الثلاثاء، 08 أبريل 2025

01:23 ص

بصوت داليدا.. "ماكرون" رحلة عاشق الفنون تصل محطة خان الخليلي

السيسي وماكرون في شارع خان الخليلي

السيسي وماكرون في شارع خان الخليلي

في عام 1979، صدحت الفنانة داليدا للمرة الأولى بأغنيتها الشهيرة "حلوة يا بلدي" من كلمات مروان سعادة، لتتحول لاحقًا إلى واحدة من أبرز الأغنيات التي تحدثت عن عشق مصر، يرددها من يجوب شوارعها ويقف مشدوهًا أمام جدرانها العتيقة، ويسرح في كلماتها من يشتاق إليها.

وبعد مرور 46 عامًا، وثّق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارته التاريخية لشوارع الحسين وشارع خان الخليلي بمنطقة الجمالية، وهي الزيارة التي تمت مساء أمس برفقة الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث نشر ماكرون فيديو جوبته في الشارع الشعبي التاريخي عبر حسابه بمنصة “إكس”، مُستخدمًا الأغنية الشهيرة ذاتها للمطربة الراحلة داليدا.

عاشق الفن والثقافة

وعلى مدى ثماني سنوات، وتحديدًا منذ 14 مايو 2017 يحكم إيمانويل ماكرون فرنسا، تلك الدولة العملاقة سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، حيث تعد فرنسا ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا، وسادس أكبر دولة في العالم من حيث الإنفاق العسكري، كما أنها تمتلك ثالث أكبر مخزون للأسلحة النووية، وكل ذلك لم يمنع ماكرون من اهتمامه وحبه للثقافة والفنون.

وبمجرد وصوله مصر، أمس، بدأت زيارة ماكرون للمتحف المصري الكبير، ومكث بين جنباته لأكثر من 45 دقيقة، وسط حالة من السعادة والانبهار بما رآه هناك، ووعد بزيارة أخرى، بحسب تصريحات الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف، الدكتور أحمد غنيم. 

ماكرون يعشق الفنون منذ الصغر

منذ الصغر

كان ماكرون مُقربًا من جدته لأمه جيرمين، وتعلّم على يدها قواعد اللغة والقراءة لكبار المؤلفين الفرنسيين، مثل راسين وموليير، فضًلا عن تعلم العزف على البيانو وممارسة تلك الهواية لعشر سنوات في معهد أميان الموسيقي.

الفن في حياة ماكرون لم يقتصر على هواية عشقها الطفل الصغير، واستمر شغفه بها مع منصبه السياسي الرفيع، لكن ذلك مهّد طريقه للوصول إلى قلب حبيبته بريجيت التي تزوجها في عام 2007.

تسلّلت مشاعر الحب من قلب ماكرون إلى بريجيت في عام 1993، حين أتم بالكاد عامه الخامس عشر، ووقع في غرام معلمته التي كانت آنذاك في سن التاسعة والثلاثين!

عشق انتهى بالزواج

تعلم ماكرون على يد بريجيت دروس المسرح في أميان شمال فرنسا، أحب المسرح والتمثيل، وبريجيت بالطبع، استمر في عشق كل ما سبق حتى أصبح أصغر رئيس في تاريخ فرنسا.

ومع وصوله إلى سُدة الحكم، تداول الفرنسيون فيديو لرئيسهم الجديد وهو يؤدي دورًا استعراضيًا على المسرح في 1993، حيث قدم ماكرون دوره بصوت حاد في ورشة مدرسة لا بروفيدنس اليسوعية في مدينة أميان، وأدى دور خيال مآتة بثياب رثة، قبل أن يغادر إلى باريس ويعد معلمته بأنه سيعود ليتزوجها.

فيروز

في 2020، ازداد الوضع سوءًا في لبنان مع انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس من العام ذاته، زار ماكرون بيروت، ورغم سخونة الأوضاع، فإنه بمجرد أن وطأت قدماه لبنان، فضل بدء زيارته بتناول فنجان قهوة مع السيدة فيروز.
أثارت الزيارة ردود فعل واسعة، أشاد البعض بالزيارة فيما اعتبرها آخرون مجرد دعاية، وقال الكاتب داني حداد في تصريحات نشرتها “بي بي سي”: هل يعلم مسيو ماكرون أن بعضنا لم يكن هنا ليستقبله، في بيروت المدمرة والمنهكة، لولا فيروز وصوتها؟ هي ألصقتنا بهذه الأرض الدائمة الاهتزاز. وهي أبقت ذلك الحنين إلى هذه الأرض في نفوس اللبنانيين المنتشرين، "ماذا فعلت بنا فيروز؟ أبقتنا في مدينة حيث (كل فكرة تقطن منزلًا) كما كتبت يومًا ناديا تويني، وبالفرنسية التي كانت تجيدها أفضل من فرنسيّين كثيرين. السلاح هو الذي بات يقطن في منازل كثيرين".
أما الكاتب خيرالله خيرالله، فقال لصحيفة "العرب" اللندنية: "شاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يكون، هذه المرة، بيت السيدة فيروز محطته اللبنانية الأولى. أراد بذلك أن يقول إن هناك لبنان آخر لا يزال في الإمكان الرهان عليه في حال كان مطلوبًا إعادة تأسيس البلد".

ماكرون وجارة القمر فيروز

زيارة تاريخية 

بعيدًا عن التحليلات السياسية لزيارة ماكرون لمنزل فيروز، جاءت الزيارة تاريخية بكل تفاصيلها، واحتشد الكثيرون أمام منزل فيروز في حي الرابية.

مع معاناة العالم حينها من "كوفيد-19"، استقبلت فيروز الرئيس الفرنسي بقناع للوجه، وإطلالة بسيطة بالعباءة، وابتسامة وصفتها شبكة "سي إن إن" في تغطيتها للزيارة بالخجولة النادرة. 
مكث ماكرون في منزل فيروز لساعة وربع، واستقبل لوحة فنية كهدية من جارة القمر، وظهر الحماس والتقدير على وجه وقلدها أرفع وسام في فرنسا "جوقة الشرف" من رتبة فارس، وقال عن الزيارة: "فيروز أيقونة، ولها مكانة خاصة في قلوب الفرنسيين، الحديث معها كان مليئًا بالنوستالجيا وذكريات خاصة". 
وبعد 4 سنوات، في نوفمبر 2024، وبينما كان يسبح عشاق فيروز في سماء الإنترنت احتفالًا بعيد ميلادها التسعين، بعث إليها ماكرون برسالة عبر “إكس”، قال فيها: "العالم يثلج، وصوت فيروز لا يزال يُدفئ قلوب اللبنانيين والفلسطينيين الباحثين عن دفء السلام، إلى من تجسد كرامة هذه المنطقة، عقبال الـ100".

نصب تذكاري فرنسي

يقدر إيمانويل ماكرون الفنانين داخل وطنه بشكل كبير، وهو ما ظهر في نعيه للنجم الفرنسي الراحل آلان ديلون، الذي رحل  في 18 أغسطس 2024 عن 88 عامًا.

وقال ماكرون في نعيه: "السيد كلاين أو روكو، الفهد أو الساموراي، لعب آلان ديلون أدوارًا أسطورية، وجعل العالم يحلم، منحنا وجهه الذي لا يُنسى ليقلب حياتنا رأسًا على عقب، كان أكثر من مجرد نجم، حزينًا، وشعبيًا، وكتومًا: كان نصبًا تذكاريًا فرنسيًا".

search