أسد و10 نمور وبتر ذراع.. تفاصيل القصة المأساوية لعامل سيرك طنطا

في ثاني أيام عيد الفطر المبارك، حرص العشرات من الأسر والعائلات، على الذهاب إلى سيرك الكرنفال المقام بمنطقة المعرض بمدينة طنطا. 

"انهارده فيه عرض للأسد والنمور".. تلك الكلمات كانت كافية لجذب المواطنين وأطفالهم لقضاء أوقات ممتعة والاستمتاع بعروض ترفيهية داخل السيرك.

بدأ العرض كما اعتاد عليه المدرب والعمال، ومع دقات عقارب الساعة الثانية عشرة من منتصف الليل، كان للنمور والأسد رأي آخر حينما قرر النمر الأبيض نهش ذراع محمد البسطويسي.

نصف دقيقة 

30 ثانية كانت كافية لتتبدل الضحكات إلى صراخ وعويل، والبسمة إلى حزن ودموع، بعد أن التهم النمر الأبيض "بوكا" قطعة لحم بشرية من ذراع محمد، وبث الرعب في قلوب الجماهير الموجودة، قبل أن يقوم أحد العمال بنغزه بشوكة حديدية، وإنقاذ صديقه، لينقل على إثرها بسيارة نقل إلى مستشفى الطوارئ بجامعة طنطا.

صباح يوم الثلاثاء ثاني أيام العيد 

في قرية منشأة جنزرو التابعة لمركز ومدينة طنطا بمحافظة الغربية، خرج محمد البسطويسي البالغ من العمر 22 عاما، قاصدا منزل خطيبته هاجر ليقدم لها ولأسرتها التهنئة بالعيد، وبعد أن مكث قليلاً أخبرها قائلا: "أنا همشي عشان النهارده عندي عرض في السيرك بـ 170 جينه وهنخرج بعدها"، حاولت خطيبته منعه من الذهاب قائلة: "خليك متروحش النهارده" تلك الجملة التي وقعت على مسامعه أيضا من والده قبل خروجه من منزله ولكنه لم يلق لها بالا.

بداية الحفل 

وعقارب الساعة تشير إلى الخامسة والنصف عصرًا، حضر محمد البسطويسي، إلى السيرك وهو موعد بدء العمل، واستلم عمله، حيث قيل له "أنت مساعد النهارده خارج القفص هيكون ده مكانك ومهمتك ربط الأسد مع العرض، أخذ محمد التعليمات وبدأ يستعد للعمل، ومع دقات العاشرة مساءً توافد العشرات من الزوار، والمسرح أصبح ممتلئا، بدأت العروض واحد تلو الآخر من عرض البهلوان والمشي على الحبال حتى وصل للعرض المنتظر وبدأ العمال في شد البويات الحديدية والشباك ليدخل أسد و10 نمور إلى الساحة وأمامهم مدربتهم.

مهاجمة نمر للعامل

بدأت أنوسة كوتة في ترويض النمور والأسد، وعمل حركات استعراضية أبهرت الجمهور، بعد جلوس الحيوانات على الكراسي، كانت مهمة محمد هي الوقوف خارج القفص، وربط الأسد الوحيد من الخارج، بعد انتهاء عرضه، ولكنه فوجئ بنمر يلتهم ذراعه اليسرى، حاول العاملون الموجودون إنقاذه، حتى قام أحدهما بوخز النمر مستخدما شوكة حديدية.

تم نقل محمد إلى مستشفى الطوارئ بجامعة طنطا، بواسطة سيارة نقل، مصاباً بتهتك شديد في العضلات والأوردة والشرايين بالذراع اليسرى، وكانت هناك عدة محاولات من قبل الفريق الطبي استمرت لعدة ساعات، قبل عملية البتر، نظرا لتعرضه للعقر من النمر عدة مرات في عدة أماكن بالذراع بداية من الكوع وحتى كف اليد، وتهتك في جميع الأربطة المتصلة بعظمة الساعد.

ثالث أيام عيد الفطر 

استيقظ محمد البسطويسي عامل السيرك، ليجد نفسه داخل مستشفى وأطباء ملتفون من حوله، ليفاجأ بأنه تم بتر ذراعه اليسرى، ليصاب بصدمة نفسية كبيرة مما حدث له، وحاول ذووه التخفيف عنه في مصابة، حتى حضرت خطيبته فور علمها بالواقعة، وأصرت علي البقاء بجانبه، وأنها لن تتركه، وأن ما حدث سوف يتسبب في تأجيل حفل الزفاف الذي كان من المقرر خلال شهرين، وذلك لحين التحسن ويستطيع استكمال مستلزمات الزواج.

قرار غلق وتصريح دفن 

مازال يوم الأربعاء تمر فيه الدقائق كالساعات، بعد دخول محمد في نوبة بكاء هيسترية، كلما نظر إلى يساره مرددا "أنا بقيت عاجز خلاص"، ليقطع صوت النحيب والبكاء أحد أفراد المستشفى "تعالى استلم ذراع ابنك".

على عصا خشبية يتكئ عليها والده، ذهب إلى المشرحة واحتضن ذراع نجله المبتورة في قطعة قماش ملفوفا، متوجهاً إلى مقابر الأسرة لدفنها قائلًا: “إيد ابني سبقته على القبر”.

غلق السيرك ولجنة طبية

وفي الوقت ذاته قررت جهات التحقيق، غلق السيرك وإخلاء سبيل المدربة أنوسة كوتة، وندب لجنة من الطب البيطري لفحص الحيوانات والاشتراطات الصحية داخل السيرك، وجاء في تقريرها أنها 10 نمور وأسد، وهي في حالة سكون وأن الحالة الصحية لها جيدة ولا توجد عليها أي علامات ظاهرية لأي أمراض.

وأفادت التقارير بأنه يتم إطعام الحيوانات بدواجن طازجة بواقع من 8 إلى 10 دجاجات يوميا لكل حيوان، بالإضافة إلى 2 كليو لبن، و4 إلى 5 بيضات يوميًا لكل حيوان، وهذه الكميات مناسبة للتغذية وكافية بمعدل مرة واحدة يوميا.

صباح يوم الخميس 

فوجئ عامل سيرك طنطا محمد البسطويسي بزيارة من محافظ الغربية اللواء أشرف الجندي، وقدم له دعما ماليا ووظيفة دائمة بإحدى شركات الأدوية، بجانب معاش شهري، مما يضمن له حياة كريمة، وكانت تلك القرارات أثلجت صدر محمد وذويه.

ولم تدم الفرحة كثيرا حتى فوجئ بخروج منذر شقيق المدربة أنوسة كوتة، في فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يتهمه فيه بأنه فعل ذلك من أجل الترند، وأنه لا يعمل معهم في السيرك، ومتوقف عن العمل منذ 3 أشهر وأنه حضر يوم الواقعة و"كان بيتمنظر أمام أصحابه" على حد قوله. 

وأكد محمد أن هذا الأمر عارٍ من الصحة، قائلا: "هقطع دراعي عشان ترند" وأنه يعمل معهم منذ فترة طويلة ولا يعرف سببا للهجوم عليه من قبلهم.

وعلى جانب آخر قررت أنوسه كوتة إخلاء السيرك وإرسال النمر المتسبب إلى القاهرة، لإعادة تأهيله مره أخرى، ونقل السيرك إلى مارينا وذلك بعد عدم حصولها على أي تذاكر وحجوزات من المواطنين لمدة يومين.