الخميس، 19 سبتمبر 2024

08:23 م

مختار معتمد

مختار معتمد

A A

تليجراف مصر وحكاية عمرها ٢٠ عاماً

صباح الخير

اسمحوا لي أن أكتب لكم دون مقدمات ودون التزام دقيق بقواعد لغة، من غير نحو وصرف و محسنات بديعية، أريد كسر الحاجز النفسي بيني وبينكم قراء "تليجراف مصر".

هل سمحتم؟ إذن سأبدأ: 

عام 2002، التقيت سامى عبد الراضي، فى تجربة صحفية حزبية وليدة. كان أغلب جيلنا عنده حماس وطاقة وأحلام تخليه يشتغل ببلاش سنة واتنين، أهم حاجة يشوف اسمه على شغله ويكبر مهنيًا، ويعمل اسم وأرشيف يدخله النقابة، اللى كانت ومازالت حلم كل من يمتهن الصحافة.

أنا وسامى وكام متدرب حوالى 15 من أصل 90، عملوا لنا مكافأة بعد 6 شهور، كانت خمسين جنيه. فرحنا بيها فرحة لا توصف، خاصة إن الإدارة صفت نصف المتدربين ومشتهم، واحنا قعدنا، حوالى 50 متدرب، و10 محترفين، منهم 7 رؤساء أقسام من صحف كبيرة، وقلنا كده هما في الإدارة مقتنعين بينا وعملوا لنا مكافأة، وطلعولنا كمان كارينهات مكتوب فيها: محرر صحفي، كده اتعشينا وفي إيدنا رغيف، على رأى المثل الدارج.

المهم مطولش عليكم الفرحة مكملتش. الجورنال تعثر ماليا بعد شهرين، وكان كل شوية يقفل ويتوقف عن الإصدار، ويدوروا على ممول، ويفتح شوية ويقفل، وهكذا دواليك. فى لحظة يأس، قررت العودة إلى بلدي أسيوط، أشتغل من هناك مراسل لأى جريدة، بدل الغربة والبهدلة، وأم الجورنال الفقري ده، والمصاريف اللى بيصرفها عليّ أبويا، الله يرحمه، من غير فايدة. خاصة وإنه مفيش خرم إبرة ندخل منه أي جورنال تانى. مش زى دلوقت، ألف موقع وجريدة وقناة والشغل بفلوس من أول يوم.

المهم وقفت مع سامى فى بلكونة الجورنال التي ترى النيل، وقلت له: بص يا سامي، أنا راجع بلدى أسيوط، أنا زهقت. بقالنا سنة ونص في جورنال متعثر، أنا لما أرجع أسيوط ع الأقل هاكل واسكن ببلاش مع أسرتي، عشان الواحد يا سامى ياخويا مكسوف أبوه يصرف عليه بعد ما تخرج وهو زي الشحط كده.

سامى قال لي: إوعى تتنازل عن حلمك وترجع أسيوط، الصحافة هنا، وحلمنا هنا، هنكمل وأهلنا في ضهرنا، هيدعمونا لحد ما نحقق حلمهم. وكلها سنتين ونتعين، ونشتغل في أماكن مهمة، ونأخد مرتبات تليق بموهبتنا.

سامى مكانش مؤمن بموهبته، بس كان مؤمن بكل أصدقائه الموهوبين، وداعم ومحب ليهم.

المهم سمعت كلامه، وبتوفيق ربنا اتعينت قبل السنتين، والمفارقة سامى ساب التجربة الحزبية اللي أقنعني أقعد فيها، وربنا كرمه وانضم لمؤسسة عملاقة، وراح يشارك فى تأسيس "المصرى اليوم"، اللى اتولدت كبيرة مهنيا وماديا، وبعدها أصبح رئيس لقسم الحوادث فيها، مش بس كده، اشتغل كمان معد برامج لحد ما ترأس تحرير أكبر برامج التوك شو، من بينها 90 دقيقة في قناة المحور، ومصر الجديدة مع معتز في قناة الحياة، والعاشرة مساء مع الراحل وائل الإبراشي.
سامي خد جائزة النقابة عن متابعته لعصابة التوربيني وألف كتاب عن غرق عبارة السلام اللي مات فيها أكثر من ألف مصري، وحمل الكتاب عنوان "وثيقة عار".

و لما عملوا تجربة الوطن أستاذ مجدى الجلاد استدعاه لإنقاذ قسم الحوادث، وفعلا قبل المهمة ونجح فيها، واترقى لحد ما بقى مدير عام التحرير. سامى بجوار عمله في الصحافة كان ماشي بخطى واثقة فى الإعداد ورئاسة تحرير البرامج، لحد ما اتعين رئيس تحرير شبكة قنوات النهار.

ومن حول ٣ شهور عرفت ان سامى هيعمل موقع إخباري كبير ومن أيام الموقع بدأ بثه التجريبي. زرت سامي في مكتبه أبارك له يوم الانطلاق، لقيته عامل زى النحلة، بيلف فى الموقع، ويزن، وينتج ملاحظات وأفكار زي العسل، بيتابع أدق التفاصيل وبيعمل اجتماعات، وبيكلف بموضوعات، وبيراجع كل حرف قبل الموافقة على النشر. غير قانع بإبداع كتيبة الشباب الموهوبة اللى اختارها بعناية، ودايما يحثهم ويقولهم: هل من مزيد؟ دخلت أتصفح الموقع، اتفاجئت بجمال التوليفة والخلطة الصحفية السحرية الشهية، اللى ميعرفش سرها غير سامى العصامى الموهوب المحبوب.

وفقك الله ونفع بك المهنة التي نجحت في إعطائها قبلة الحياة، وعاد قلبها ينبض بـ"تليجراف"، فالصحافة المصرية تمرض ولا تموت، ما دام بها موهوبين شغوفين بالمهنة. مليون مبروك يا عشرة العمر.

search