المهنة بجد، وعن آخر الخطوط الدفاعية التي تحمي الصحافة من العبث والدخلاء، عن ذلك الكيان الذي طالما كان رمزا للمهنية والاستقلالية. لكن في السنوات الأخيرة، بات هذا الحصن مهددا من الداخل قبل الخارج، والسبب؟ "القيد الاستئنافي"، هذا الباب الخلفي الذي يحاول البعض التسلل منه لإفساد المهنة وتحويلها إلى ساحة للفوضى!
منذ أن شرع باب القيد الاستئنافي، وأصبح ملاذا لكثير من غير المؤهلين الذين لم يمروا بمراحل التدريب الصحفي الحقيقية، ولم يخوضوا غمار المهنة كما ينبغي. وهم في الحقيقة أشخاص مارسوا الصحافة بشكل عشوائي، عبر مواقع إلكترونية وصفحات مشبوهة، ثم جاءوا يطالبون بـ"الشرعية النقابية"، أو كما قال خالد البلشي نقيب الصحفيين الحالي بأنهم يمثلون 80% من العاملين فعليا ويجب حمايتهم تحت مظلة النقابة وهو كلام غير دقيق بالمرة، لأن هؤلاء مستغلين هذا الباب الذي رفضته الجمعية العمومية مرارا، لكنه لا يزال موجودا بحاجة إلى تغيير تشريعي صارم يغلقه نهائيا.!!
وهنا تكمن المعضلة.. النقيب الحالي، خالد البلشي، يسعى لتفعيل مادة تُتيح دخول هؤلاء المنتسبين عبر قيد خاص بالمواقع الإلكترونية والصحافة الرقمية. الفكرة تبدو في ظاهرها دعما لممارسي الصحافة عبر الإنترنت، لكنها في باطنها قد تكون كارثة مهنية، لأننا أمام سيناريو محتمل أولاها هو إدخال آلاف ممن يمارسون الصحافة بشكل غير احترافي تحت بند "منتسب". أو عبر باب المنتسبين و بعد ذلك، يأتي الضغط على الدولة لتحويلهم إلى "مشتغلين" بالطرق التي نعرفها جميعا والنتيجة هي إغراق النقابة بمنتحلي الصفة، وإضعاف الصحافة المهنية وهيبة الصحفي اكتر واكتر!
هذا السيناريو ليس من نسج الخيال، بل هو ما يحاول البعض الترويج له باعتباره "تطويرًا للنقابة"! لكن الحقيقة أن القيد الاستئنافي ليس سوى ثغرة يجب سدها تماما، كما فعل النقيب الأسبق عبدالمحسن سلامة والمرشح الحالي علي منصب النقيب وأغلق هذا الباب نهائيا من بداية الاعلان عنه، فكيف نعود الآن لفتح ما أُغلق بحكمة؟
لهذا اقترح إيقاف القيد عامة لمدة خمس سنوات على الأقل، وتنقية الجدول من غير الممارسين أو الحاصلين على شهادات مزورة.
مراجعة أوضاع بعض أعضاء الجمعية العمومية، والتأكد من أن وجودهم قانوني ومهني وليس مجرد ورقة لدخول النقابة من النافذة بعد أن أُغلقت الأبواب.و التركيز على القضايا الحقيقية للصحفيين، مثل: تحسين الرواتب والبدلات. وإيجاد موارد مستقلة للنقابة بعيدًا عن سيطرة الدولة.وإنشاء مستشفى للصحفيين، وتحسين الخدمات الاجتماعية والمهنية.
نحن لسنا ضد تطوير القيد، ولسنا ضد الاعتراف بالصحافة الرقمية، لكننا ضد التلاعب بالمهنة وإغراقها بمن لا يستحقون. الصحافة مهنة تحتاج إلى مهارات وتدريب والتزام، وليست "جروب فيسبوك" أو "موقع مجهول".
إن أراد النقيب خالد البلشي أن يطرح هذا الأمر على الجمعية العمومية، فعليه أن يدرك أن المعركة ليست معركة أفراد، بل معركة هوية مهنية، وفتح القيد الاستئنافي بهذه الطريقة يعني التخلي عن آخر حصون المهنة.
نحن أمام لحظة حاسمة.. إما أن نحمي الصحافة من الدخلاء، أو نستسلم للعبث!

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة
إخلاء سبيل الحاجة نعيمة صاحبة مزاعم سرقة جائزة مدفع رمضان
27 مارس 2025 08:35 م
إلى صنّاع الدراما: المرأة المصرية ليست كما تصوّرونها!
22 مارس 2025 01:44 م
أكثر الكلمات انتشاراً