ألونسو.. من قيادة "نيفركوزن" البائس لتحقيق المجد بعامل "إكس فاكتور"

“أجمل شيء هو لعب كرة القدم، وثاني أفضل شيء هو التدريب، نعم صدقت كلمات يوهان كرويف أسطورة برشلونة السابق”.. شعار يرفعه تشابي ألونسو مدرب ليفركوزن.

من منطقة الهبوط إلى تجاوز بايرن ميونيخ في صدارة الدوري الألماني ثم التتويج بلقب البوندسليجا لأول مرة في تاريخ باير ليفركوزن.

 رحلة رائعة لـ تشابي ألونسو

ألونسو قاد نادي باير ليفركوزن في رحلة رائعة خلال 18 شهرًا كمدرب، ومنذ أن حصل النادي على لقب “نيفركوزن” بعد حصوله على المركز الثاني 3 مرات في عام 2002، كان باير مجرد فريق متوسط المستوى في الدوري الألماني.

ومن الناحية التكتيكية، استفاد ألونسو من العديد من الأفكار المختلفة التي واجهها أثناء اللعب تحت قيادة بيب جوارديولا، وجوزيه مورينيو، وكارلو أنشيلوتي، ورافائيل بينيتيز.

ويستعرض “تليجراف مصر” رحلة تشابي ألونسو نحو تحقيق المجد مع باير ليفركوزن كالتالي:

عصر “نيفركوزن” القديم

بالعودة إلى تاريخ نادي ليفركوزن الحديث، احتل الفريق المركز الرابع من عام 1997 إلى عام 2002. كانت نهايات عامي 2000 و2002 محبطة للجماهير حيث كان في كلتا المناسبتين قريب من الفوز بلقب الدوري الألماني.

وفي عام 2000، احتاج باير ليفركوزن إلى التعادل فقط ضد نادي أونترهاخينغ للفوز باللقب، لكن هدف مايكل بالاك في مرماه ساعد في هزيمة فريقه 2-0، بينما انتزع بايرن ميونيخ اللقب بفوزه 3-1 على فيردر بريمن.

بعد ذلك بعامين، تخلى النادي عن تقدمه بفارق 5 نقاط على صدارة جدول الدوري إذ خسر اثنتين من آخر 3 مباريات، بينما حصد بوروسيا دورتموند ثلاثة انتصارات.

وأطلق على موسم 2002 لقب الرعب الثلاثي"، حيث تعرض باير ليفركوزن للهزيمة أيضًا 4-2 في نهائي كأس ألمانيا من قبل شالكه 04 وخسر نهائي دوري أبطال أوروبا 2-1 أمام ريال مدريد، مما أدى أيضًا إلى إطلاق وسائل الإعلام الناطقة باللغة الإنجليزية على النادي اسم “نيفركوزن”.

وفي صيف عام 2002، خسر الفريق نجمي خط الوسط مايكل بالاك وزي روبرتو لصالح غريمه اللدود بايرن ميونيخ. 

ثم عاني الفريق من خطر الهبوط خلال موسم 2002-2003، مما أدى إلى طرد المدرب كلاوس توبمولر، الذي درب الفريق خلال أكثر سنواته نجاحًا.

وخلال موسم 2003-2004 في دوري أبطال أوروبا، فاز النادي الألماني على ريال مدريد بثلاثية وتصدر المجموعة، لكنه خرج من البطولة على يد ليفربول في مراحل خروج المغلوب، واحتل النادي المركز السادس خلال موسم 2004-2005 ليتأهل إلى الدوري الأوروبي.

وفي أوائل عام 2005، تم إقالة آوجنتالر كمدرب بعد أن بدأ النادي أسوأ بداية له في الدوري الألماني منذ أكثر من 20 عامًا، بفوز واحد فقط في أول أربع مباريات بالدوري وخسارته 0-1 على أرضه أمام سيسكا صوفيا في مباراة الذهاب من كأس الاتحاد الأوروبي، لتنتهي محاولة التتويج ببطولة كبيرة في أوائل القرن الجديد.

