الجمعة، 22 نوفمبر 2024

10:26 ص

الأوقاف تنتفض ضد "المتنمرين".. النص الكامل لخطبة الجمعة

أثار التنمر علي الفرد والمجتمع

أثار التنمر علي الفرد والمجتمع

فادية البمبي

A A

ينقل التلفزيون المصري شعائر صلاة الجمعة من مسجد د. عبد الحليم محمود، بمحافظة الشرقية، ويلقي خطبة الجمعة اليوم، عضو هيئة كبار العلماء الدكتور أحمد عمر هاشم.

وأكدت وزارة الأوقاف على الأئمة ضرورة الالتزام بموضوع الخطبة نصًا أو مضمونًا على أقل تقدير، وألا يزيد زمنها عن 15 دقيقة، للخطبتين الأولى والثانية معا كحد أقصى، وعلى الخطيب أن ينهي خطبته والناس في شوق إلى المزيد، خير من أن يطيل فيملوا.

ومن المنتظر أن يكون موضوع خطبة جمعة اليوم “التنمُّرُ والسخريةُ وأثرُهُمَا المدمّرُ على الفردِ والمجتمعِ”، وإلى نص خطبة الجمعة وفق ما أعلنته وزارة الأوقاف.

خلق ذميم 

التنمُّرَ يعنِي الانتقاصَ أو النظرَ بعينِ الاستصغارِ أو الاحتقارِ أو السخريةِ مِن الناسِ وذكرِ عيوبِهِم على وجهٍ ينالُ منهُم بالقولِ أو الفعلِ أو الإشارةِ أو الحركةِ، وهو خُلقٌ ذميمٌ يتنافَى مع الفطرةِ السليمةِ والأخلاقِ القويمةِ.

شدَّدَ الشرعُ الحنيفُ على تحريمِهِ والتحذيرِ منهُ، حيثُ يقولُ الحقُّ سَبْحَانَهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، فقد وصفَ الحقُّ سبحانَهُ مَن لمْ يَتُبْ مِن غمزِ ولمزِ الناسِ بأنَّهُ ظالمٌ، ويقولُ سبحانَهُ: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ}، ويقولُ نبيُّنَا (صلواتُ ربِّي وسلامُهُ عليهِ): (بحسبِ امْرِئٍ مِن الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخَاهُ المسلمَ، كلُّ المسلمِ على المسلمِ حرامٌ، دمُهُ ومالُهُ، وعِرضُهُ).

أنواع السخرية

ومِن أسوأِ أنواعِ السخريةِ، السخريةُ مِن غيرِ القادرينَ الذينَ ينفقونَ في حدودِ إمكاناتِهِم الماديةِ، يقولُ سبحانَهُ: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ۙ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

إنَّ المسلمَ الحقَّ هو الذي يسلمُ الناسُ مِن أذَى لسانِهِ ويدِهِ، فلا يصدرُ منهُ إلَّا كلُّ خيرٍ ونفعٍ للناسِ، حيثُ يقولُ نبيُّنَا ﷺ:(المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ ويده).

منتهك لحقوق الانسان

للتنمُّرِ والسخريةِ أثرُهُمَا المدمِّرُ على الفردِ والمجتمعِ، فالشخصُ المتنمِّرُ والساخرُ مِن خَلقِ اللهِ يُغضِبُ ربَّهُ، ويفقدُ وقارَهُ عندَ الناسِ، ويُسقطُ عن نفسِهِ صفةَ المروءةِ، كمَا أنَّهُ مُنتَهِكٌ لحقوقِ الإنسانِ الذي كرَّمَهُ اللهُ (عزَّ وجلَّ) في القرآنِ الكريمِ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}، وهو ظالمٌ لِمَن تعرَّضَ لهُ أو سخرَ منهُ بمَا يسببُ لهُ مِن الحرجِ.

يميت القلب ويورثه الغفلة

كمَا أنَّ هذا الخُلقَ الذميمَ يميتُ القلبَ، ويورثُهُ الغفلةَ حتى إذا كان يومُ القيامةِ ندمَ المتنمِّرُ على ما قدمتْ يداهُ ولاتَ ساعةَ مندمِ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ:{أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}، ويقولُ سبحانَهُ في أهلِ النارِ يومَ القيامةِ كما ذكرَ القرآنُ الكريمُ: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ}،ويقولُ سبحانَهُ:{ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَىٰ أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33)}.

تطاولا علي سنن الله

لا شكَّ أنَّ التنمُّرَ والسخريةَ يدمرانِ العلاقاتِ والروابطَ الاجتماعيةَ القائمةَ على الأخوةِ والتوادِّ والتراحمِ، كمَا أنَّهُمَا يزرعانِ بذورَ العداوةِ والبغضاءِ ويورثانِ الأحقادَ والضغائنَ بينَ الناسِ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا}، ويقولُ نبيُّنَا ﷺ:(المُسْلِمُ أخو المُسلِم، لا يَظْلِمُهُ ولا يَخدُلُهُ، ولا يَحْقِرُهُ)، ويقولُ (صلواتُ ربِّي وسلامُهُ عليهِ):(لا تَقَاطَعُوا وَلا تَدَابَرُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا).

على أنَّ السخريةَ إذا كانتْ مِن أمرٍ جسدِيٍّ فإنَّهَا تحملُ تطاولًا على سننِ اللهِ (عزَّ وجلَّ) في كونِهِ وحكمتِهِ في خلقِهِ، وهو أمرٌ جدُّ خطيرٍ على دينِ المرءِ ومروءتِهِ.

search