التسلية البريئة في خطر.. شياطين تطارد الأطفال عبر الفضاء الإلكتروني

الأمن السيبراني للأطفال - صورة مولدة بالذكاء الاصطناعي
كان محمد، صاحب العشرة أعوام، يقضي عطلته الصيفية بين مشاهدة الفيديوهات القصيرة على "تيك توك" وتبادل الرسائل الطريفة مع أصدقائه عبر تطبيقات المحادثة، وذات يوم وبينما كان يتصفح رسائله، ظهر له إشعار برسالة جديدة من رقم غريب، فتحها بدافع الفضول، فوجد رابطًا يبدو عاديًا، ومرفقًا برسالة: "شوف صورتك الجديدة هنا".. دون تردد، ضغط محمد على الرابط.
لم تمر سوى لحظات حتى بدأت الأمور تتغير، توقف هاتفه عن الاستجابة، وظهرت رسائل غريبة تطلب منه معلومات شخصية، وتوصيه بعدم إخبار والديه، ليصبح "محمد" (اسم وهمي لشخصية حقيقية رفض والداه ذكر اسمه) ضحية لعملية اختراق، مثله مثل ضحايا كُثر من الأطفال المتعاملين مع الإنترنت في ظل عدم وجود حماية كافية.
شركة “كاسبرسكي”، المتخصصة في حلول وخدمات الأمن السيبراني، رصدت أكثر من 6.6 مليون محاولة هجوم إلكتروني استهدف الأطفال في 365 يومًا (من 1 يوليو 2023 إلى 30 يونيو 2024)، بواقع 753 محاولة اختراق في الساعة!

ما هو الأمن السيبراني؟
الاتحاد الدولي للاتصالات يعرِّف الأمن السيبراني بأنه: "مجموعة من الأدوات والسياسات والمفاهيم الأمنية والتدابير الوقائية والإرشادات ونهج إدارة المخاطر والإجراءات والتدريب وأفضل الممارسات والضمانات والتقنيات التي يمكن استخدامها لحماية البيئة السيبرانية وأصول المستخدمين والمنظمات".
تقول والدة محمد، إنها كانت تعرف الأمن السيبراني، وأهمية الحذر عبر الإنترنت، لكنها لم تكن تعلم أن الأمر يتعلق بالأطفال أيضًا، إذ إن أنشطتهم تقتصر على مشاهدة الفيديوهات وممارسة الألعاب الإلكترونية ومراسلة الأصدقاء.

تقرير “كاسبرسكي” يوضح أن المهاجمين يعتمدون على اللعبة الشعبية بين الأطفال، حيث يستخدمون تعديلات وبرمجيات غش يتم تحميلها من مواقع غير رسمية، ما يسهِّل إخفاء البرمجيات الخبيثة داخلها، ومن أبرز أساليب الاحتيال، الترويج لأشكال مزيفة داخل الألعاب مثل الدروع أو الملابس النادرة.
استهداف الأطفال عبر الألعاب
تضيف والدة محمد: “اعتاد ابني وزملاؤه في المدرسة على ممارسة الألعاب الإلكترونية، وقد تعرّف من خلال إحدى الألعاب على شخص أرسل له طلب صداقة على “فيسبوك” و"إنستجرام"، لتنشأ بينهما صداقة، ولاحقًا أرسل له رقمه الخاص”.
وتتابع: “هذا الشخص المجهول طلب منه معلومات عن الأسرة وطبيعة عملي أنا ووالده، كما طلب منه إرسال صور شخصية باعتبار أنهما أصدقاء، وألح في طلبه، ما أشعر محمد بالخوف، فتوقف عن محادثته".
خبير أمن المعلومات مستشار الهيئة العليا للأمن السيبراني وتكنولوجيا المعلومات بمؤسسة القادة، وليد حجاج، يحذر من تصاعد التهديدات الرقمية التي تستهدف الأطفال، خاصة من خلال الروابط المجهولة التي تصلهم على تطبيقات التواصل الاجتماعي أو أثناء استخدام الألعاب الإلكترونية.
حجاج يوضح أن المخترقين يطلبون من الأطفال إرسال صور شخصية أو بيانات حساسة، بحجة الاشتراك في لعبة أو الحصول على ميزات رقمية، وفي بعض الحالات، يتم استخدام هذه الصور لإنتاج محتوى غير لائق ومفبرك يُستخدم في الابتزاز وطلب المال أو المزيد من الصور.

