الجمعة، 22 نوفمبر 2024

04:17 ص

ثقة دولية.. الاحتياطي الأجنبي يتحول إلى نقطة بيضاء

مبنى البنك المركزي

مبنى البنك المركزي

ولاء عدلان

A A

بين عشية وضحاها تحولت نظرة المؤسسات المالية العالمية للاقتصاد المصري إلى إيجابية وبدأت ترفع سقف توقعاتها لاحتياطي الدولة من النقد الأجنبي في ظل التطورات الأخيرة التي شهدتها الأيام القليلة الماضية وتحديدًا منذ توقيع الحكومة لصفقة رأس الحكمة في 23 فبراير الماضي بقيمة 35 مليار دولار. 
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور عادل عامر، إن توقيع صفقة تطوير مدينة رأس الحكمة، التي تعد الأكبر من نوعها كاستثمار أجنبي، شكل دفعة إيجابية للأوضاع الاقتصادية التي تعقدت منذ العام 2022 بفعل خروج الأموال الساخنة (22 مليار دولار) من مصر الأمر الذي ضغط على احتياطيات الدولة من النقد الأجنبي ودفعها للتراجع لتصل إلى 35.2 مليار دولار في ديسمبر الماضي نزولا من مستوى 40.9 مليار دولار المسجل بنهاية ديسمبر 2021. 

عودة الثقة

وأوضح عامر أن صفقة رأس الحكمة مهدت الطريق لقرار تحرير سعر الصرف الصادر في السادس من مارس الماضي وكذلك لرفع قيمة التمويل الممنوح لمصر من صندوق النقد الدولي إلى 8 مليارات دولار من حدود 3 مليارات دولار فقط المتفق عليها نهاية 2022، مضيفا أن تزامن هذه الأحداث معا ساهم في تعزيز ثقة المؤسسات الدولية ورؤوس الأموال الأجنبية في مصر. 
وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة مزيدا من تدفقات الاستثمار الأجنبي لمصر وعودة نشاط تحويلات المصريين بالخارج الأمر الذي سيعزز احتياطي الدولة من النقد الأجنبي بصورة تدعم الاقتصاد بعد أن كان سببا للأزمة ونقطة سوداء.

وأشار إلى أن توحيد سعر الصرف واختفاء السوق السوداء للعملة يجعل المستثمر الأجنبي أقدر على حسم قراره لدخول السوق المصرية كما أن تراجع قيمة العملة يشجعه على سرعة اتخاذ القرار للاستفادة من الوضع الراهن قبل أن تتجه أسعار الصرف للاستقرار تدريجيا عند مستويات بين 36 و40 جنيها للدولار مقابل سعره اليوم الذي يتراوح بين 47.3 و47.9 جنيه بعد أن كان عند مستويات 50 جنيها في اليوم الأول لقرار تحرير الصرف. 
وقال البنك المركزي، في حيثيات قراره بشأن ترك سعر الصرف ليتحرك وفق آليات السوق، إن قرار توحيد سعر الصرف إجراءً بالغ الأهمية، سيساهم في القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي في أعقاب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمية والموازية، موضحا أن قراره يأتي في ضوء تأثر الاقتصاد الوطني بنقص الموارد من العملات الأجنبية. 
وفي أول ردة فعل من المؤسسات العالمية على القرر أعلنت وكالة موديز للتصنيف الائتماني في 8 مارس تعديل نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري إلى إيجابية من سلبية، فيما قالت نظيرتها وكالة ستاندرد آند بورز إنها تدرس تعديل التصنيف الائتماني لمصر في ضوء التطورات الأخيرة وأهمها صفقة رأس الحكمة التي وصفقتها بالكبيرة وغير المتوقعة. 

