الثلاثاء، 22 أبريل 2025

10:11 م

بعد صمود 2000 عام.. "شجرة الغريب" عندما تفقد العجوز حكمتها في اليمن

انهيار جزء من شجرة الغريب في اليمن

انهيار جزء من شجرة الغريب في اليمن

في أحد أودية الشمايتين جنوب محافظة تعز باليمن، تقف شجرة ضخمة عتيقة وصفها الأهالي بـ"العجوز الحكيمة"، لأنها شاهدة على آلاف القصص عبر  محطات الزمن والوجوه التي مرت بها ثم غابت.

إنها شجرة "الغريب"، التي لم تعد كما كانت، ويرجع عمرها إلى 2000 عام من الثبات، انقسم جذعها العظيم فجأة إلى نصفين، وسقط أحد شطريها أمام أعين الزوار، حيث لم يتخيلوا أن يروا سقوط جزءًا من التاريخ حيًا.

وذلك السقوط لم يكن مجرد انهيار غصن أو جذع، بل كان انكسار زمن كامل حضر فيه الماضي بكل ثقله، وغاب فيه الحاضر بكل عجزه.

أيقونة الطبيعة اليمنية

"شجرة الغريب" ليست مجرد شجرة مُعمرة، بل أنها واحدة من أكبر الأشجار في اليمن والجزيرة العربية، حيث يبلغ قطرها 8 أمتار وذات إرتفاع يتعدى 14 مترًا.

ويسميها السكان أحيانًا بـ"الكولهمة"، نسبة إلى نوعها الفريد، وقد شكلت وجهة بيئية وسياحية لسنوات، حيث تعد من المعالم السياحية في اليمن، إذ يزورها الناس من مختلف المناطق لالتقاط الصور، والاستراحة في ظلها الواسع والحديث معها كما لو كانت جدتهم القديمة.

وفي منشور له على "فيسبوك"، يقول الباحث اليمني، أحمد الرباكي: "الغريب ليست مجرد شجرة، بل معلم طبيعي حي، ذاكرة ماثلة في وجه الزمن، عمرها يتجاوز الألفي عام، وهي واحدة من أقدم الأشجار في المنطقة كلها".

انقسام فجائي.. وغصة في عيون الناس

يُذكر أنه في صباح يوم الانهيار، لم تكن هناك مؤشرات واضحة، وبدا كل شيء هادئًا كعادته، لكن كما يحدث مع كل القصص الكبرى جاء الانقسام فجأة وسُمع صوت قوي وكأن الأرض انكسرت، حيث ظهر الشطر المتهاوي من الشجرة ممددًا على الأرض، بينما ظل الجزء الآخر واقفًا، مهتزًا وكأنما يحاول أن لا ينهار هو الآخر.

وقال أحد الحاضرين في روايته على “فيسبوك”: "سمعنا صوتًا غريبًا مثل تنهيدة طويلة، ثم انقسمت الشجرة من المنتصف تقريبًا، الجميع وقف مصدومًا، حتى الأطفال سكتوا".

وبحسب روايتهم، كشف الشق المنهار عن تجويف داخلي بداخله علامات تعب السنين: “جفاف، تعفن، وتآكل”، ربما كان صامتًا لسنوات ينتظر من يلاحظه لكن أحدًا لم يفعل.

البيئة تهمس.. لكن من يسمع؟

في هذا الشأن، رجح الخبراء أن الانقسام يرجع سببه إلى الجفاف الطويل الذي ضرب المنطقة، إضافة لأمراض نباتية أصابت الشجرة وتوقف نموها الأفقي، بسبب نقص المياه والاهتمام. 

كما نبهوا بأن الحرب التي عصفت باليمن تركت بصماتها حتى على الأشجار، ومع غياب الرعاية كان من الطبيعي أن تئن "الغريب" أخيرًا وتنهار.

رئيس المركز اليمني للإعلام الأخضر، معاذ المقطري، كتب على صفحته الشخصية بـ"فيسبوك": "الشجرة لم تمت ويمكن إنقاذها وتجبيرها بشرط وجود مهندسين وكادر فني مختص، وبحث ما إذا كان الانشقاق نتيجة جفاف أو نشاط زلزالي، خاصة في ظل التحركات التكتونية في المنطقة".

حين ينهار الرمز.. تنهار الأسئلة

وبعد انهيار الشجرة العجوز تنهار الأسئلة، حيث لم يسأل الناس فقط في منشوراتهم على مواقع التواصل: “ماذا حدث؟”، بل أيضًا “لماذا لم نحميها؟”، “هل هناك أمل في إنقاذ ما تبقى؟، وكم من معالمنا ستسقط قبل أن نتحرك؟”.

وعلى إثره طالب الناشطون السلطات المحلية بسرعة التحرك وإيفاد خبراء من مراكز البحوث ومكتب البيئة في تعز لدراسة وضع الشجرة، وتوفير حماية عاجلة لما تبقى منها.

الغريب... هل تبقى لك شيء؟

ورغم الانقسام لا تزال "الغريب" حية، وجزءًا منها راسخًا رافض للسقوط، مستندًا إلى قرون من التحدي. ولكن هذا وحده لا يكفي، حيق إنها تحتاج إلى يد الإنسان كي تستمر، إلى من يسمع صمتها قبل أن تصرخ مرة أخرى وتنهار كليًا للأبد.

وفي النهاية فإن “شجرة الغريب” ليست مجرد جذع سقط، بل درس كبير عن الذاكرة، الإهمال، والأمل الذي ربما لا يزال يسكن بين أغصانها المتبقية.

تابعونا على

مواقيت الصلاة حسب التوقيت المحلي لمدينة القاهرة
  • 12:00 AM
    الفجْر
  • 12:00 AM
    الشروق
  • 12:00 AM
    الظُّهْر
  • 12:00 AM
    العَصر
  • 12:00 AM
    المَغرب
  • 12:00 AM
    العِشاء
الظهر
search