الجمعة، 22 نوفمبر 2024

07:52 م

بعد تصريحات كريمة.. ما المقصود بـ"يوم الزينة" في القرآن؟

الشيخ أحمد كريمة

الشيخ أحمد كريمة

فادية البمبي

A A

حالة من الجدل أثارها أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، الدكتور أحمد كريمة، الذي أشار إلى أن عيد الربيع "شم النسيم" ذُكر في القرآن الكريم، مستشهدًا بقول الله تعالى في سورة طه: "قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى".


موعدكم يوم الزينة

وعن تفسير معني قول الله “موعدكم يوم الزينة”، قال أستاذ الفلسفة الإسلامية الشيخ محمود الابيدي، لـ"تليجراف مصر"، إن يوم الزينة وفقًا للقرآن؛ هو اليوم الذي حدده موسى موعدًا مع فرعون والسحرة ليلتقيا فيه ويعرض كلاهما ما لديه من سحر ومعجزات فتكون الحجة للغالب فيهما على المغلوب، وقد ورد في القرآن ما يشير إلى تلك الحادثة بقوله تعالى: ﴿قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ٥٩﴾ [طه:59]، وانتهى اليوم بانتصار موسى على السحرة، وكان يوم الزينة يوم عيد عند المصريين.

ويُقال إن يوم الزينة كان يوم عيد لدى المصريين، أو هو سوق يجتمعون فيه ويتزينون، وقيل إنه يوم عاشوراء.


قصة يوم الزينة


فسر الجلالين الآية بقوله إن "قال" تشير إلى سيدنا موسى عليه السلام، و"موعدكم يوم الزينة" هو يوم العيد لديهم، و"وأن يُحشر الناس" أي يُجمع أهل مصر، و"ضحى" تعني وقته للنظر فيما يقع، وبهذا يكون قول موسى لفرعون ودعوته للاجتماع في يوم الزينة، حين يتزيّن الناس ويجتمعون وقت الضحى ليروا المعجزات التي لديهما.

واتفقا على أن تكون الحجة للغالب فيهما على المغلوب يقرّ المغلوب للغالب فيه بأنه على حق، ومع أن الغلبة حينها كانت لسيدنا موسى إلا أنّ فرعون أبى واستكبر وزاد كفرًا.


حكم الاحتفال بشم النسيم

عن حكم الاحتفال بشم النسيم، قال مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام، إن شم النسيم عادة مصرية ومناسبة اجتماعية ليس فيها شيء من الطقوس المخالفة للشرع، ولا ترتبط بأي معتقدٍ ينافي الثوابت الإسلامية، وإنما يحتفل المصريون جميعًا في هذا الموسم بإهلال فصل الربيع؛ بالترويح عن النفوس، وصلة الأرحام، وزيارة المتنزهات، وممارسة بعض العادات المصرية القومية؛ كتلوين البيض، وأكل السمك، وكلها أمور مباحة شرعًا.

وأضاف أن الأصل في موسم "شم النسيم" أنه احتفال بدخول الربيع، والاحتفال بالربيع شأن إنساني اجتماعي لا علاقة له بالأديان؛ فقد كان معروفًا عند الأمم القديمة بأسماء مختلفة وإن اتحد المسمَّى؛ فكما احتفل قدماء المصريين بشم النسيم باسم "عيد شموس" أو "بعث الحياة": احتفل البابليون والآشوريون "بعيد ذبح الخروف"، واحتفل اليهود "بعيد الفصح" أو "الخروج"، واحتفل الرومان "بعيد القمر"، واحتفل الجرمان "بعيد إستر"، وهكذا.

ولم يكن من شأن المسلمين أن يتقصدوا مخالفة أعراف الناس في البلدان التي دخلها الإسلام ما دامت لا تخالف الشريعة، وإنما سعوا إلى الجمع بين التعايش والاندماج مع أهل تلك البلاد، مع الحفاظ على الهوية الدينية.

ولَمّا كان الاعتدال الربيعي يوافق صوم المسيحيين، جرت عادة المصريين على أن يكون الاحتفال به فور انتهاء المسيحيين من صومهم؛ وذلك ترسيخًا لمعنًى مهم؛ يتلخص في أن هذه المناسبة الاجتماعية إنما تكتمل فرحة الاحتفال بها بروح الجماعة الوطنية الواحدة.

وهذا معنًى إنسانيٌّ راقٍ أفرزته التجربة المصرية في التعايش بين أصحاب الأديان والتأكيد على المشترك الاجتماعي الذي يقوي نسيج المجتمع الواحد، وهو لا يتناقض بحال مع الشرع، بل هو ترجمة للحضارة الإسلامية الراقية، وقِيَمِها النبيلة السمحة.


احتفال وطني قومي 


وأوضح المفتي أن ما يقال حول "شم النسيم"، بأن له أصولٌ مخالفةٌ للإسلام، فهذا كلامٌ غير صحيح ولا واقع له؛ إذ لا علاقة لهذه المناسبة بأي مبادئ أو عقائد دينية، لا في أصل الاحتفال ولا في مظاهره ولا في وسائله، وإنما هو محض احتفال وطني قومي بدخول الربيع؛ رُوعِيَ فيه مشاركة سائر أطياف الوطن، بما يقوي الرابطة الاجتماعية والانتماء الوطني، ويعمم البهجة والفرحة بين أبناء الوطن الواحد، والسلوكيات المحرمة إنما هي فيما قد يحدث في هذه المناسبة أو غيرها من سلوكيات يتجاوز بها أصحابها حدود الشرع أو يخرجون بها عن الآداب العامة.

search