الجمعة، 22 نوفمبر 2024

02:14 م

"شتاء ديموجرافي" يهدد العالم.. هل تنجو مصر؟

الزيادة السكانية

الزيادة السكانية

محمد سامي الكميلي

A A

في الوقت الذي تشكو فيه مصر من الزيادة السكانية، يتخوف العالم من “كارثة الشتاء الديموجرافي"، التي تتمثل في انخفاض عدد السكان تدريجيا، إلى مستوى “أكثر من اللازم”، يبدو الحديث متناقضًا، لكنه في واقع الأمر ليس كذلك.

فبينما يتوقع علماء الديموجرافيا انكماش سكان العالم في غضون 4 عقود من الآن، تشكو مصر من انخفاض ناتجها المحلي، وهو ما يجعل عدد سكانها الحالي عبئا على مواردها، واقتصادها.

الشتاء الديموجرافي

عّرفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، ظاهرة الشتاء الديموجرافي، بأنه انخفاض طبيعي في معدلات الولادة، نتيجة انخفاض معدل الخصوبة، وله نتائج كارثية، قد تصل إلى لانقراض البشرية.

ولفتت الصحيفة إلى أن معدل الخصوبة سينخفض عند النساء، وعليه ستنخفض معدلات المواليد، ما سينعكس على الاقتصاد ونموه، وترتيب القوى العظمى في العالم، منوهة بأن هذا يحدث بشكل كبير في أوروبا وشرق آسيا، ومؤخرا سيهدد أمريكا.

فعدد الأطفال الذين ستنجبهم كل امرأة، سيكون أقل من المعدل العالمي، حيث تتباطئ معدلات الخصوبة إلى أقل من المعدل الآمن، وهو "2.2" الذي وضعته منظمة الصحة العالمية لتنظيم النسل، ونتيجة الشتاء الديموجرافي، سيحدث ركود في المواليد، خصوصا الدول المتكتظة بالسكان، مثل الصين والهند، وهذا بحسب ما أوضحته الصحيفة الأمريكية.

واعتقد علماء الديموجرافيا، أن عدد سكان العالم سيبدأ في الانكماش في غضون 4 عقود من الآن، وسينفق العالم الأموال على الفئات العمرية غير المنتجة، أي المسنيين، ويشير المؤرخون إلى انخفاض الخصوبة الذي حدث في الدول الصناعية بالقرن الـ 18.

هل مصر تجاوزت لعنة الزيادة السكانية؟

سجلت معدلات النمو السكاني في مصر تراجعًا بنحو 46% خلال الفترة من 2017 حتى 2023، بانخفاض من 2.6% في تعداد 2017، إلى 1.4% عام 2023، بحسب بيان رسمي من إدارة المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية، التابع لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية.

وتراجع معدل المواليد بنسبة 10% بين عامي 2022 و2023، وصل في 2023 إلى 1.4%، وهي أقل معدلات نمو بالزيادة السكانية خلال الـ50 عاما الأخيرة.

وفي بيان لوزارة التخطيط، قالت إن عدد المواليد في 2023 بلغ نحو 2 مليون مولود، بتراجع 15% مقارنة بـ2018 و7% مقارنة بعام 2022، وهو ما يعد تتويجًا لجهود الدولة في خفض معدلات النمو السكاني.

زيادة النمو السكاني لعنة على التنمية

علق خبير التنمية المستدامة، الدكتور ياسر شحاتة، وقال لـ "تيلجراف مصر" إن زيادة النمو السكاني لعنة متسلسلة تلتهم معدلات التنمية، لكن الاهتمام بعنصر رأس المال البشري والاستثمار فيه، هو أفضل الاستثمارات على الإطلاق، والوحيد القادر على صناعة التنمية ودورانها، مؤكدا، أن الاستثمار في رأس المال البشري يكون من خلال ورش العمل والندوات والدورات، والمنتديات من كل مؤسسات الدولة، والاهتمام بالدولة الشابة.

وتابع شحاتة أن مصر دولة شابة، ومعدل الشباب بها أكثر من 60%، و"النقمة" هو تجاهل الاستثمار في عنصر المال البشري، ولكن إذا وضعت إجراءات تصحيحية لإحدات تنمية، يكون العنصر البشري هدفها الأساسي، ستستطيع الدولة، الانطلاق بمعدلات الزيادة في النمو السكاني.

المقارنة بين مصر والصين غير عادلة

وقال أستاذ الإدارة والاستثمار، محمد الشوادفي، إن مصر تعاني من الزيادة السكانية على مدار 60 سنة ماضية، لكنها في الوقت نفسه تملك أكبر قوة بشرية في المنطقة، وتصل قوة العمل لديها إلى 60 مليون نسمة، لكنها عجزت خلال الخمسين عاما الماضية عن استغلال المورد البشري الكامل، نتيجة الظروف الاقتصادية التي مرت بها، والأزمات المتعاقبة.

وأضاف الشوادفي لـ"تليجراف مصر" أنه منذ 10 سنوات تقريبا، اتبعت الدولة استراتيجية في التنمية تأخذ في اعتبارها النمو السكاني، وهذه الاستراتيجية كانت عبارة عن مشروعات صغيرة ومتوسطة، والتنمية الزراعية والتوطين الصناعي، وعمليات المجمعات الصناعية، كل ذلك حتى يمكن أن يستخدم رأس المال البشري.

وأكد أن التنمية في الدولة المصرية مختلفة بأدواتها عن التنمية في دول أخرى، فهي تحتاج التنمية التي تعتمد على المورد البشري، وعليه المقارنة بيننا وبين الصين ليست في صالحنا، لأن الصين بدأت تنميتها في خمسينيات القرن الماضي.

وأوضح أن المعادلة تقول "إن الدولة تكون في حالة رضا وتوازن إذا كان معدل الناتج الإجمالي يساوي ضعف معدل نمو السكان بـ3 أضعاف، وإذا كان معدل نمو السكان في مصر 2%، لابد أن يكون معدل الناتج القومي الإجمالي لا يقل عن 6%، وإذا قل عن هذا تتعرض الدولة لأزمة اقتصادية".

search