الإثنين، 25 نوفمبر 2024

01:56 م

قلب الصغيرة يستغيث.. "هنا" تحلم بالعلاج من مرض نادر يأكل عظامها

الطفلة هنا

الطفلة هنا

إيمان فكري

A A

منذ ولادتها سيطرت المعاناة على حياة الطفلة هنا أحمد مصطفى، صاحبة العشر سنوات، بعد تشخيصها بإصابتها بمرض نادر جدا في الثالثة من عمرها.

هذا المرض يصيب شخصًا بين كل مليون أو مليونين في العالم، ويُعرف بـ"عديد السكريات المخاطية"، الذي أنهك قواها وأجبرها على عيش طفولتها متنقلة بين المستشفيات والبحث عن الدواء بدلًا من الألعاب، بسبب التأثيرات الخطيرة التي يسبّبها المرض على صحتها.

بداية معاناة هنا

الحكاية بدأت، عام 2017 بعد مرور ثلاث سنوات من ولادتها، حيث اكتشف والدها أن جسدها غير طبيعي، إذ لم يصل العظم إلى كف يدها وكان هناك اختلاف واضح في رجليها.

بدأ والدها رحلته مع الأطباء، وتوجهوا إلى مستشفى الدمرداش، وقام قسم الوراثة بعمل بعض التحاليل، وإرسال عينة منها إلى أطباء في ألمانيا، حتى تم تشخيصها بإصابتها بالنوع الرابع من المرض المدمر.

"عديد السكريات المخاطية"، يعد من أخطر الأمراض في العالم، والنوع الرابع منه هو حالة وراثية نادرة جدًا، تختلف عن غيرها من أنواع هذا المرض في ظهورها بدايةً كخلل عظمي، كما أن هناك أيضاً مضاعفات خطيرة تحدث في القلب والجهاز التنفسي.

المرض اللعين يأكل العظام

أعراض المرض اللعين بدأت تتزايد وتظهر على “هنا”، ظلت لمدة 6 شهور في المستشفى، حيث تسبب المرض النادر في تدمير آخر فقرة في الجمجمة، وانسداد في الحبل الشوكي، وغيرها من المشكلات الصحية، وكان لا بُد من خضوعها لعملية جراحية لإنقاذ حياتها.

مستشفى الدمرداش لم يكن مجهزًا لمثل هذه العمليات، بحسب ما أكده لوالد الطفلة، حيث أكد الأطباء أنها تحتاج إلى 4 أطباء من كل تخصص وغرفة مجهزة بالكامل لمثل هذه الحالة، وهذا غير متوفر في المستشفى.

لم يستسلم الأب، وبدأ رحلة جديدة بحثًا عن مستشفى ينقذ فتاته الصغيرة، حتى وجد أحد الأشخاص الذي توسط له وجعله يجري العملية في مستشفى الشرطة.

رحلة العلاج

أجرت "هنا" العملية، لكن الأطباء قاموا بتسليك الحبل الشوكي فقط، ولم يتم تثبيت آخر فقرة بالجمجمة، ولم يعرف الأب السبب في ذلك، وبدأت رحلة البحث عن العلاج لتجنب تدهور الحالة، وأكد الأطباء ضرورة إعطائها علاجًا تعويضيًا باستخدام الأنزيم "فيمنزيم" بمعدل “6 فيال” أسبوعيًا، وقد تزداد الجرعة بزيادة الوزن، لأن عدم إعطائها العلاج يؤدي إلى تشوهات في العظام والمفاصل وتضخم وفشل في عضلة القلب وعتامة في قرنية العين.

حكم محكمة للعلاج

للحصول على هذا العلاج لا بُد أن توفره هيئة التأمين الصحي، وقال والد الطفلة أحمد مصطفى، لـ"تليجراف مصر"، إن الهيئة قالت له إن عليه أن يرفع قضية ضدها ليتم توفير العلاج، وبالفعل رفع قضية في عام 2022، وحُكِم له في 21 مايو 2023، بتوفير الهيئة العلاج لابنته، وتم التصديق على الحكم في شهر يوليو من نفس العام.

