الإثنين، 09 سبتمبر 2024

11:57 ص

"تسونامي السلع الرخيصة".. مخاوف أمريكية أوروبية من توسع تجارة الصين

مصنع صيني لتصنيع السيارات

مصنع صيني لتصنيع السيارات

أحمد سعد قاسم

A A

دق الرئيس الأمريكي جو بايدن ناقوس الخطر بشأن زيادة المنتجات الصينية التي وصفها بـ "الرخيصة"، محذرا من أنها تشكل تهديدًا كبيرًا للمصانع الأمريكية. 

وعلى الرغم من البيانات التجارية الرسمية التي تظهر انخفاضًا في واردات الصلب الصينية وتضييق الفجوة التجارية مع الصين، فإن مساعدي بايدن يعبرون عن مخاوفهم بشأن الإشارات المثيرة للقلق من الصين وأوروبا.

وفق صحيفة نيويورك تايمز، ينبع القلق الأمريكي من إنتاج الصين المتزايد للسلع باهظة الثمن مثل السيارات والمعادن الثقيلة، والتي تغذيها الإعانات السخية والقروض من البنوك التي تديرها الدولة، وأدى هذا إلى ميزة كبيرة من حيث التكلفة للسلع الصينية مثل الصلب والسيارات الكهربائية، مما تسبب في تحديات لصناعات مثل صناعة الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة وإثارة مخاوف أوسع في أوروبا.

وتتخذ إدارة بايدن خطوات لحماية الشركات الأمريكية مما تعتبره "غشًا" تجاريًا من قبل بكين.

وتعهد الرئيس بايدن باتخاذ إجراءات جديدة لحماية مصانع الصلب وشركات صناعة السيارات والصناعات الأخرى من الواردات المدعومة.

وأثار المسؤولون الأوروبيون، الذين يشعرون بالانزعاج على نحو مماثل لأمريكا بسبب ارتفاع الواردات الصينية، عقب زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج مؤخرًا إلى أوروبا. 

وحث المسؤولون، الصين على معالجة تدفق الصادرات المدعومة التي تتدفق إلى الدول الغربية، مرددين نفس المخاوف التي أعربت عنها إدارة بايدن.

وبدأت أوروبا في فرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية الصينية، مستشهدة بأدلة على الدعم الحكومي غير القانوني. 

وواجهت الولايات المتحدة أيضًا تحديات مع غمرة المنتجات الصينية الرخيصة أسواقها، حيث تسببت الألواح الشمسية والسيارات الكهربائية في حدوث اضطرابات.

ولمواجهة هذه التحديات، تراقب إدارة بايدن عن كثب بيانات الإنتاج والأسعار الصينية وتنظر في اتخاذ تدابير لمنع الواردات المدعومة أو إبطائها، وهي تركز بشكل خاص على الصناعات المركزية في الخطط الصناعية للرئيس، مثل تكنولوجيا الطاقة منخفضة الكربون.

ومع ذلك، يرفض المسؤولون الصينيون هذه الاتهامات، ويصفونها بـ"أنها رواية مصاغة للتلاعب بالتصورات وتسييس التجارة"، وهم يزعمون أنه لا يوجد "طاقة فائضة في الصين"، بل هناك قلق من انعدام الثقة والتشهير ضد الصين.

ويدعو بعض المسؤولين الحاليين والسابقين في إدارة بايدن إلى بذل جهد عالمي لمواجهة استراتيجية التصدير الصينية، مؤكدين على أهمية التعاون بين الولايات المتحدة وأوروبا والحلفاء الآخرين. 

ويقترحون بناء تحالف دولي واسع النطاق لفرض تعريفات منسقة على الصناعات الصينية ذات الطاقة الفائضة، بهدف حماية الاستثمارات في القطاعات الحيوية.

ومن المقرر أن تجتمع الولايات المتحدة والصين، في واشنطن هذا الأسبوع لمعالجة تغير المناخ والنزاعات التجارية المستمرة، وتسليط الضوء على العلاقة المعقدة بين الأهداف البيئية والمصالح الاقتصادية.

وفي السيناريو المثالي، فإن التعاون بين الولايات المتحدة والصين من شأنه أن يعمل على تسريع التحول إلى الطاقة النظيفة، مع توفر السيارات الكهربائية الصينية الصنع بأسعار معقولة على نطاق واسع في أمريكا، والموارد الأساسية مثل الليثيوم التي يمكن الوصول إليها بسهولة من الصين. ومع ذلك، في الواقع، تواجه الولايات المتحدة التحدي المتمثل في تعزيز الطاقة النظيفة مع حماية اقتصادها وأمنها القومي ضد الهيمنة الصينية في الصناعات الحيوية.

ومن المتوقع أن يواجه اجتماع هذا الأسبوع بين مبعوث إدارة بايدن للمناخ، جون بوديستا، ونظيره الصيني، ليو تشنمين، هذه التوترات. 

ومن المرجح أن تلقي التوترات التجارية، وخاصة في مجال تكنولوجيا الطاقة الخضراء، بظلالها على المناقشات، حيث يفرض تدفق الصادرات الصينية تحديا كبيرا لجهود الولايات المتحدة لتعزيز الصناعات المحلية، وفق صحيفة نيويورك تايمز.

وانتقدت إدارة بايدن الصين لتشويهها السوق العالمية لمنتجات الطاقة النظيفة، وأثارت مخاوف بشأن "إغراق الكربون"، ملمحة إلى قيود محتملة على الواردات من الدول ذات الانبعاثات العالية مثل الصين. 

ومن ناحية أخرى، تزعم الصين أن التكنولوجيا والإنتاج المنخفض التكلفة يشكلان ضرورة أساسية لدفع التحول العالمي في مجال الطاقة.

ولا تؤثر المنافسة بين البلدين على التجارة فحسب، بل تثير أيضًا مخاوف تتعلق بالأمن القومي وتهدد بتقويض الصناعات والوظائف الأمريكية. 

وتتعامل إدارة بايدن مع هذه التحديات بينما تهدف إلى تحقيق أهداف مناخية طموحة وتنشيط التصنيع المحلي.

وعلى الرغم من التوترات، يدرك كلا البلدين أهمية التعاون في قضايا المناخ. ومع ذلك، فإن الاختلافات الأساسية، بما في ذلك النزاعات الجيوسياسية والصراعات الأيديولوجية، لا تزال تؤدي إلى توتر العلاقة بينهما.

وبينما تواجه الولايات المتحدة الانتخابات المقبلة، تتعرض إدارة بايدن لضغوط لإظهار التقدم المحرز في استثمارات الطاقة المتجددة. 

وخصصت الإدارة حوافز كبيرة لمشاريع الطاقة النظيفة، بهدف تقليل الاعتماد على الصين مع تعزيز التصنيع المحلي.

وبينما تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيق التوازن بين الأهداف البيئية والمصالح الاقتصادية، فإن الصدام مع الصين يسلط الضوء على التعقيدات التي تحيط بإدارة تحولات الطاقة العالمية والمنافسات الجيوسياسية في القرن الحادي والعشرين.

search