مراسم توقيع صفقة رأس الحكمة

50 مليار دولار 

وتوقع بنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس في مذكرة حديثة أن يرتفع احتياطي النقد الأجنبي في مصر خلال العام الحالي إلى 50 مليار دولار على أقل تقدير، مضيفا أن هذا الرقم مرشح لزيادة قوية حال تحويل ودائع الدول الخليجية إلى أسهم في مشروعات على غرار مشروع صفقة رأس الحكمة، إذ قامت الحكومة بالاتفاق على شطب 11 مليار دولار من ودائع الإمارات لدى البنك المركزي كجزء من قيمة الصفقة البالغة 35 مليار دولار، الأمر الذي يقلل التزامات مصر الخارجية ويسهم في تعزيز احتياطي النقد الأجنبي. 
وعزا جولدمان ساكس هذه التوقعات إلى التدفقات المتوقعة لصفقة رأس الحكمة والاتفاق الجديد مع صندوق النقد فضلا عن تمويلات من شركاء دوليين آخرين أبرزهم الاتحاد الأوروبي الذي يقترب من الإعلان عن حزمة تمويل بـ8.1 مليار دولار لمصر تغطي الفترة ما بين 2024 إلى 2027. 
وتابع أن التطورات الأخيرة بما فيها تحرير سعر الصرف ستسهم في إنعاش تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لتتجاوز بنهاية هذا العام حاجز الـ33 مليار دولار، كما ستعزز نمو تحويلات المصريين العاملين في الخارج، وأيضا تدفقات الأموال الساخنة لتستقبل مصر تدفقات بنحو 15 مليار دولار في محافظ الأوراق المالية هذا العام. 
ويتفق مع هذا الرأي تقديرات صادرة عن معهد التمويل الدولي في السابع من مارس الحالي غداة قرار تحرير سعر الصرف، أشارت إلى أن إجمالي احتياطي مصر من النقد الأجنبي سيتجاوز حاجز 50 مليار دولار بنهاية السنة الحالية.

وأوضح المعهد الدولي أن شطب الودائع الإماراتية المرتبطة بصفقة رأس الحكمة خفض صافي الالتزامات الأجنبية على مصر بقرابة 3% من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي سيسهم في تسجيل البنك المركزي صافي أصول أجنبية إيجابيا في السنة المالية الحالية.

جانب من استقبال الرئيس السيسي لرئيسة المفوضية الأوروبية اليوم

توقعات متفائلة 

في السابع من مارس أيضا توقع بنك مورجان ستانلي أن يقفز احتياطي مصر من النقد الأجنبي إلى 58.3 مليار دولار بنهاية يونيو المقبل وأن يصل إلى 67.4 مليار دولار بنهاية يونيو 2026، وذلك في ظل توقعات بأن يصل مصر من صندوق النقد وصندوق الاستدامة البيئية التابعة له خلال الفترة المشار إليها نحو 9.2 مليار دولار، فضلا عن تمويلات أخرى من شركاء التنمية الدوليين كالبنك الدولي والاتحاد الأوروبي. 
وتتوقع الحكومة وفق تصريحات سابقة على لسان وزير المالية الدكتور محمد معيط، تأمين تمويلات خارجية خلال العام الحالي بنحو 20 مليار دولار من بينها تمويلات صندوق النقد و3 مليارت دولار من البنك الدولي. 
بحسبة بسيطة مصر لديها احتياطي أجنبي حاليا بحدود 35.2 مليار دولار يضاف إليه تدفقات مباشرة لصفقة رأس الحكمة بـ24 مليار دولار وشريحة متوقعة لصندوق النقد بحلول نهاية إبريل بنحو 3.3 مليارات دولار، وبالإضافة إلى تمويل أوروبي طارئ قد يعلن اليوم بواقع مليار دولار، وفق تقديرات لوكالة أنباء رويترز، سنجد أن الاحتياطي الأجنبي مرشح للارتفاع بنهاية يونيو المقبل إلى 63.4 مليار دولار، ومع خصم نحو 9 مليارات دولار على أقل تقدير هي قيمة واردات مصر من السلع الأساسية لـ3 أشهر مقبلة، سينخفض الاحتياطي الأجنبي إلى 54.3 مليار دولار مع استبعاد الالتزمات الخارجية مستحقة السداد البالغة نحو 20 مليار دولار خلال الفترة من يناير إلى يونيو المقبل.

search