الثلاثاء، 29 أبريل 2025

01:00 ص

استشاري عن جريمة "طفل" البحيرة: "البيدوفيليا" قديمة.. والمقربون متورطون

المتهمين في قضية التعدي جنسيًا على طفل البحيرة

المتهمين في قضية التعدي جنسيًا على طفل البحيرة

طفولة بريئة لوثتها الدناءة البشرية، وطمست معالم الرأفة تجاه طفل دون السادسة من سنوات عمره الأولى، هكذا طالت براثن الفساد الأخلاقي والشذوذ الجنسي طفل البحيرة، ليتعرض للاعتداء الجنسي لعام كامل، ويتم التستر على تلك الجريمة في إطار مستمر من التهديد.

الحادثة لم تكن الأولى من نوعها، خاصة خلال الفترة الأخيرة، ورغم وجود كل الدلائل البينة على الخطر المحدق الذي طال الطفولة البريئة، إلا أن البعض ما يزال مكذبًا للواقع، رغم الإحصائيات الرسمية بنسبة البيدوفيليا والتحرش الجنسي المتزايد بالأطفال.

ما هي البيدوفيليا؟

حادثة طفل البحيرة المعتدي عليه، فتحت الأذهان أمام خطر خفي يتلصص لمجتمعنا المحافظ -كما يتداول- ويتم التستر على تبعياته.

تعرض الطفل للاعتداء الجنسي بطريقة متكررة من أحد الإداريين القائمين على المدرسة التي يرتادها، وكان ذلك قبل عام من الآن، وخوفًا من تهديدات الجاني للطفل بذبح أبويه لم تعرف العائلة عن الأمر، رغم لجوئه لإحدى المعلمات، والتي استخفت بشكواه وأعرضت عنها، لتستمر مأساته لأشهر بمعاونة إحدى العاملات التي كانت تسلمه للجاني وتتستر على جرائمه، فيما اتضح من التحقيقات علم مديرة المدرسة والتي لم تتخذ أي إجراء لازم، لتنفجر القصة في النهاية بعد إخباره لوالديه، الذين قاموا برفع دعوى قانونية جاري البث فيها في المحاكم المصرية.

  حادثة طفل البحيرة تعد مثالًا مباشرًا لمفهوم  البيدوفيليا (Pedophilia)، والتي تعد  واحدة من أخطر الجرائم النفسية والاجتماعية.

ووفقًا لتعريف الجمعية الأمريكية للطب النفسي، فتعني الانجذاب الجنسي للبالغين تجاه الأطفال، وعادة ما يُعرف المصاب بها بأنه شخص بالغ يشعر بإثارة جنسية تجاه أطفال لم يبلغوا بعد سن البلوغ (عادة أقل من 13 عامًا).

أسباب ارتفاع حوادث البيدوفيليا في المجتمع

وبهذا الصدد أوضح استشاري الصحة النفسية الدكتور وليد هندي،  أن مشاكل البيدوفيليا وحوادث التحرش بالأطفال موجودة في المجتمع منذ القدم، ولكن بسبب الأسس الأخلاقية التي امتهنها الناس قديمًا لجأوا للتغطية على تلك الحوادث وطمسها، فكانت من الظواهر المسكوت عنها.

وأضاف في حديثه لـ"تليجراف مصر": "السوشيال ميديا هو السبب في إظهار تلك الحوادث وكشف عوراتها للمجتمع، ولكنها كانت موجودة دائمًا، وأصبحنا نسمع الآن عن أن تلك الحوادث انتشرت، والحقيقة غير ذلك، هي فقط بدأت تظهر للعلن ولكنها كانت موجودة طوال الوقت، وبدأت تتضح المشكلة، خاصة مع زيادة عدد السكان وغياب دور الأسرة في توعية الأطفال بتلك المشكلة".

البيدوفيليا مفتاح جرائم قتل الأطفال

ويعرف هندي البيدوفيليا كونها شذوذ جنسي، وهو اضطراب وخلل نفسي شديد جدًا قد يؤدي إلى جرائم قتل، للتستر على تلك الفعلة المشينة، أو إخفاء جريمته، وغالبًا ما يكون الجاني قريبًا من الضحية، فيتمكن من استخدام أدواته في الاستعطاف والتهديد، وهو شائع عن الرجال بالأكثر، فيما تنخفض شريحة السيدات المصابات به.