فريق لا يهزم

وبالعودة إلى واقع ليفركوزن الرائع تحت قيادة تشابي ألونسو، إذ تولى المدرب الإسباني قيادة الفريق الألماني في أكتوبر 2022، وخلال الموسم الماضي كان الفريق في النصف الثاني في جدول ترتيب الدوري الألماني إلى المركز السادس، كانت هناك حالة رائعة للفريق الألماني تحت قيادة المدرب الإسباني، قبل يبدأ أول موسم كامل في موسم 2023-2024. 

طريقة ألونسو في اللعب

كانت مهمة ألونسو الأولى مع باير ليفركوزن هي تحقيق الاستقرار في الدفاع، واللعب بطريقة الهجوم المرتد، لكن المدرب الإسباني فاجأ الجميع واعتمد على طريقة الاستحواذ على الكرة رغم اقتراب الفريق الألماني من الهبوط في الموسم الماضي.  

وركز ألونسو اهتمامه على تحسين جودة ليفركوزن في التعامل مع الكرة، حتى أصبح الآن أفضل فريق كرة قدم في ألمانيا.

وقال رولف المدير الرياضي لنادي باير ليفركوزن عن ألونسو: "تشابي يعرف كيف يجعل الفريق يدافع، ولا يعتمد دائمًا البناء الجميل من الخلف، إن العثور على طريقة للفوز هو ما يهمه أكثر من أي شيء آخر".

فلسفة ألونسو

لكن يظل هناك شعور بأن فلسفة ألونسو أتت من نادي طفولته، ريال سوسيداد، إذ يعتمد النادي على إنتاج لاعبين موهوبين تقنيًا للعب كرة قدم بطريقة تعتمد على الاستحواذ والكرة الجميلة.

وفي الدوري الألماني، كانت الجولات الأربع الأولى رائعة بالنسبة لباير بعد الفوز على لايبزيج (3-2)، ثم جلادباخ (3-0) وبنتيجة كبيرة على دارمشتات (5-1)، ثم تعادل مع بايرن ميونخ 2-2، ليعتلي الفريق جدول الترتيب رفقة الفريق البافاري.

وأظهر ليفركوزن شخصية كبيرة بعد التأخر مرتين في النتيجة قبل أن يعود ويتعادل مع بايرن ميونخ. 

وقال جرانيت تشاكا بعد التعادل 2-2، وهي نتيجة وصفها اللاعبون والمدربون من كلا الجانبين بأنها “عادلة”.

“جلاكتيكوس” ألماني الصنع

سرق باير ميونخ عناوين الأخبار الدولية خلال فترة الانتقالات الصيفية بتوقيعه مع كابتن منتخب إنجلترا هاري كين، في الجانب الآخر كان رحيل هداف الموسم الماضي موسى ديابي هو الذي لفت الأنظار في البداية.

ووصل سويسرا تشاكا من أرسنال بخبرة كبيرةة والقدرة على العمل بشكل رائع في وسط الملعب، كما تم ضم جوناس هوفمان هو لاعب أثبت كفاءته في الدوري الألماني ويتمتع ببعض من أفضل الإحصائيات الهجومية في السنوات الأخيرة في الدوري الألماني.

وجاء أليخاندرو جريمالدو في صفقة انتقال مجانية -نعم مجانًا!- ليصبح أحد أفضل اللاعبين في أوروبا، جريمالدو الذي انتقل بنفيكا من أجل تدعيم مركز الظهير الأيسر كان مستواه غير مستقر مع الفريق الألماني.

 وفي خط الهجوم، وصل فيكتور بونيفاس من نادي بودو / جليمت إلى ملعب باي أرينا على خلفية تسجيله أعلى عدد من الأهداف في الدوري الأوروبي العام الماضي.

لعبوا جميعًا مباشرة مع فريق بايرن ليفركوزن وأحدثوا تأثيرات فورية، وظهر الفريق بشكل رائع تحت قيادة ألونسو الذي لعب بنفس التشكيلة الأساسية في 10 من أصل 16 مباراة في الدوري الألماني حتى الانتقالات الشتوية، قبل أن يبدأ في إحداث تغييرات. 

حتى مع حرمانه من 3 لاعبين في كأس الأمم الأفريقية وهم أوديلون كوسونو وإدموند تابسوبا بالإضافة إلى أمين عدلي، ناهيك إصابة بونيفاس، لكن المدرب الإسباني أظهر أن لديه خطة بديلة رائعة. 