ويشير إلى أن بعض الألعاب الإلكترونية تتيح خاصية المحادثة (Chat) بين المستخدمين، ما يفتح الباب أمام الغرباء للتواصل مع الأطفال، وقد يستدرجونهم بطلبات خادعة أو عروض زائفة، مثل شحن رصيد أو منح دروع ومكافآت داخل اللعبة مقابل إرسال صور شخصية أو تنفيذ أوامر غير أخلاقية.
يلفت الخبير إلى انتشار محتوى جنسي داخل فيديوهات الكرتون على منصات مثل “يوتيوب”، ما يشكل تهديدًا غير مباشر لسلوك الأطفال، وهذا النوع من المحتوى بات ملحوظًا في مصر في الآونة الأخيرة، وتوجد شكاوى متزايدة من أولياء الأمور بشأنه، ما يستوجب سرعة التحرك لحماية الأطفال إلكترونيًا.
اليونيسف تعرّف حماية الأطفال على الإنترنت بأنها: "حمايتهم من العنف والاستغلال والإساءة والإهمال عبر الإنترنت، مع تمكينهم من الوصول إلى المعلومات والتعبير عن آرائهم والتفاعل مع الآخرين بأمان".

غياب التوعية السيبرانية
والدة محمد تعترف بأنها لم تحصِّن ابنها بالوعي السيبراني الكافي في مواجهة من سمتهم “شياطين الفضاء الإلكتروني”، فاستخدام الإنترنت والهواتف المحمولة أصبح معتادًا بين الأطفال، ولم تتوقع أن يصبح ابنها ضحية اختراق إلكتروني.
وحول أسباب انتشار هذه التهديدات، يرى خبير أمن المعلومات أن غياب التوعية السيبرانية سواء في المناهج الدراسية أو داخل الأسرة، بالإضافة إلى عدم استخدام برامج الرقابة الأبوية المجانية المتاحة على هواتف أندرويد وآيفون، يسهم بشكل كبير في تفاقم المشكلة.
ويؤكد حجاج، أن المجرمين الإلكترونيين يستغلون ضعف ثقافة تأمين الحسابات الرقمية، مثل استخدام كلمات مرور بسيطة وسهلة التخمين، ما يسهل اختراقها والوصول إلى صور وفيديوهات حساسة مخزنة على حساباتهم في "Gmail" أو غيره من التطبيقات المرتبطة.
ويشدّد على ضرورة وجود دور فعّال من المؤسسات المعنية لنشر التوعية بين أولياء الأمور والأطفال، فالإنترنت لم يعد فقط وسيلة ترفيه، بل أصبح بيئة مليئة بالمخاطر للأطفال إذا لم تتم مراقبتهم بشكل صحيح وتوعيتهم بكيفية حماية أنفسهم.
ولا تقدم وزارة التربية والتعليم مواد دراسية في المراحل التعليمية من الابتدائية حتى الثانوية تتعلق بالأمن السيبراني، إلا أن هناك جهودًا من بعض الجهات، على رأسها وزارة الاتصالات والمجلس القومي للأمومة والطفولة.
في مايو 2024، أعلنت وزارتا "الاتصالات" و"التربية والتعليم" خطة لتمكين طلاب المدارس من تعلم قواعد وعلوم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، من خلال دمجها في المحتوى التعليمي، لكنها لم تدخل بعد حيز التنفيذ.
دور المجلس القومي للأمومة والطفولة
تؤكد والدة محمد: "لم أكن أعلم بوجود مبادرات خاصة لتدريب الأطفال على الأمن السيبراني، وتوعية الأسر بهذا الأمر، وأرى أن هناك تقصيرًا من جانب الحكومة والمؤسسات التعليمية في ظل الاتجاه لدمج التكنولوجيا في التعليم، ما يعني أنه لا يمكن عزل الأطفال عن العالم الرقمي".
المجلس القومي للأمومة والطفولة يبذل جهود عِدة لحماية الأطفال من أشكال العنف والإساءة والمخاطر كافة، من خلال "برنامج حماية الأطفال من مخاطر الإنترنت"، إذ يتم تنفيذ حزمة من التدخلات المتكاملة التي تستند إلى محاور التمكين، وبناء القدرات، والتوعية، حسبما ذكرت رئيسة المجلس، سحر السنباطي.
توضح السنباطي، أن هذه التدخلات تستهدف تطوير قدرات الأطفال والمراهقين على استخدام الإنترنت والتقنيات الرقمية بشكل آمن، وتوظيف طاقاتهم وهواياتهم فيما يتماشى مع متطلبات سوق العمل الرقمي من جهة، ويرسخ فيهم مفاهيم المواطنة الرقمية من جهة أخرى، بما يسهم في إعدادهم ليكونوا جزءًا فاعلًا في المجتمع المحلي والعالمي.

