الجمعة، 20 سبتمبر 2024

12:41 ص

"الأدوية" تبحث عن ربح وتسعيرة.. من يترفق بآلام المواطن؟

السوق تعاني نقصا في أدوية الأمراض المزمنة

السوق تعاني نقصا في أدوية الأمراض المزمنة

إسلام عزام

A A

وقف المسن السبعيني خارج صيدلية مخاطبًا نفسه "معقول كل شهر أدوّر على الدواء كده"، كانت كلمات الرجل بصوت عالٍ لفت انتباه المارة أمام فرع إحدى سلاسل الصيدليات في منطقة الهرم. 

“الأمر لفت انتباه الجميع داخل القطاع الدوائي في مصر، لكن الجهات الحكومية المعنية بالأمر لا تهتم”، يقول الرجل السبعيني- بعين باكية. 

وأضاف الرجل السبعيني لـ"تليجراف مصر"، “كل شهر بدور على الأنسولين أنا مريض سكر من النوع الأول، وأسعار الأنسولين زادت مرتين خلال العام الماضي ومش موجود، والصيادلة بيقولوا هيغلى تاني، ويتساءل الرجل هجيب بنصف معاشي أنسولين وأعيش إزاي؟”. 

صيدلي: النواقص تزداد مع توقف المصانع 

وقال الدكتور طارق جمعة، صاحب صيديلة بمنطقة الهرم، إنَّ الشهر الأخير شهد نقصا في عدد كبير من الأصناف الدوائية  لعدد كبير من الأمراض المزمنة في مصر، مبينًا أن هذه الأصناف لا يوجد لها بدائل دوائية، ولا يمكن لأي مريض الاستغناء عنها. 

وترى الدكتورة مها رسلان، التي تعمل بإحدى سلاسل الصيدليات الشهيرة، أن النواقص المختفية تمامًا من شركات التوزيع أو المخازن تخطت الـ35% من الأصناف الدوائية، موضحة أن استمرار الأزمة وضع السوق المصري على حافة الانهيار. 

نقص الأدوية في السوق المصرية 

وحول استغلال الأزمة من قِبل شركات التوزيع لتحقيق أرباح، تقول “رسلان” إنها تتابع هذه التصريحات بسخرية كبيرة، إذ لا تتوفر الأصناف أصلًا في الشركات المُنتجة أو شركات التوزيع، فمن أين ستأتي الأرباح؟، مؤكدة أن نسب الخصم على النواقص صفر لأن الأدوية إذا توفرت لا تدخل المخازن وتخرج مباشرة للصيدليات لسد جزء من العجز الكبير، خصوصا في أدوية الأمراض المزمنة. 

هيئة الدواء: نعمل على حل الأزمة 

وقال مصدر مطلع بهيئة الدواء المصرية، إنَّ الهيئة تبذل جهودًا كبيرة لاحتواء الأزمة وعدم تفاقمها، معترفًا أن النواقص زادت بسبب عدم توفير الدولار لخروج مستلزمات الإنتاج من المواني المصرية خلال نهاية العام الماضي. 

وأضاف المصدر - الذي فضل عدم ذكر اسمه- أن الهيئة وصلها طلبات من شركات عدة بزيادة أسعار أكثر من 1500 صنف بنسب تتخطى 30%، مشيرًا إلى دراسة هذه الطلبات في الفترة الحالية من لجنة التسعير بالهيئة، متوقعًا إقرار الزيادة بشكل تدريجي على الأصناف ضمن الآلية المعمول بها للتسعير.  

ارتفاع أسعار الخامات الدوائية المستوردة مع صعوبة توفير الدولار

قال رئيس شركة أدوية كبرى في مصر، ضمن الشركات العشرة الأكثر مبيعًا بالسوق المصري، إن ارتفاع أسعار الخامات الدوائية المستوردة مع صعوبة توفير الدولار، أجبر الشركات على خفض إنتاج بعض المستحضرات. “مقدرش أتحمل الخسائر عاما كاملا على بعض الأصناف”.

وأضاف أن هناك شركات أخرى ركزت على الأدوية التي نجحت في زيادة أسعارها بموافقة هيئة الدواء، ولا زالت تحافظ على أرباح مناسبة في ظل الارتفاع الكبير في كل تكاليف الصناعة.

غرفة صناعة الدواء: المصانع تعمل بـ 60% فقط من طاقتها 

قال رئيس غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات المصرية، جمال الليثي، إن السبب الرئيس لنواقص الأدوية؛ عدم توفر الدولار، مبينًا أن نقص المواد الخام دفع عدد كبير من المصانع للعمل بـ60% فقط من طاقتها. 

وأضاف الليثي، أن 15% من الأدوية الناقصة ليس لها مثائل، تحوي نفس المادة الفعالة، فيما تتوفر أدوية أخرى بأسماء تجارية مختلفة. مؤكدًا أن أي زيادة على سعر الدولار ستطلب رفع أسعار الدواء بنفس النسبة؛ لتتمكن الشركات من استمرار الإنتاج دون خسائر. 

اتحاد الصناعات: يجب مراجعة أسعار كل الأدوية الآن 

قال عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات ومستشار غرفة صناعة الدواء محمد البهي، إن قرار البنك المركزي المصري الصادر بتقييد الاستيراد منذ عامين أثر على كل الصناعات التحويلية منها الدواء.

وأضاف أن تسعير الدواء جبريا، مع تعويم الدولار غير منطقي، خصوصا أن الشركات لا تستطيع توفير الدولار مع قفزات أسعار السوق الموازية التي يفوق فيها سعر الدولار 100% عن سعره الأصلي في البنوك.

وأضاف البهي، أن الحل الأمثل شمول التكلفة لسعر الدواء مع هامش ربح موحد لكل الشركات، مطالبا بمراجعة أسعار جميع أصناف الدواء المسجلة لدى هيئة الدواء الآن، ووضع آلية موحدة ومُعلنة من قِبل هيئة الدواء، تشمل نسبة المكون الدولاري في أي صنف. لتتمكن الهيئة من تحديد أسعار عادلة؛ تراعي مصلحة الشركات في استمرارية الإنتاج وتضع في الوقت نفسه مصلحة المريض وظروفه الاقتصادية بالاعتبار. مبينًا ضرورة تثبيت سعر الدولار لعدم تكرار الأزمة. 

مبيعات سوق الدواء في مصر 

ووصلت مبيعات الدواء عبر الصيدليات والمخازن 142.7 مليار جنيه، خلال الفترة من سبتمبر 2022 إلى سبتمبر 2023، بزيادة تتجاوز 18%، مقارنةً بالفترة نفسها من العام السابق له، وفقاً لتقرير مؤسسة «آى كيوفيا» المعنية برصد مبيعات سوق الدواء المصرية.

كشف التقرير عن تراجع الوحدات المباعة من الأدوية في مصر خلال الفترة المذكورة بنسبة تلامس 8% لتسجل نحو 3 مليارات عبوة دوائية.

وأرجع التقرير التراجع الواضح في عدد الوحدات الدوائية المباعة إلى استغناء بعض المرضى عن عدد من الأصناف الدوائية غير الأساسية بعد زيادة أسعارها خلال العام الأخير. 

عدد مصانع الأدوية المرخصة

ويبلغ عدد مصانع الأدوية المرخصة في مصر 191 مصنعًا يمتلك 799 خط إنتاج يغطون نسبة 92% من حجم احتياجات السوق المحلية من الدواء، بعد استيراد المواد الخام ومستلزمات الإنتاج، في حين يتم نسبة استيراد الـ8% كأدوية تامة الصنع من الخارج.

search