وظهر باتريك شيك، هداف بطولة أمم أوروبا 2020، في الوقت المناسب بعد ثلاثية رائعة بوخوم، رغم أن المهاجم التشيكي لم يعد بعد إلى أفضل مستوياته بعد فترة غياب طويلة، كما تعاقد النادي مع المهاجم الإسباني الدولي بورخا إجليسياس على سبيل الإعارة من أجل تدعيم خط الهجوم.

خطة محكمة

كان ألونسو صانع ألعاب في وسط الملعب في الفرق التي اعتمدت على حياز الكرة، كان لاعب خط الوسط بمثابة القلب النابض وحلقة الوصل بين الهجوم والدفاع، إذا كانت لديك الجودة في الثلث الأخير، فستأتي الأهداف، كانت الفرق تعتمد عليه في صناعة الأهداف. 

لكن كمدرب يظل الأمر أصعب، من أجل اكتشاف قدراتك التدريبية وإمكانات اللاعبين، لذلك استغرق الأمر بعض الوقت للعثور على النظام المناسب والأفراد، لكن ألونسو حصل الآن على التوازن الذي يريده في خطة 3-4-3.

وحاول تشابي ألونسو صناعة لاعب يشبهه في الخصائص، إذ يقود تشاكا خط الوسط، وكان الأكثر والأفضل في الفريق من حيث اللمسات والتمريرات بمعدل نجاح بنسبة 93 % تقريبًا، إذ يحتل المرتبة الثالثة في الدوري الألماني، كما يحتل المرتبة الأولى عبر القسم من حيث المسافة المقطوعة هذا الموسم. 

وقال تشاكا "أنا لست لاعبًا ماهرًا جدًا، أحاول التواصل مع زملائي في الفريق واللعب بشكل بسيط، وسأسمح للاعبين في المقدمة بإنتاج اللحظات السحرية".

إكس فاكتور

بدأ تأثير ألونسو يظهر عند توليه المسؤولية في أكتوبر 2022، إذ تغلب على شالكه 4-0 ليحقق أكبر فوز على الإطلاق يحققه مدرب ليفركوزن في أول ظهور له، لكن الفريق فشل بعد ذلك في الفوز بأي من الانتصارات الستة التالية. 

واستغرق الأمر بعض الوقت حتى يترك مدرب شباب ريال مدريد وريال سوسيداد السابق بصمته على فريق بلا ثقة، وبلغ أفضل مستوياته بعد فقط شهرين إذ لم يهزم الفريق وصعد إلى الدوري الأوروبي.

والآن بعد مرور  18 شهرًا على توليه منصبه، فإن الشخص الذي اعتاد على الفوز كلاعب قد غرس الآن ذلك في فريقه كمدرب.

كانت هناك العديد من البدايات الكاذبة من قبل في ملعب باي أرينا كما حدث في عهد المدرب بيتر بوس، عندما كان ليفركوزن يتنافس مع بايرن حتى يناير على صدارة الدوري الألماني قبل أن ينهار مستوى الفريق.

وفي موسم 2001-2002 عندما تقدموا بفارق 5 نقاط قبل 3 مباريات متبقية، لكنهم فشلوا في الصمود أمام دورتموند، كان ذلك جزءًا من الانتكاسة الأكبر الإجمالية للثلاثية التي لم تحدث أبدًا مع حصوله على المركز الثاني في الدوري الألماني وكأس ألمانيا ودوري أبطال أوروبا.

ليفركوزن نحو كتابة التاريخ

حقق فريق ليفركوزن الدوري الألماني بعد 120 عاما بدون لقب دوري، قبل أن يحقق البطولة لأول مرة في تاريخه.

آخر لقب حققه الفريق الألماني، حين فاز بكأس ألمانيا موسم 1992-1993، باير ليفركوزن قبل ولاية ألونسو لم يحقق سوى لقبين فقط، بل كان مهدد بالهبوط في بداية موسم 22/23، حتى جاء المدرب الإسباني وصعد بهم إلى القمة.

باير ليفركوزن لديه فرصة متاحة للتتويج بثلاثية أسطورية، وتحقيق رقما قياسيا من النقاط في الدوري الألماني، والتتويج بالبطولة بدون هزيمة، بل بإمكانه إكمال الموسم دون أي خسارة.