الجمعة، 22 نوفمبر 2024

01:56 م

حكاية مُغسلة الموتى و"ريحة الجنة".. أم حمزة: "الجثث بتكلمني"

أشهر مُغسلة بالوراق

أشهر مُغسلة بالوراق

خلود طارق

A A

كأنها تحرس بوابة مرور بين عالمين.. تستقبل هؤلاء العابرات من الدنيا إلى الآخرة، تقف أمامهن بهدوء وثبات، تغسّلهن بالماء وتعطرهن بالمسك، تودعهن إلى مثواهن الأخير في عالمهن الجديد الأبدي.

"أم حمزة" صاحبة الـ45 عامًا تؤكد أنها أشهر مُغسّلة في الوراق، وتقول إنها وهبت نفسها لله وخصصت حياتها في الدنيا لستر السيدات، كما دربت 17 سيدة على مدار سنوات للعمل كمغسلات متطوعات.

فن الغُسل

تتحدث "أم حمزة" عن طبيعة عملها الذي بدأت فيه قبل 9 سنوات عندما تعلمت ما وصفته بـ"فن" تغسيل الموتى على يد "أمها الروحية" في أحد المساجد.

وعن أول مرة مارست فيها عملها التطوعي، تقول أم حمزة "كان عندي رهبة وخوف، لكن كان في حاجة جوايا بتشدني أتعلم، ومن ساعتها وهبت نفسي لربنا، وقررت أستر كل ست متوفاة وأعتبر نفسي مكانها، وأعملها كل اللي نفسي يتعمل معايا لما أموت، لما أقابل وجه كريم".

وحول الفرق بين تغسيل "الميت" طبيعيًا أو المقتول أو المتوفى في حادث، توضح "أغسّل السيدات بعد وفاتهن طبيعيًا أو في حوادث قتل وأحيانًا انتحار، لم أشعر بالخوف أو القلق، لا تزعجني الأشلاء أو المنتحرات يقبضوا القلب، وهذه حقيقة، دليل سوء الخاتمة
الرائحة الكريهة، أتعامل مع الجثث في النهاية حتى انتهاء المهمة وتوصيل الأمانة".

أدوات تغسيل الموتى



أفكار خاطئة 

"أم حمزة" تؤمن بسوء الخاتمة، لكنها تقول إن هناك مُغسِلات يعتقدن أن ظهور تجمع دموي أسفل الظهر عند الميت، دليل على سوء الخاتمة "دي شائعات، الإنسان أول ما بيموت الدم بيتجلط خلال 4 دقائق في المناطق الهابطة من الجسم، أبرزها أسفل الظهر. تظن المغسلات أن لون التجمع الدموي الأزرق، دليل على سوء خاتمة، لكن هذا خطأ ومعلومة غير حقيقية".

أكفان تستخدمها أم حمزة في عملها

"الجثث بتكلمني"

تروي "أم حمزة" أغرب الحالات التي رأتها خلال عملها "جالي حالات انتحار كتيرة وأغلبها فتيات في سن الـ20، والحقيقة قلبي بيتقبض وبحس بخنقة أول ما أدخل على شابة منتحرة.. في مرة كنت بغسل واحدة شنقت نفسها، لاقيتها مسكت إيدي.. حسيت إنها عايزاني أطبطب عليها.. كأن الجثث بتكلمني".

"الست اللي بتتكسف، بنعرفها لما نيجي نحط غطاء الستر عليها عشان الغسل، بتثبت إيديها على الغطا عشان منشيلوش".. "كنت بغسل ست، وكان وشها عليه غضب شديد، حسيتها بتقولي عايزة أشوف ولادي.. بمجرد ما دخلتلها ولادها، وشها ابتسم وكان تغسيلها متيسر جدًا".. تروي "أم حمزة" أغرب مواقف تعرضت لها.

زيوت وشامبو ومسك تضيفها أم حمزة على الأكفان

"مسك فاخر"

وعن أدوات التغسيل، تقول "باستخدم ليفة ناعمة جدًا لأن بشرة الميت بتبقى زي الطفل، ولازم أعامل أي واحدة ميتة وكأنها عايشة.. بيبقى لا حول لها ولا قوة مينفعش أعامل أي جثة وحش".

ترش "مُغسِلة الوراق" المسك الفاخر على الأكفان بالإضافة إلى زيت النعناع، وبودرة الكافور بعد خلطها مع ماء الغُسل.. تؤكد "أم حمزة" أن الخليط يعطي جسد الميت "ريحة الجنة".

search