السبت، 05 أكتوبر 2024

04:45 م

طارق سعد

طارق سعد

A A

عمرو دياب الذي فقد عقله!

ماذا يفعل عمرو دياب؟ وماذا يريد من نفسه؟ هل أصيب "الهضبة" بمراهقة نجومية متأخرة؟!

منذ بدايات "عمرو دياب" الفنية وهو يقود نفسه بنفسه.. وضع لنفسه دستور خاص يعمل حسب مواده وكانت المادة الأولى في دستور "الهضبة" الرئيسية والمحركة له هي "الاختفاء" فكان "عمرو" يعمل دائماً على أن يكون قليل الظهور قليل الكلام ربما لأنه يعرف أنه لا يجيد التعامل أو الحديث فاختار أن يصنع لنفسه صورة في أذهان جمهوره لا تشوهها أية حركة غير محسوبة، فكان عقله الفني حاضراً من البداية واعياً لما يريده ويخطط له ونجح فيه على مدار مشواره حتى قبل الأعوام الأخيرة!.

قرر فجأة "عمرو دياب" أن يكسر التابوه مع ازدحام الساحة التي اكتظت بكل من هب ودب ونط وفط، فقرر أن يتواجد بكثافة ليس فقط بأعماله لكن أيضاً بنفسه وسط جمهوره.. نزل من برجه العاجي ليهبط فجأة وسط الناس التي لم تصدق أنها تقف ملاصقة لـ"الهضبة" بعدما كان مجرد عبور الحواجز والوصول لأفراد التأمين المحيطين له فرط حلم في الخيال، لكن الجمهور العاشق لـ"الهضبة" أصبح بإمكانه رؤية نجمه الأول والتصوير معه أيضاً، بل وأصبح من العادي أن تجده مصادفة في مكان عام وهو ما لم يكن في الخيال من قبل وتجد صوراً له متنوعة في كل اتجاه. 

هذا ما يديره عقل "الهضبة" وهو ما يريده تماماً.. استمرار التواجد وإثبات الحضور فلم يعد يفيد الاختفاء لأنه سيجعله متأخراً في سباق لا فرصة فيه لالتقاط الأنفاس.. دفعات من الأغاني وقصة حب وعشق وروايات غامضة تثير المتابعين وتلهبهم ويلهثون خلف تفاصيلها ليصبح اسم "عمرو دياب" متصدراً في كل وقت وحين حاضراً في اللاوعي باستمرار ليحقق ما خطط له بنجاح ساحق معتاد.

هل اكتفى "الهضبة" بهذا القدر من الثبات والرصانة؟، أم أصبح لا يستطيع إحكام السيطرة على نفسه أكثر من ذلك وإحساسه أنه "متكتف" أصابه بالاختناق فخرق سياجه بيديه وبدأ يتعامل بحريته باعتبار أن كل شيء مغفوراً للهضبة لا رقيب ولا محاسب؟!.

صفعة "عمرو دياب" على وجه معجب حاول أخذ صورة "سيلفي" معه كارثة محزنة تنسف دستور "عمرو دياب" المحصن وتجعله مجبراً على الوقوف طويلاً مع نفسه فمهما كان ومهما يكن أو سيكون ليس هناك أي مبرر لصفع معجب على وجهه بملو كف يده الرياضية وإهدار كرامته أمام ملايين يشاهدون اللقطة عبر منصات التواصل المختلفة ليهدر معها إنسانيته وربما لا يعلم "الهضبة" أن الصفع على الوجه نهى عنه الرسول الكريم، فلم تعد الصفعة مخالفة اجتماعية وأخلاقية فقط ولكنها تخطت للدينية أيضاً!.

المحزن في الواقعة بعد هذا الامتهان هو شعور المصفوع بينه وبين نفسه وإحساسه بألم الصفعة من نجمه المفضل الذي يدعمه كحجر ضمن أحجار مبناه الضخم من جماهيره الغفيرة، ومشاهدة أسرته وعائلته وجيرانه ومعارفه ونظرة الطفل الصغير الواقف بينهما بردة فعله لهذا الامتهان غير المبرر على الإطلاق، فكان هناك اختيارات كثيرة لرد الفعل من النجم لكنه لم يجتهد ليروض نفسه باختيارات وتركها لرد فعله التلقائي على طبيعته التي كان يخفي نفسه سنوات طويلة حتى لا تدفعه في حُفَر تعرقل مسيرته وطريقه.

أين عقل "عمرو دياب" الفني الذي كان يديره؟ هل فقده؟ هل تخلى عنه؟ 

الحقيقة أن الإجابة عن هذه الأسئلة المتشابكة مرهقة ومحيرة خاصة مع سلسلة تصرفات "عمرو" الأخيرة وأبرزها سبه للسائق الخاص به وخرج التبرير أنه يتعامل معه “على طبيعته”، وأن ما حدث ليس إلا "هزار الفنان" مع سائقه لتمر الواقعة بغصة ومؤخراً على المسرح كان دفعه بـ"غباوة" لعامل الصوت الذي يضبط السماعات الأرضية، وهو ما أثار حفيظة الجمهور أيضاً الذي يحمل له ضغينة واقعة السائق ولم يرضى حتى الآن على ملابسات النهاية لعلاقته بالفنانة الشهيرة التي ترددت في الأوساط وانحاز فيها الجمهور للفنانة، فإن صدقت من مؤكديها فستصبح علامة غائرة في صورة النجم التي لم تعد في أعين جمهوره بنفس البريق والنقاء، بغض النظر أن هذه العلاقة كانت خطأً فادحاً من الطرفين وفي حقهما بحسب تقييم قطاع كبير من جمهوره.. جمهوره الذي يتحفظ على ارتداءه حلق في أذنه أساء إليه ولصورته، وهو نفس الجمهور الذي يربط بين تغيرات مفردات شخصية "الهضبة" وبين تصرفاته الأخيرة.

صفعة "عمرو دياب" لمعجبه على وجهه هي في الحقيقة صفعة على وجه "عمرو دياب" نفسه، الذي يبدو واضحاً أنه فقد توازنه مؤخراً وزاده حملات الهجوم والمقاطعة غير المبررة لإعلان شركة المياه الغازية "المضروب" وعدم قدرته على الدفاع عن نفسه مقيداً بارتباطاته القانونية معها، فنجم بهذا الحجم من المكانة الفنية والعمر والخبرة يتحرك وسط جمهوره بلا ثبات انفعالي، فكيف سنوجه ونقوم النجوم بعده والجدد؟، وماذا سننتظر منهم؟!.

فقد "عمرو دياب" إدارته لنفسه ويحتاج سريعاً لإعادة ترتيب أوراقه التي تبعثرت بلا مبرر وأساءت له!.

على "عمرو دياب" العودة للتعاون الفني مع عقله والعودة للعمل بدستوره الذي علقه منذ سنوات والالتزام به والتخلي عن عشوائية الأداء التي أصبحت تهدد دولته التي أسسها في نصف قرن.

طبيعة الإنسان الفطرية تفرض عليه بعد مشوار طويل من العمر الهدوء والتركيز والحكمة خاصة لو كان رمزاً أو مجرد مشواراً ناجحاً “مش يخيب على كبر”.. عيب!. 

search