الجمعة، 20 سبتمبر 2024

01:19 ص

ما حكم إحياء السهرات الرمضانية؟.. الإفتاء تجيب

ابتهالات دينية

ابتهالات دينية

فادية البمبي

A A

ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية، عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، يقول: ما حكم الاجتماع في ليالي رمضان للاستماع لقراءة القرآن من القراء الذين يحسنون أداءه، وإنشاد المدائح والقصائد الدينية؟ حيث اعتدنا في قريتنا أن نجتمع بعد صلاة التراويح للاستماع لقارئ يقرأ القرآن الكريم؟

سهرات رمضانية

وأضاف السائل أنه أحيانًا يتبعه شيء من المديح النبوي وإنشاد القصائد الدينية، ويصحب ذلك تقديم بعض المأكولات والحلويات والمشروبات، وأحيانًا تقديم وجبة السحور؛ فرحًا بالشهر الكريم من ناحية، وفرحًا لتجمع الأهل والأحباب والجيران كبارًا وأطفالا أغنياء وفقراء من ناحية أخرى، ونسمي ذلك "سهرات رمضان"، فهل هذا يعد من إحياء ليالي رمضان؟ وهل نثاب عليه؟ وهل هو موافق أو مخالف للسنة النبوية؟

جاءت إجابة مفتي الجمهورية، الدكتور شوقي علام، لتؤكد أن الاجتماع في ليالي رمضان للاستماع لقراءة القرآن من القراء الذين يحسنون أداءه، وإنشاد المدائح والقصائد الدينية، أمرٌ مشروعٌ مستحبٌّ حَسَنٌ؛ بعموم الأدلة الدالَّة على استحباب قراءة القرآن واستماعه.

كما أن تقديم بعض المأكولات ونحوها أثناء الاجتماع من باب إطعام الطعام الذي تضافرت نصوص الشرع الشريف في الحثِّ عليه، وأنه من الأسباب التي يترجى بها الفوز بدخول الجنة. 

فضل ختم وقراءة القرآن الكريم في رمضان

وأوضح مفتي الجمهورية ، أن الشرع أمر بقراءة القرآن الكريم وترتيله، فقال تعالى: “وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ تَرْتِيلًا”، ورتَّب على ذلك الأجر المضاعف، فقال عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾ ، 

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ» أخرجه مسلم، وقال أيضًا صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، 

الاجتماع لسماع تلاوة القرآن الكريم في ليالي رمضان

من المقرر أن قراءة القرآن مشروعةٌ مُطْلَقًا بعموم الأدلة الشرعية التي جاءت في الحَثِّ على قراءة كتاب الله واستماعه والإنصات إليه؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾، كما أن الاجتماع لها أمرٌ مشروعٌ بعموم الأدلة التي جاءت في الحَثِّ على الاجتماع على الذِّكر والقرآن؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» أخرجه مسلمٌ.

مشروعية المديح والابتهالات النبوية 

وأضاف مفتي الجمهورية ، كذلك الحال في المدائح وإنشاد القصائد الدينية فإنه أمر مباح؛ حيث إن مدح الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم من أجلِّ القربـات، ومن أعظم ما يُثَبَّتُ به حب الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم في القلوب.

وقد صحت الأحاديث بأنه لا أحد أحب إليه المدح من الله تعالى؛ ففي حديث الأسود بن سَرِيعٍ رضي الله عنه أنه قال: قلت: "يا رسول الله، مدحتُ الله تعالى بمِدحة ومدحتك بمِدحة"، قال: «هَاتِ، وَابْدَأْ بِمِدْحَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، ولم يزل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُعجبه الشعر ويُمدَح به فيثيب عليه، وقد سمع مدحه بأذنه من حسان بن ثابت، وعمه العباس، وأنس بن مالك، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن زهير، وغيرهم، رضي الله عنهم، ولم ينكر منه شيئًا.

وتغنَّى المتغنون بين يديه بمديحه صلى الله عليه وآله وسلم فرادى؛ كالثابت عن ابن رواحة وأنس رضي الله عنهما في الحُداء، والثابت عن عائشة رضي الله عنها في حكمها بأحقيته صلى الله عليه وآله وسلم بما جاء من المدح في بعض شعر الشاعرين.

 فضل إطعام الطعام 

كذلك الحال في تقديم بعض المأكولات والمشروبات أثناء الاجتماع للتلاوة، فإنه أمر مشروع يثاب عليه؛ لعموم الأدلة الواردة في إطعام الطعام، وأنه من أحبِّ الأعمال إلى الله تعالى وأرجاها للقبول؛ حتى جعله سبحانه وتعالى من أسباب الفوز بدخول الجنة؛ فقال تعالى -مادحًا عباده المؤمنين-: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾ [الإنسان: 8]، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أي الإسلام خير؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ» متفق عليه.

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا، وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا»، فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «لِمَنْ أَطَابَ الكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ» أخرجه أحمد في "المسند"،.

وعن صهيب بن سنان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «خِيَارُكُمْ مَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ» .

ففي ذلك تأكيدٌ على أن إطعام الطعام من أفضل الأعمال وأجل القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه عزَّ وجلَّ؛ ويزداد أجر إطعام الطعام فضلًا وثوابًا عندما يكون تقديمه للناس في أوقات معينة؛ كالأعياد والمناسبات وبعض الشهور؛ كشهر رمضان.

search