السبت، 05 أكتوبر 2024

12:08 م

من الجوامع للمواقع.. رحلة الفتوى عبر العصور

دار الإفتاء المصرية

دار الإفتاء المصرية

روان عبدالباقي

A A

أرسل مصطفى محمود، سؤالا إلى الصفحة الرسمية لدار الإفتاء المصرية، حول حكم إفطار المريض في نهار رمضان، وهو نفس التساؤل الذي طرحه والده منذ 20 عامًا وجدّه منذ نصف قرن، الفتوى واحدة ولكن الزمان والمكان اختلفا، الأمر الذي يدعوك للتساؤل حول رحلة الفتوى على مدار التاريخ.

الفتوى في عصر الدولة الإسلامية

تعريف الفتوى، حسب دار الإفتاء المصرية، هي عبارة عن سؤال يستقبله المفتي، ويجاوب عليه مستندا إلى الشرع والدين، وأول من قام بهذا المنصب الشريف كان النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يفتي عن الله بوحيه المبين وكانت فتاويه جوامع الأحكام ومشتملة على فصل الخطاب.

قام بالفتوى بعد النبي علماء الصحابة وأشهرهم عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعائشة أم المؤمنين، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، ليأتي بعدهم التابعون مثل الإمام مالك، والإمام الشافعي -رضي الله عنهم- حتى تكوَّن أعظم صرح وجامعة إسلامية عرفها المسلمون وهو الأزهر الشريف.

تتابعت مدارس الفقه والفتوى في مصر عبر القرون، وصار لكل مذهب مُفْتٍ، ثم أصبح هناك مُفْتٍ لعموم الديار المصرية، لكن الفتوى أخذت منحى مختلفا في العصر الحديث، حيث أصبحت من المؤسسات الرسمية في الدولة، وتم تأسيس دار الإفتاء المصرية عام 1895 في ظل الاستعمار البريطاني، بأمر من حاكم مصر وقتئذ الخديوي عباس حلمي.

دار الإفتاء المصرية

الفتاوى والسياسة

هناك دلائل استند إليها عدد كبير من الباحثين والعلماء وأشهرهم جاكوب بيترسون، حول الدور الذي لعبته الفتاوى في الحياة السياسية المصرية، وخصوصا في عهد الاحتلال البريطاني 1882 وأصبح الحكام يستغلون الفتاوى الدينية من اجل المصالح السياسية ومن أشهر الفتاوى في ذلك الوقت فتوى سن الملك فاروق.

بعد وفاة الملك فؤاد ٢٨ أبريل ١٩٣٦ ثار جدلا كبيرا حول عمر الملك فاروق وبلوغه سن الرشد القانوني لقيادة البلاد، وهو 18 عامًا لم يكن الملك فاروق بلغهم بعد في ذلك الوقت، لذلك صدرت فتوى لصالحه تقول أنه يجوز للملك فاروق تولي عرش مصر إذا تم حساب عمره بالتاريخ الهجري، وبالفعل تولى حكم البلاد

وجرى العرف قديمًا على أن يذهب المصلون إلى المسجد ويسألون الإمام أو شيخ الجامع على الفتاوى التي يريدوها وتطور الأمر تدريجيًا حتى أرسل الأزهر الشريف عددًا من وعاظه قبل ثلاثة أعوام إلى المقاهي الشعبية للتواصل مع المحتاجين للفتوى، كما شيدت وزارة الأوقاف منذ 7 أعوام أكشاك للفتوى في محطات مترو الأنفاق في خطوة أثارت كثيراً من الجدل.

فتاوى في المسجد

تحوّل في تسعينيات القرن الماضي

مراحل طويلة قطعتها الفتاوي الدينية، إلى أن ظهر الانترنت في تسعينيات القرن الماضي، وأصبح ركيزة محورية في طرح الأسئلة وتلقي الرد بالفتاوى، وفي إحصائية لدار الإفتاء في عام 2020 أوضحت أن هناك 1.3 مليون فتوى بزيادة تقدر بنحو 200 ألف فتوى عن العام الذي يسبقه.

وبات عام 2022 هو الأعلى في عدد الفتاوي التي تصدرها دار الإفتاء المصرية في تاريخها، حسب البيان الأول لحصاد دار الإفتاء المصرية إذ أجابت عن أكثر من مليون و563 ألف طلب فتوى، بزيادة تقدر بنحو 200 ألف فتوى عن العام السابق.

عام 2023 شهد زيادة ملحوظة في عدد الفتاوى التي استقبلتها الدار عبر روافدها المختلفة، حيث بلغ إجمالي الفتاوى التي أصدرتها الدار ما يزيد عن مليون و600 ألف فتوى ما بين فتاوى شفوية وهاتفية ومكتوبة وإلكترونية، بزيادة تقدر بنحو 100 ألف فتوى عن العام الذي يسبقه.

قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن فتاوى العلاقات الزوجية والأسرية والطلاق والأحوال الشخصية قد احتلَّت رأس قائمة الفتاوى التي استقبلتها الدار خلال العام الماضي، يليها العبادات والمعاملات، حيث بلغت نسبة فتاوى الأسرة 65% من إجمالي الفتاوى.

ما سبب زيادة عدد الفتاوى؟

وأرجع  علام، زيادة عدد الفتاوى بشكل يومي إلى ثقة الناس في دار الإفتاء المصرية وعلمائها، وهو ما يؤكد نجاحها في الوصول إلى أكبر عدد من طالبي الفتوى بوسائل وآليات عدة وعبر إدارات الدار المختلفة المتمثلة في الفتوى الشفوية والهاتفية والإلكترونية والمكتوبة، وما تستقبله من فتاوى من خلال البث المباشر على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك".

الدكتور شوقي علام

لا يقتصر الإفتاء في مصر على جهة واحدة، إذ تصدر عن مؤسسة الأزهر فتاوى عبر هيئة كبار العلماء، ولجنة الفتوى بالجامع الأزهر، ومجمع البحوث الإسلامية، ومركز الأزهر العالمي للفتوى، فضلا عن اجتهادات مشايخ وزارة الأوقاف وأساتذة الفقه والشريعة، والمنتمين لجماعات دينية، التي يتلقاها مصريون بوصفها فتاوى يثقون بها.

search