وعلى الرغم من قرار المحكمة، فإن "هنا" لم تستطع الحصول على العلاج، وفي كل مرة يذهب والدها للسؤال عن الجرعة تكون الإجابة "مافيش دولارات نجيب العلاج"، لكن بفضل مساعدة أحد الأشخاص الذي تدخل في الأمر تم توفير الجرعة في شهر نوفمبر، وحصلت "هنا" على الجرعة الأولى يوم 15 نوفمبر 2023، لتغمر الفرحة قلب أهلها أملًا في الشفاء.

لكن الفرحة لم تكتمل، فلم تحصل "هنا" على جرعات العلاج منذ يوم 19 يناير الماضي، رغم خطورة عدم حصولها على الإنزيم بشكل أسبوعي، فقد حاول الأب الوصول لأي شخص لمساعدته في حل هذه المشكلة ولكن دون جدوى، حتى استطاع الحصول على رقم هاتف وزير الصحة، الدكتور خالد عبد الغفار، وقرر التواصل معه لإنقاذ ابنته من الموت.

استجابة لم تكتمل

تواصل والد "هنا" مع وزير الصحة عبر تطبيق "واتساب"، حيث بعث له رسائل بخصوص حالة ابنته وكل الأوراق اللازمة، وطلب منه التدخل لإنقاذ ابنته، والحصول على الجرعات، وبعد دقائق تواصلت معه الوزارة وأكدت توفير الجرعة بمستشفى بني سويف، وذهب الأب مسرعًا بطفلته للحصول على الجرعة.

ولكن الاستجابة لم تكتمل، حيث يقول الأب لـ"تليجراف مصر"، إنه بعد ذلك قام وزير الصحة بحظر رقمه من الواتساب، وقالت المستشفى له إنه لم يتوفر جرعات أخرى بسبب صعوبة تواجدها حاليًا ولوجود حالات أخرى تحتاج نفس العلاج، ولم تحصل "هنا" على جرعات أخرى منذ يوم 19 يناير الماضي.

استغاثة طفلة للعلاج

وأكد والد الطفلة أن عدم حصول ابنته على الجرعات يتسبب في تدهور حالتها وتدمير العظام والجهاز التنفسي والقلب، قائلًا "بنتي بتموت، عاوز أنقذها لو هعمل أي حاجة في الدنيا المهم هي تتعالج".

وتابع "أنا فلاح عندي 43 سنة بعت الأرض اللي ورثتها من أبويا 10 قراريط على القضية والمحامين والمستشفيات، كان لازم أعمل كل حاجة علشان أعالجها، ودلوقت مش معانا، ومافيش دخل غير الـ500 جنيه تكافل وكرامة، و200 جنيه مراتي بتاخدهم من شغلها، وماشيين على الله".

وأضاف "أنا عندي بنتين وولد، هنا الصغيرة، الرئيس السيسي الوحيد اللي يقدر ينقذ بنتي مش بيتأخر على الأطفال، بعت شكاوى كتير في كل مكان بس محدش بيرد عليّا، بنتي بتموت نفسي حد ينقذها".

فيما عبرت الطفلة "هنا" لـ"تليجراف مصر" عن رغبتها في العلاج والعيش مثل باقي الأطفال، وقالت "نفسي أبقى كويسة وأعرف أمشي كويس، ونفسي الكابتن محمد صلاح يشوفني ويعمل لي العملية في رجلي وضهري علشان أعرف أمشي تاني زي الأطفال".

علاج بالملايين

من جانبها، أوضحت الدكتورة هبة حمدي، من مستشفى التأمين الصحي ببني سويف، أن مرض "هنا" وراثي ويسبب الكثير من المشكلات الصحية، وعلاجها يكون عبارة عن جرعة أسبوعية بالأنزيم، والعلاج مكلف جدًا يصل إلى ملايين الجنيهات سنويًا للمريض الواحد، خاصة أن الطفل قد يحتاج للعلاج مدى الحياة.

وأوضحت حمدي أن العلاج يمنع تدهور الحالة. وعن توفير العلاج قالت "نحن جهة صرف فقط، وحين يتوفر العلاج يحصل عليه الأطفال".

search