الخميس، 19 سبتمبر 2024

07:49 م

محمود حميدة: كنت أرى في عين يوسف شاهين طفلا مبدعا

محمود حميدة

محمود حميدة

مي فهمي

A A

أقيم ضمن فعاليات مهرجان “الأقصر السينمائي للسينما الأفريقية" في دورته الـ13، “ماستر كلاس” للفنان محمود حميدة، رئيس شرف المهرجان.

وتحدث محمود حميدة في البداية عن مناهج التمثيل، قائلًا "أنا تعلمت مناهج التمثيل وأنا في عمر 18 عامًا، ومنها اكتشفت بعض الجوانب الشخصية لديّ مثل حركة الجسد والصوت، وكنت أشاهد الممثلين العالميين وأذاكر أدوارهم جيدًا وأقارن بين ما أقدمه وما شاهدته من هؤلاء النجوم".

وتابع "التمثيل في المسرح يختلف عن التمثيل في السينما، وأتذكر أنني في بداياتي شاهدت عرضًا مسرحيًا لممثل كنت أراه للمرة الأولى وانبهرت حينها بأدائه، لكنني حينما شاهدته بعد ذلك اختلف أداؤه، لأن الممثل عندما يصعد على خشبة المسرح لأول مرة يكون لديه شغف ورهبة من الجمهور، لكنه بمجرد أن يعتاد الجمهور ويتخلص من الرهبة يتغيّر أداؤه إلى حد كبير، بينما العمل في السينما يختلف عن المسرح، لأن بعد التصوير تتم عملية المونتاج ويتم خلالها تقطيع المشهد إلى عدة لقطات تقدم تعبيرات مختلفة، بينما في المسرح لا يوجد مجال لاستخدام تعبيرات الوجه أو الجسد إلا مرة واحدة، ولذلك فمن المفترض أن يقوم الممثل برسم الشخصية ويركز في تفاصيل كل مشهد".

صدق الممثل

وأوضح "المسرح يحتاج من الممثل صدقًا كاملًا لفترة معينة من الزمن، وأتذكر في بداياتي، أنني كنت عندما أدخل المسرح أظل في غرفتي أذاكر دوري وأركز فيه فقط، ولم تكن علاقتي بالزملاء متوطدة، لكن الوضع في السينما مختلف، لا بُد أن تكون هناك علاقة ود بين الممثل والمخرج والمونتير والمصوّر لتظهر روح العمل في السينما بشكل متكامل".

وأضاف: “الإخلاص في الفن والعمل الذي يقدمه المخرج هو طريقه في الحياة، والفنان عندما يقدم دورًا ينحي تمامًا أي مطالب شخصية عندما يقبله”، معترفًا بأن "هناك أعمالًا ربما لم تحقق النجاح وهذا موجود في مسيرة أي فنان".

وأوضح حميدة “لا بُد أن نراجع أنفسنا دائمًا، وأن ننتقد أنفسنا كذلك حتى نصل إلى نسخٍ أفضل”، لافتًا إلى أن "التدريبات في التمثيل تتبع علم الحركة، لأننا لا بُد أن نتعلم كيفية تغيير نبرة الصوت التي نتحدث بها، لأن الصوت صادق عن الممثل نفسه، وكيفية تلوين الصوت حسب النص من العناصر الهامة للغاية، بل إنه لا يقل أهمية عن لغة الجسد".

أهمية الصوت

حميدة قال أيضًا إن"كل شخصية ترسمها يجب أن تدرك أن الصوت فيها له أهمية لا تقل عن أهمية لغة الجسد، ولكي يدرب الممثل نفسه على تغيير نبرة الصوت لا بد أن يكرر كلمة معينة ويحاول أن يعكسها ليدرب نفسه على جميع المصطلحات، وعليه أن يأتي بالنص ويعيده بصوت عال في أماكن مختلفة بجميع الطرق، كأن يقرأ بطريقة ساخرة مرة، وبطريقة جادة مرة أخرى، وبأسلوب شخص مندهش، وهكذا، لأن التلوّن في الصوت هام للتعرف على الصوت. والطريقة الوحيدة لتحسين صوتك هي صوتك، لأن صوتك على القياس العلمي أنت لم تسمعه، ولكن المستمع هو الوحيد الذي يسمعه، وكل الناس موهوبة بالفطرة وكل شخص حسب شخصيته".