وتضيف: الإنترنت أصبح مصدرًا رئيسيًا للمعلومات لدى الأجيال الجديدة، إلا أن الانفتاح الرقمي أدى إلى بروز تهديدات حقيقية كالتنمر الإلكتروني، والابتزاز، والإدمان، والوقوع في فخ الألعاب الإلكترونية غير الآمنة أو المواد الإباحية.
وتبينّ السنباطي أن تلك الظواهر تخلف آثارًا مقلقة، مثل العزلة والاكتئاب والانتحار، وتفكك الروابط الأسرية، فضلًا عن سرقة البيانات الشخصية وفقدان الشعور بالانتماء والهوية، فرفع الوعي بمخاطر الفضاء الرقمي يعد حجر الأساس لتحقيق الأمن الفكري والنفسي.
ولتحقيق فاعلية ملموسة على أرض الواقع، تذكر السنباطي أن المجلس شارك مع عدة جهات محلية ودولية، منها وزارة التربية والتعليم، ومؤسسة “حياة كريمة”، ومنظمة اليونيسف، ومبادرة "بُكرة بينا" المدعومة من الاتحاد الأوروبي.
وتلفت إلى أنه تم تنفيذ تدريبات وأنشطة استهدفت الأطفال وأسرهم، إلى جانب الكوادر الاجتماعية في المدارس، باستخدام أساليب تفاعلية غير تقليدية تعتمد على اللعب والتجريب والمشاركة المباشرة.

إخفاء الأطفال لأنشطتهم على الإنترنت
تشير والدة محمد إلى أن ابنها لم يكن يخبرها بأغلب نشاطاته على الإنترنت، ولم تعطِ اهتمامًا للأمر، فأغلب استخدامه يكون متعلقًا بمحادثة أصدقائه أو اللعب معهم، فضلًا عن أنه يستخدم كلمات مرور لحساباته، وهي لم تكن ترغب في كسر الثقة بينهم.