واستكمل:" عادة ما يكون الجاني من المقربين أو يمتلك سلطة معينة على الطفل، كأن يكون إحدى مدرسيه أو مدرب أو شيخه إلى أخره، وعادة ما يتم من خلال ايذاء الطفل جسديًا بالضرب والعنف، وعادة ما يتسم الشخص البيدوفيلي بأنه شخصية سايكوباتية لديها سلوك عدواني للمجتمع، وأحيانًا ما تبنع أفعاله من شعور بالنقص ضد الطفل، كأن يعاني الجاني من انخفاض مستواه الدراسي فيلجأ للتعدي على طفل متفوق وهكذا من الأمثلة".

كيف تبدو الشخصية المصابة بالبيدوفيليا؟

تظهر الشخصية البيدوفيلية على عكس طبيعتها، فتعكس الطيبة والخلق والأسلوب الراقي في التعامل، وعادة ما يكون قادمًا من أسرة مضطربة أو لديه تصدع في حياته، وأحيانًا أخرى قد يكون تصرفه ناتجًا عن تعرضه المسبق للتحرش أو الاعتداء الجنسي فيحدث لديه ما يسمى بإعادة إنتاج السلوك.

ويستطرد حديثه:" أحيانًا ما يكون البيدوفيلي متعاطيًا للمخدرات، وغالبًا ما يكون مصابًا بمتلازمة الانفصال الجزئي، وتعني اختلال عمل عدة مناطق في الدماغ، فيكون لديه اختلال في منظومة عمل الدماغ فلا تسير بآلية واحدة، وإذا ما كان كبيرًا نسبيًا فلربما يكون لديه عدم رضى في العلاقة الجنسية مع البالغين، وممكن يكون عنده انسحاب اجتماعي مصاحب لانخفاض الثقة بالنقص، ولديه كبت جنسي ورفض للعلاج، وهو شخصية متقلبة المزاج ويصاب بالاكتئاب بسهولة".

الإحصائيات العالمية للبيدوفيليا

وفقًا لما جاء في التقارير الرسمية لمنظمة الصحة العالمية، فالإحصائيات الدقيقة تختلف لصعوبة توثيق الحالات، وانحدار الوعي بالمشكلة في الأساس، والسعي خلف التستر عليها، بسبب الخوف المجتمعي، أو الصدمة النفسية للضحية.

ولكن وبتقدير مبدأي، فيشير التقرير إلى أن حوالي 1 من كل 5 فتيات، و1 من كل 13 صبي يتعرضون للتحرش أو الاعتداء الجنسي قبل بلوغ  18 عامًا.

إحصائيات البيدوفيليا في مصر 

وإذا ما انتقلنا للوطن العربي ومصر بالتحديد، وفي ظل العقلية الجمعية التي تتبنى الفكر المحافظ، بضرورة التكتم على نوعية تلك الحوادث، او نبذ الضحايا، فيصعب تقدير النسبة الدقيقة للحالات.

ولكن بالاستناد إلى تقرير صدر عام 2022 من منظمة “نجدة طفل”، فقد  أشارت إلى تسجيل أكثر من 1000 حالة تحرش واعتداء جنسي ضد أطفال مصر خلال عام 2022، ووسط التصاعد المقلق للظاهرة مجتمعيًا، خاصة  مع ضعف آليات الحماية والوعي المجتمعي، فأوضح المجلس القومي للأمومة والطفولة أن 85% من حالات العنف الجنسي ضد الأطفال تحدث من أشخاص معروفين للضحية، سواء كانوا من الأقارب أو العائلة، وهو ما رصده مسلسل “لام شمسية” الذي عرض خلال الماراثون الرمضاني، ووثق جريمة بيدوفيليا ضد الطفل يوسف، والذي تعرض للتحرش الجنسي من قبل صديق والده المقرب وسام.

كيف تكتشف إذا كان طفلك ضحية للتحرش الجنسي؟

أما عن المؤشرات المهمة التي يجب أن ينتبه لها الآباء على أطفالهم، ويستدل بها على وقوعهم في فخ التحرش الجنسي، فهي كالتالي:

  • تغيرات سلوكية مفاجئة تطرأ على طفلك، مثل الانطواء، الغضب الشديد، أو الخوف غير المبرر من أشخاص أو أماكن معينة.
  • تعرض الطفل لمشاكل في النوم،  كالكوابيس أو التبول اللاإرادي.
  • اهتمام  غير معتاد من قبل طفلك بالأمور الجنسية أو استخدام ألفاظ جنسية لا تتناسب مع عمره.
  • آلام جسدية غير مبررة يشتكي منها طفلك خاصة في المناطق الحساسة.
  • رفض الطفل للذهاب لمكان معين (كالمدرسة أو النادي) دون إبداء سبب واضح.
search