وتحدث عن رهبة مواجهة الجمهور، قائلًا "بالنسبة لأي فنان يصعد على المسرح هناك خوف من الجمهور، وهذا لا يتعلق بالمسرحيين فقط، ولكن بالرياضيين أيضًا، ومن الممكن أن يصاب الممثل بمتلازمة الخوف من الجمهور، وحتى نتفادى الخوف من المسرح لا بُد من التدرُّب على الاسترخاء وعمل تمارين التنفس".

واستكمل "البحث عن المصادر المعرفية ضروري لتطوير موهبة التمثيل، وأنا أشير للفنانين الجُدد بأن التمثيل علم وله مصادر معرفية، وأرى أنه لم يستقر لدينا تعليم التمثيل كما ينبغي حتى الآن".

وعن علم التمثيل أكد حميدة أن "التمثيل يتبع علم الحركة، وهناك أشخاص لديهم مناهج في تعليم الأشياء عن طريق التعبير الحركي كالفنون القتالية وفنون التمثيل، وعلم الحركة هو مجموعة حركات معينة تؤدي إلى إيصال المعنى كما يجب أن ينبغي، ولأن الطفل موجود بداخل المبدع دائمًا فأنا أعترض على لقب نضج فني، لأنه من المهم أن يظل المبدع طفلًا كما هو، مثل المخرج يوسف شاهين، كنت أنظر في عينيه فأرى الطفل الذي يبلغ من العمر 5 سنوات ما زال يبدع، ومسألة نضج الممثل أكذوبة، وأنا أرى أن البشر خلقوا لأجل التمثيل، والإنسانية كلها تتلخص في التشخيص أو السلوك الإنساني، وكل فرد ممثل بطبيعته وموهوب في ذلك، ولكن عندما يتربى في بيئة ويكبر وينشأ فقدراته تتعطل وكلما يكبر أكثر قدراته تقل أكثر بسبب تأثيرات المجتمع".

نصيحة للشباب

حميدة الشباب الذي يبدأ حياته فنيًا، قائلا "إخلاصك وتعليمك هو الشيء الوحيد المنقذ بالنسبة لك، والقراءة والإخلاص والتعلم هي مفاتيح النجاح في كل مجال، وكيفية جعل الممثل حقيقيًا على المسرح هو أن تظل داخل الحدث على خشبة المسرح، ولا تنشغل بالمتفرج، بل تهتم بالذي يحدث على خشبة المسرح فقط، المحيط الذي تجسِّد فيه شخصيتك داخل العمل، فإذا انشغلت بالمتفرج والمتفرج انشغل بك ستكون مزيفًا".

وأضاف نصيحة أخرى "كلما كان الممثل منشغلًا بالحدث الموجود على المسرح سيكون ممثلًا حقيقيًا، لأن العقد الذي تم عقده بينه وبين المتفرج هو الحدث، ونحن في فنون التمثيل نهتم بالتدريب على الحركة لأجل أن يظل الوعي بالجسد موجودًا طوال الوقت، لأن حركة الجسد تحقق الجدل مع الفراغ".

واختتم حميدة حديثه قائلًا "أنا من جيل يعتبر صناعة الفيلم عملًا جماعيًا يقوده رب العمل، وهو المخرج، ففي (فن صناعة اللقطة) يكون الممثل هو الظاهر فقط، لكن هناك أفرادا كثيرين لكل واحد منهم دور مهم في خروج اللقطة في أحسن صورة، بداية من مهندس الديكور ومدير التصوير والمونتير وغيرهم، والجمهور أصبح واعيًا جدًا في معرفة صنّاع السينما وليس الممثل فقط، ولا بُد أن يوطد الممثل علاقته بجميع أفراد فريق العمل".

search