استخدام خاطئ للذكاء الاصطناعي
تتابع والدة محمد: "قبل أن يتوقف ابني عن محادثة الشخص المجهول تبادلا الصداقة عبر فيسبوك وإنستجرام، فاستغل هذا الشخص صوره المنشورة على تلك المنصات في صناعة صور مفبركة له".
تظهر دراسة للأمم المتحدة عام 2023، أن نحو 80% من الشباب يتفاعلون مع الذكاء الاصطناعي يوميًا، ورغم فوائده، فإنه يشكل تهديدات للأطفال مثل فقدان الخصوصية والتعرض لمحتوى غير مناسب.
وتذكر “كاسبرسكي” أن من بين أبرز هذه المخاطر التطبيقات التي تطلب تحميل صور شخصية لتوليد نسخ معدلة، حيث تُخزّن الصور في قواعد بيانات مجهولة المصير، إضافة إلى روبوتات دردشة تقدم محتوى غير ملائم دون رقابة فعلية على أعمار المستخدمين.
الرقابة الأبوية
"تفاجأتُ عندما رأيت ابنتي تشاهد أشياء غير مناسبة لعمرها"، هكذا تعرب حنان حسن إبراهيم، وهي أم لطفلة في الخامسة من عمرها، عن تعرض ابنتها لمحتوى مخصص للكبار على "يوتيوب"، مضيفة أن الأمر جعلها تفكر بشدة في تعريضها للإنترنت وما هو المحتوى المناسب لها والمنصات الآمنة.
إبراهيم، وهي أستاذة بكلية الطفولة في جامعة عين شمس، تقول إنها بعد الواقعة السابقة بدأت تبحث عن مفهوم الأمن السيراني للأطفال، وتعرفت على كيفية تحديد المحتوى الذي يظهر للصغار، والرقابة الأبوية.
وتوضح أن ما يعرض عبر الإنترنت غير مقيّد بالشروط التربوية وما يقدمه نظيره في الإعلام المحلي المرئي، ويهدف إلى جمع المشاهدات والأهداف التجارية بعيدًا عن المعايير الأخلاقية، لينقل سلوكيات وعادات خاطئة يمارسها الأطفال، وينقل لهم عادات قد تكون الأسرة نفسها لا تمارسها، ما يتطلب الإشراف الأبوي.
الرقابة الأبوية على الإنترنت هي مجموعة من الأدوات والإعدادات التي تتيح للآباء التحكم في كيفية استخدام أطفالهم للإنترنت، لحمايتهم من المحتوى غير المناسب ومراقبة أنشطتهم الرقمية، وتشمل إمكانية حظر المواقع غير المرغوب فيها، وتقييد الوصول إلى تطبيقات أو ألعاب معينة، وتحديد أوقات استخدام الأجهزة، بالإضافة إلى تتبع سلوك الأطفال على الإنترنت، وتستخدم لضمان بيئة رقمية آمنة للأطفال، مع التوازن بين تمكينهم من استخدام التكنولوجيا وتوجيههم نحو الاستخدام السليم لها.
يقول عمرو أحمد، أب لطفلين 8 و5 سنوات، إن الطفل ينتقل عبر منصات المحتوى بين الفيديوهات المختلفة، ليشاهد محتوى لم يختره له والداه، الأمر الذي دفعه لتشغيل أنظمة الرقابة الأبوية، موضحًا: "لم أعد أترك ابني يستخدم حساباتي الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي"، إذ إن المحتوى الذي يٌعرض يكون مخصصًا للكبار.
ويضيف أحمد، أن الألعاب الإلكترونية، تُظهر إعلانات تتضمن روابط خارجية لتحميل ألعاب أخرى، قد لا تكون معروضة على متاجر التطبيقات، ما يعرّض سلامة الطفل وأمن معلوماته للخطر، وكذلك البيانات الشخصية والمالية للكبار، مشيرًا إلى أن بعض الأطفال عندما يشاهدون أطفالًا غيرهم ينتجون محتوى عبر الإنترنت يحاولون تقليدهم.
أبرز الجرائم الإلكترونية ضد الأطفال
وبالعودة إلى والدة محمد، فإنها تقول: "لا أعرف إن كان صُنع صور مفبركة للطفل هو ابتزاز جنسي أم لا، لكن يجب تشديد الرقابة على الفضاء الإلكتروني، للتضييق على الحسابات الوهمية، التي تُستخدم في أنشطة غير مشروعة".
وبحسب دراسة بحثية في جامعة الملك سعود، بعنوان: "حماية الأطفال من الجرائم الإلكترونية مسؤولية مجتمعية"، فإن أبرز الجرائم الإلكترونية الشائعة التي تستهدف الأطفال، هي التحريض على الأعمال الجنسية، وإنتاج صور فاضحة.

الدراسة التي نشرتها مجلة “مستقبل العلوم الاجتماعية” في يوليو 2024، أوصت بخمس خطوات لحماية الأطفال في الفضاء الإلكتروني بالمجتمع العربي.

