الثلاثاء، 29 أبريل 2025

10:43 م

ثغرة قانونية لـ"الخلافة".. ترامب يخالف الدستور ويحلم بـ"ولاية ثالثة"

الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب

الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب

في مشهد سياسي أمريكي لا يخلو من المفاجآت، عاد الرئيس دونالد ترامب لإثارة الجدل مجددًا، عبر تصريحات توحي برغبته في الترشح لولاية رئاسية ثالثة.

وبينما يقيّده التعديل الثاني والعشرون للدستور، الذي ينص على أنه لا يحق لأي رئيس أمريكي أن يُنتخب لأكثر من ولايتين، يواصل ترامب إرسال إشارات مزدوجة، تارة على شكل مزاح، وأخرى بنبرة جدية، قائلًا إنه "لا يمزح".

ولاية ثالثة

خلال مقابلات وتصريحات علنية، أرسل ترامب إشارات متباينة بشأن طموحه السياسي المستقبلي، فعندما سُئل في مقابلة مع شبكة "NBC" عن احتمالية الترشح لولاية ثالثة، أجاب: “هناك طرق يمكنك من خلالها القيام بذلك… أنا لا أمزح، كثيرون يريدون مني أن أفعل ذلك”.

وكان قد صرح سابقًا، مازحًا على حد قوله، بأنه قد يخدم "مرة، مرتين، ثلاث أو أربع مرات"، وهو ما فتح باب التأويلات من جديد. 

وزادت التكهنات مع طرح قبعة جديدة على متجره الإلكتروني كُتب عليها "ترامب 2028"، ارتداها نجله إريك ترامب، مع تعليق: “المستقبل يبدو مشرقًا”!

عقبة دستورية واضحة

لكن الطريق أمام ترامب لا يخلو من العقبات الدستورية، وفق صحيفة “نيويورك تايمز”، فالتعديل الثاني والعشرون للدستور الأمريكي، الصادر عام 1951، ينص بوضوح على: "لا يجوز انتخاب أي شخص لمنصب الرئيس أكثر من مرتين".

ولتعديل هذا البند، يتطلب الأمر موافقة ثلثي مجلسي النواب والشيوخ، ومصادقة ثلاثة أرباع الولايات الأمريكية – وهي معادلة صعبة التحقق، خاصة أن الجمهوريين لا يملكون الأغلبية الكافية، فيما يسيطر الديمقراطيون على 18 من المجالس التشريعية الـ50 في البلاد.

الكونجرس الأمريكي

يرى بعض أنصار ترامب إمكانية لتجاوز الحظر الدستوري عبر ما يسمونه "ثغرة قانونية"، مفادها أن التعديل الثاني والعشرين يمنع "الانتخاب" لولاية ثالثة، لكنه لا يمنع "الخلافة".

وبناءً على هذا الطرح، يمكن لترامب الترشح لمنصب نائب الرئيس في 2028 إلى جانب مرشح رئاسي آخر، مثل السيناتور جيه دي فانس. وفي حال فاز الثنائي، يستقيل الرئيس الجديد فورًا، ليخلفه ترامب ويتولى الرئاسة.

مع ذلك، يرى خبراء القانون أن هذا المسار غير قانوني، إذ ينص التعديل الثاني عشر للدستور على أن منْ لا يحق له تولي الرئاسة لا يحق له أن يكون نائبًا للرئيس.

ويؤكد أستاذ قانون الانتخابات بجامعة نوتردام، ديريك مولر: "لا أعتقد أن هناك أي حيلة قانونية للالتفاف على حدود الفترات الرئاسية".

تعديل الدستور

في يناير الماضي، قدّم النائب الجمهوري آندي أوجلز، مشروع قرار يدعو إلى تعديل دستوري يسمح لرئيس سابق بالترشح لثلاث ولايات، بشرط ألا تكون المدد متتالية. وفي حال تمريره، سيكون ترامب الرئيس الوحيد المؤهل لذلك بين رؤساء أمريكا الأحياء.

لكن طبيعة التعديلات الدستورية المعقدة والمتطلبة تجعل من هذا السيناريو أقرب إلى الطموح السياسي منه إلى الواقع القانوني.

وتلقى فكرة ولاية ثالثة لترامب معارضة شرسة من الديمقراطيين، الذين اعتبروها تهديدًا للنظام الديمقراطي. وقال النائب الديمقراطي دانيال جولدمان: "إنها محاولة أخرى للسيطرة على الحكومة وتفكيك الديمقراطية".

أما داخل الحزب الجمهوري، فقد عبّر بعض الأعضاء عن تحفظهم، ومن بينهم السيناتور ماركوين مولين، الذي قال بوضوح إنه لا يدعم تعديل الدستور لتحقيق هذا الهدف. بينما وصف النائب توم كول هذه الفكرة بأنها "خيالية للغاية".

روزفلت.. استثناء تاريخي

يُعد فرانكلين ديلانو روزفلت الوحيد في التاريخ الأمريكي الذي شغل منصب الرئيس لأكثر من فترتين، حيث اُنتخب أربع مرات بين 1932 و1944، قبل وفاته خلال ولايته الرابعة.

وكان ذلك قبل إقرار التعديل الثاني والعشرين عام 1951، الذي حدّد الولاية الرئاسية باثنتين كحد أقصى، تأكيدًا على العرف الذي بدأه جورج واشنطن.

روزفلت هو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي خدم أكثر من فترتين

ورغم الرسائل الغامضة وحملات التسويق المثيرة، فإن أي محاولة لترامب لشغل منصب الرئاسة لولاية ثالثة ستصطدم بجدار الدستور الأمريكي، ما لم تحدث تغييرات قانونية جذرية، وهو أمر يبدو بعيد المنال في الظرف السياسي الراهن.

search