الخميس، 19 سبتمبر 2024

05:45 م

"زيارة أردوغان".. اقتصاد البلدين إلى فضاء أرحب

الرئيسان السيسي وأردوغان

الرئيسان السيسي وأردوغان

ولاء عدلان

A A

وصل رجب طيب أردوغان إلى القاهرة، اليوم، في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها، بعد قطيعة دامت لنحو 11 عامًا، وسط مساعٍ حثيثة من البلدين لتعزيز العلاقات الثنائية على الصعيدين السياسي والتجاري في وقت تواجه القاهرة وأنقرة مزيدًا من الضغوط الاقتصادية تزامنًا مع الاضطرابات الجيوسياسية التي تعصف بالمنطقة.
 

رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، علي عيسى، قال إن هذه الزيارة لا شك ستمثل دفعة إيجابية للعلاقات الاقتصادية بين البلدين، فأي تقارب على الصعيد السياسي من شأنه دفع التعاون الاقتصادي والتجاري نحو آفاق أرحب.

شراكة مثالية

وأضاف عيسى، أن حجم التبادل التجاري بين البلدين مؤهل لمزيد من النمو في الفترة المقبلة، لا سيما أن المنتجات التركية تتمتع بشعبية واسعة في السوق المصرية، وفي المقابل سجّلت الصادرات المصرية إلى تركيا نموًا ملحوظًا في السنوات القليلة الماضية، وخلال العام الماضي جاءت تركيا على رأس قائمة أكبر الأسواق استيرادًا من مصر بحصة وصلت إلى 2.94 مليار دولار، متقدمة على السعودية، وهي شريك تقليدي لمصر، التي سجّلت قرابة 2.78 مليار دولار، ما يكشف أهمية الشراكة مع تركيا.
وأشار إلى وجود استثمارات تركية مباشرة في مصر واهتمام واسع من المستثمرين الأتراك لاستكشاف مزيد من الفرص في السوق المصرية، خصوصًا في قطاعات الغزل والنسيج والصناعات الهندسية، واعتبر أن توجه الحكومة التركية لدراسة إمكانية إنشاء مدينة صناعية في مصر أمر بالغ الإيجابية، ويأتي انطلاقًا من سعي الأتراك إلى استغلال مَيزات السوق المصرية.
وأوضح أن مصر لديها موقع استراتيجي والعديد من الاتفاقيات التجارية مع الدول الأفريقية والاتحاد الأوروبي، بالتالي هي بالنسبة إلى تركيا تعد شريكًا مثاليًا وبوابة للنفاذ إلى الأسواق الأفريقية والأوروبية أيضًا، لا سيما في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج والتصدير من تركيا باتجاه هذه الأسواق.
وتقدر استثمارات تركيا في مصر بنحو 2.5 مليار دولار، وسط مساعٍ لتعزيزها في السنوات المقبلة، وفي هذا الإطار أعلن وزير التجارة والصناعة، أحمد سمير، أمس، أن الغرفة التجارية الصناعية في مدينة بورصا التركية، تدرس إنشاء منطقة صناعية في مصر متخصصة في صناعة المنسوجات والسيارات والألومنيوم والآلات والمعدات التكنولوجية المتقدمة، تركز على التصدير إلى أسواق عدة من بينها أفريقيا والخليج.

تبادل بالعملات المحلية

وخلال عام 2022، وصل حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا إلى 7.7 مليار دولار لأول مرة في تاريخ العلاقات بين البلدين، في ظل مساعٍ للوصول بهذا الرقم إلى 15 مليار دولار في غضون أربعة أعوام. 

وأفاد عيسى بأن جمعية رجال الأعمال المصريين طالبت عدة مرات بترجمة مساعي مصر وتركيا لإتمام هذا الحجم من التبادل التجاري بينهما بالعملات المحلية إلى واقع، عبر اتفاقية بين البنك المركزي التركي ونظيره المصري، مضيفًا أن مثل هذه الاتفاقية ستنعكس إيجابًا على اقتصادي البلدين، وبالنسبة إلى مصر ستكون جيدة للغاية في ظل استمرار أزمة نقص الدولار، لا سيما مع تراجع عجز الميزان التجاري مع تركيا في الفترة الماضية.
واتفق معه الخبير الاقتصادي، عادل عامر، متوقعًا أن توّقع القاهرة وأنقرة خلال هذه الزيارة الهامة لأردوغان إلى مصر اتفاقية لتطبيق آلية التبادل التجاري بالعملات المحلية، بعد أن توصلا إلى اتفاق مبدئي بهذا الشأن في العام الماضي.
وأوضح أن تركيا تمثل مصدرًا لنحو 35% من واردات المواد الخام والآلات اللازمة لقطاع الصناعة المصري، بالتالي فإن مثل هذه الاتفاقية ستمثل خطوة إيجابية في إنعاش قطاع الصناعة الذي تضرّر من ارتفاع تكاليف الاستيراد في الفترة الماضية نتيجة لأزمة نقص الدولار، إضافة إلى أهميتها في تخفيف اعتماد البلدين على الدولار.
وتوقع عامر أن تشهد الفترة المقبلة عقب زيارة أردوغان الحالية للقاهرة، مزيدًا من التقارب بين البلدين على الصعيد التجاري وتفعيل أكبر لاتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، لا سيما في ظل التوترات الجيوسياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وما تشهده مصر وتركيا من تحديات اقتصادية.

وأضاف أن المصالح الاقتصادية تجُب أي خلاف، لذا كان من الطبيعي ألا نرى تأثرًا ملموسًا لهذه المصالح خلال فترة القطيعة السياسية في الفترة من 2013 إلى 2023، حيث استمر التبادل التجاري بين البلدين في تسجيل معدلات متوازنة من النمو وبلغ ذروته في 2022، قبل أن يتراجع إلى حدود 5.9 مليار دولار في العام الماضي، مقابل نحو 4.8 مليار دولار في 2013 (العام الذي شهد بداية الأزمة السياسية بين البلدين).

search