حول طريقة التعامل مع ما تعرض له ابنها، قالت والدة محمد إنها لاحظت اضطرابه، وناقشته وأشعرته بالأمان، حتى أخبرها بالقصة، وأبلغت والده، ثم قرروا مواجهة المعتدي، الذي بادر تحت وقع التهديدات بحذف الحسابات".
حماية بيانات الأطفال
تنص المادة 25 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، على أنه “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تتجاوز مئة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية أو انتهاك حرمة الحياة الخاصة”.
وتحدد المادة 12 من قانون حماية البيانات الشخصية رقم 151 لسنة 2020 معاملة خاصة للبيانات المتعلقة بالأطفال، حيث اشترطت موافقة الممثل القانوني للطفل على معالجة بياناته الشخصية، ومنح القانون مركز حماية البيانات الشخصية صلاحية وضع ضوابط وشروط خاصة لمعالجة بيانات الأطفال بما يكفل حمايتهم.

الحماية القانونية للأطفال عبر الإنترنت
يقول عضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، محمد محمود مهران، إن هناك فجوات تشريعية كبيرة في المنظومة القانونية الدولية المعنية بحماية الأطفال في الفضاء السيبراني، فاتفاقية حقوق الطفل صيغت قبل الثورة الرقمية وتحديدًا في عام 1989، ما جعلها قاصرة عن مواكبة تطورات عالم التكنولوجيا.
ويتطرق مهران إلى مشكلة قانونية معقدة تتعلّق بكيفية التعامل مع الأطفال في الفضاء السيبراني، سواء كانوا ضحايا أو مرتكبي انتهاكات، فالقانون الدولي يواجه تحديًا كبيرًا في التوازن بين مبدأ تخفيف المسؤولية الجنائية للأطفال، والطبيعة العابرة للحدود للجرائم الإلكترونية التي يصعب حصرها داخل نطاق قانوني واحد.

ويوضح أنه عندما يكون الطفل ضحية لانتهاك سيبراني، يوفر القانون الدولي له حماية "نظرية” تواجه تحديات “عملية” تتعلق بولاية القضاء عبر الحدود وصعوبة ملاحقة المعتدين، أما إذا كان الطفل معتديًا، فتزداد المشكلة بسبب تباين سِن المسؤولية الجنائية بين الدول، الذي يتراوح بين 7 و18 عامًا، حسب الدولة.
ويشير إلى أن البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل التابع للأمم المتحدة (2000)، حاول معالجة بعض الثغرات المتعلقة بالاستغلال الرقمي للأطفال، لكنه لا يزال غير كافٍ للتعامل مع التحديات الحديثة كالذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي، مضيفًا أن المبادرات الحالية تعتمد على التنظيم الذاتي للشركات، وهو نهج يواجه تحديات في توازن المصالح التجارية مع مصلحة الطفل.
الدراما والجرائم السيبرانية
والدة محمد بيّنت أنها عقب ما تعرض له ابنها، بحث في هذا الأمر وأنه بدأ يظهر في المجتمع إلا أنه لا يتم تصديره على الساحة، حيث ترى وجود قصور في الإعلام بخصوص هذا الأمر، مؤكدة ضرورة توعية الأسر.
في أبريل 2024، اصطدمت مصر والمنطقة العربية، بأول جريمة تم تنفيذها عبر "الدارك ويب"، إذ نفذ قهوجي عمره 29 عامًا من منطقة شبرا، عملية قتل وحشي لطفل، بأمر من طفل كويتي عمره 15 عامًا، وهي القصة التي بُنيت عليها الحلقة السادسة من مسلسل “ساعته وتاريخه”، الجزء الأول.
كما ناقش مسلسل “أثينا” الذي عُرض في رمضان 2025، قضية الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، وفي الحلقة الـ11 تطرق إلى الأمن السيبراني للشباب، إذ إن إحدى الطالبات وصل إليها فيديو من روبوت وأمرها بنشره، كما أرسل إليها اسم المستخدم وكلمة المرور الخاصة بالجامعة، للاطلاع على بيانات الطلاب.

