السبت، 05 أكتوبر 2024

11:30 ص

التشويش على الملاحة.. استراتيجية جديدة لتعطيل قدرات العدو

خريطه توضيحيه علي هاتف محمول

خريطه توضيحيه علي هاتف محمول

أحمد سعد قاسم

A A

توسعت الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط خلال الشهور الأخيرة بشكل ملحوظ، وذلك منذ بدء عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر 2023. 

مع تصاعد التوترات وتزايد الصراعات في المنطقة، بدأت دول عدة تبحث عن استراتيجيات جديدة لتحقيق أهدافها وتعطيل قدرات العدو.

في ظل هذا السياق، بدأت بعض الدول في استخدام تقنيات التشويش على حركة الملاحة كوسيلة لتعطيل أنظمة الصواريخ خلال الحروب. 

اضطرابات في الحركة الجوية والبحرية

تلك التقنيات، التي تستهدف نظم تحديد المواقع العالمية (GPS) وشبكات الملاحة الأخرى، تساهم في إحداث اضطرابات في الحركة الجوية والبحرية، مما يعرض قدرات العدو على توجيه الصواريخ والطائرات بدون طيار للخطر.

التشويش في الملاحة

يشير خبراء الأمن إلى أن استخدام التشويش في الملاحة يمكن أن يكون له تأثير كبير على دقة الضربات العسكرية وقدرة الجيوش على تحقيق أهدافها بفعالية. 

ومع تطور التكنولوجيا، يتزايد التوجه نحو استخدام تلك التقنيات كجزء أساسي من استراتيجيات الدفاع والهجوم في النزاعات الحديثة.

في هذا السياق، يأتي تحليل الآثار المحتملة لتشويش الملاحة على السيناريوهات العسكرية والاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، وكيفية تأثيرها على توجيه الصواريخ والطائرات بدون طيار خلال الحروب الحالية والمستقبلية.

أربع شبكات عالمية للملاحة 

ويوجد اليوم أربع شبكات عالمية للملاحة عبر الأقمار الصناعية (GNSS)، تمتلك الولايات المتحدة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) الأصلي، وروسيا - GLONASS، وتدير الصين شركة بايدو، ويمتلك الاتحاد الأوروبي شبكة غاليليو، وهي الشبكة الوحيدة التي لا تسيطر عليها دولة معينة. 
 في الماضي لم يكن هناك مثل هذا الاستخدام الواسع النطاق للأسلحة الموجهة بواسطة شبكات تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية.

الأسلحة الموجه

وتعد إيران من أكثر الدول المغرمة بهذا النوع من الأسلحة الموجه حيث تعتمد اليوم جميع أسلحتها الدقيقة بعيدة المدى تقريبًا على شبكات الملاحة عبر الأقمار الصناعية مثل صواريخ فتح 110 التي حصل حزب الله عليها 

وتختلف الطريقة التي يتم بها تنفيذ التشويش على نطاق واسع بشكل رئيسي في نقطتين. الطريقة الأولى تعتمد على تشويش إشارات الـ GPS مباشرة، حيث يتم إرسال إشارات بترددات أقوى لتشويش إشارات القمر الصناعي، مما يمنع الأسلحة الموجهة من استقبال الإشارات بدقة ويجعلها تعمل بشكل أعمى حتى تنفد طاقتها.

رغم أن هذه الطريقة تتميز بالبساطة وتوفير التكاليف، إلا أنها تعاني من عيب يتمثل في سهولة اكتشاف مصدر التشويش وعزله.

أما الطريقة الثانية تشمل استخدام تقنيات تشويش متقدمة لتشويش الإشارات الصادرة عن الأقمار الصناعية، مما يجعل من الصعب على الأسلحة الموجهة تحديد مواقعها بدقة.

التطورات التكنولوجية

هذه الجهود للتشويش تأتي كرد فعل على التطورات التكنولوجية التي جعلت نظم تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية وسيلة رخيصة وفعالة لتوجيه الأسلحة على مسافات بعيدة، وهذا ما يجعلها محور اهتمام للعديد من الأطراف العسكرية في العالم.

ويتم التشويش على نظم تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية بغرض تعطيل القدرة على توجيه الصواريخ والطائرات بدون طيار بدقة، ويتم ذلك من خلال تشويش الإشارات المرسلة من الأقمار الصناعية، مما يعوق استقبالها بدقة ويجعل الأسلحة الموجهة تعمل بشكل أعمى.

على الرغم من ذلك، فإن طمس إشارات الشبكات الفضائية لا يزال وسيلة فعالة ومريحة في العديد من الحالات؛ فهو يتيح تعطيل النظم المعتمدة على الأقمار الصناعية مع قليل من الجهد والمعدات بسيطة ومتاحة.

كما أن هناك طريقة أخرى تعمل بشكل مختلف بدلاً من منع العدو من استقبال إشارات الأقمار الصناعية، يسمح لهم بذلك ولكن بتوجيهها بشكل خاطئ، حيث أن هناك أنظمة تعرف كيفية تقليد إشارات الأقمار الصناعية وتغيير مواقع الاستقبال، مما يؤدي إلى انحراف الأهداف المستهدفة.

هذا الأمر يتم بإعادة توجيه الأجهزة المستهدفة إلى مواقع غير صحيحة، حيث يظن الصاروخ أو الطائرة بدون طيار أنه يتحدث إلى القمر الصناعي وينتقل إلى الهدف بناءً على موقع غير صحيح، في حين يتم إرسالهم إلى مكان آخر عمليًا.

ليس دائمًا فكرة جيدة

هذا النوع من التشويش ليس دائمًا فكرة جيدة؛ فقد تكون هناك أنظمة أسلحة متطورة تعتمد على تحديد المواقع بدقة، وإذا كانت هناك انحرافات كبيرة، فقد يدرك العدو الخداع ويقوم بتصحيح المسار بسهولة.

في هذه الحالة، قد يتم تشغيل نظام تحديد مواقع ثانوي للتحقق من الموقع الصحيح، مما يقلل من فعالية التشويش. وبالتالي، يجب أن يتحرك المراقب بحذر لجعل الخداع موثوقًا به، بحيث يظل الهدف على المسار الصحيح.

هناك العديد من الأدوات والتقنيات المتاحة في مجال حرب الملاحة، والتي يمكن استخدامها لتعطيل القدرات العسكرية للأعداء. ومع ذلك، فإن استهداف خدمات الملاحة يمكن أن يؤثر على الطائرات التجارية أيضًا، خاصة عندما يتعلق الأمر بتحديد المواقع.

search