وحول هذا الأمر، يؤكد مؤلف مسلسل "أثينا"، السيناريست محمد ناير، أن الدراما لها دور كبير في التوعية بقضايا معاصرة، وعلى رأسها الأمن السيبراني، مشيرًا إلى ضرورة إنتاج محتوى درامي موجه للأسر والأطفال يسلط الضوء على هذا الملف الحيوي، مضيفًا أن فكرة الأمن السيبراني أصبحت ضرورة ملحة في ظل التطور السريع للذكاء الاصطناعي.
ويضيف ناير أن هذا الملف كان أحد المحاور التي تناولها في مسلسل "أثينا"، والذي ناقش من خلاله سيناريوهات مرعبة قد تحدث قريبًا إذا لم يتم التعامل مع التكنولوجيا بحذر، موضحًا: "الفكرة ليست فقط عن خطورة التكنولوجيا، لكن عن نقطة خطيرة جدًا، وهي معرفة إذا كان الشخص الذي يحادثنا حقيقيًا أم ذكاء اصطناعي".
"الأمر ليس مجرد ترفيه"، هكذا يتحدث ناير عن أهمية الإعلام بشكل عام والدراما خاصة، لمناقشة القضايا العصرية، حيث يرى أنه يتم تناول نفس الموضوعات كل مرة في الدراما، باستثناءات بسيطة، مضيفًا: "نحتاج لتطوير أنفسنا، وتطبيق تجارب مثل مسلسل (Black Mirror) الذي يناقش قضايا التكنولوجية ويجعل المشاهدين يتساءلون عن ما يمكن حدوثه في المستقبل".
وعن مدى تأثير الإعلام في توعية الأسر، يشير ناير إلى أن هناك تقصيرًا واضحًا في معالجة القضايا المتعلقة بالأمن السيبراني، خاصة فيما يخص الأطفال، مضيفًا: “أنا شايف إن كان فيه قصور، وحاولت أفتح الباب ولو بشكل غير مباشر.. بس إحنا فعلًا محتاجين أعمال درامية مخصصة تعرف الأسر إزاي تحمي ولادها”، مشددًا على أن الدراما يمكنها أن تسبق الكارثة وتمنعها، بدلًا من توثيقها بعد حدوثها، الأمر الذي يحتاج إلى وعي حقيقي.
الوعي السيبراني
وأصبح الأمن السيبراني أحد محاور الأمن القومي في برنامج الحكومة، نظرًا إلى تزايد الاعتماد على المنظومات الرقمية، بحسب تصريحات وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، عمرو طلعت، الذي يؤكد حرص الوزارة على رفع وعي جميع فئات المجتمع بمخاطر الهجمات السيبرانية، من خلال برامج تدريبية تبدأ من النشء وتهدف لاحقًا إلى اكتشاف المواهب والكوادر المتخصصة بين طلاب الجامعات والخريجين.
تجربة "محمد" دفعت والديه إلى تسجيله في أكاديمية الأمن السيبراني عبر منصة "مهارة تك"، التابعة لوزارة الاتصالات، حيث توفر تدريبات مجانية في مجالي الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، عبر أكاديميات متخصصة تستهدف مختلف الفئات العمرية.
وتوفر الأكاديمية أيضًا مسارًا للأطفال من سن 8 سنوات فأكثر، بهدف زيادة وعي النشء بالأمن السيبراني، عبر مجموعة من القصص والفيديوهات والألعاب التعليمية لمساعدتهم على الاستخدام الآمن للإنترنت.
-
12:00 AMالفجْر
-
12:00 AMالشروق
-
12:00 AMالظُّهْر
-
12:00 AMالعَصر
-
12:00 AMالمَغرب
-
12:00 AMالعِشاء


أخبار ذات صلة
استشاري عن جريمة "طفل" البحيرة: "البيدوفيليا" قديمة.. والمقربون متورطون
28 أبريل 2025 10:42 م
جبت رقمي منين؟.. كيف تُباع بياناتك الشخصية دون علمك؟
28 أبريل 2025 10:04 م
نجاح الفنانين بين الشاشة و"السوشيال ميديا".. هل تؤثر على الفن؟
28 أبريل 2025 07:24 م
توقف شامل بالبنى التحتية.. كيف شل انقطاع الكهرباء إسبانيا والبرتغال؟
28 أبريل 2025 04:04 م
أكثر الكلمات انتشاراً