السبت، 05 أكتوبر 2024

11:32 ص

سجناء تشيلي والقطط.. ونس في الزنزانة

أحد النزلاء يحمل قطته - نيويورك تايمز

أحد النزلاء يحمل قطته - نيويورك تايمز

أحمد سعد قاسم

A A

في أكبر سجن في تشيلي ضربت القطط الضالة نموذجًا في الرحمة كأنها من بني البشر، وعلى مدى عقود عاشت بين زنازين هذا السجن اختياريًا.

وبحسب صحيفة نيويورك تايمز كان هذا الأمر بالنسبة لمسؤولي السجن، غريبًا إلى حد ما لكنهم لم يولوه اهتمامًا كبيرًا، وظلت القطط تتضاعف أعدادها ليكتشف المسؤولون أنها لم تكن فقط تحل مشكلة الفئران المنتشرة بالمكان؛ بل كانت أيضًا تفيد النزلاء.

خلال فترة عقوبته البالغة 14 عاما قال كارلوس نونيز عن تلك القطط "إنهم أصدقاؤنا" وأنا أعتني بقط يبلغ من العمر عامين، لقد اكتشف شخصيتها الفريدة فالقطة تجعلك تهتم بها، تغذيها، ترعاها، تمنحها اهتماما خاصا وعندما كنا في الخارج لم نفعل هذا أبدا لقد تعلمناه هنا في السجن". 

سجن عمره 180 عاما

يعرف هذا السجن الرئيسي الذي يبلغ عمره 180 عاما في سانتياجو، عاصمة تشيلي، منذ زمن بعيد بأنه مكان يحبس فيه الرجال في أقفاص وتنعم فيه القطط بالحرية لكن الأمر الآن أصبح مختلفا فالتغير الذي أحدثته 300 قطة فيما يقرب من 5600 سجين بات ملحوظًا جدًا.

نزلاء في السجن يسلمون القطط لأطباء يفحصون حالتهم - نيويورك تايمز

مزاج السجناء

من جانبها قالت مديرة السجن، الكولونيل هيلين ليل جونزاليس، إن “القطط أثرت على مزاج السجناء وسلوكهم وزادت من شعورهم بالمسؤولية تجاه واجباتهم، ولا سيما الاهتمام بالحيوانات”.

وأضافت “السجون أماكن قاسية وبالتأكيد، عندما ترى أن هناك حيوانا يمنحك العطف ويولد هذه المشاعر الإيجابية، فإن ذلك يؤدي بطبيعة الحال إلى تغيير في السلوك ملحوظ، وتغيير في المواقف الذهنية”.

ووفق الصحيفة الأمريكية يتبنى السجناء القطط بشكل عفوي، ويتعاونون لرعايتها، ويشاركونها الطعام والأسرة، وفي بعض الحالات، يصنعون لها بيوتا صغيرة، وفي المقابل، تقدم القطط شيئًا لا يقدر بثمن في السجن المعروف بالزحام والظروف السيئة وهي " الحب والونس والمودة والقبول".

"هي تعرف أنك حزين، وتشعر بك وتحاول التخفيف عنك والالتصاق بك ومداعبة وجهك" هكذا عبر رينالدو رودريجيز، 48 عاما، الذي سيظل مسجونا حتى عام 2031 بعد إدانته بحيازة أسلحة نارية عن حبه لشيلونا، تلك القطة السوداء الودودة التي أصبحت محبوبة في زنزانة مكونة من تسعة رجال ومزدحمة بأسرة مكونة من طابقين.

القطة الزعيمة

وتابع رودريجيز "أنا وزملائي في الزنزانة اضطررنا لاستخدام وعاء من الماء لإغراء "شيلونا" للخروج من مخبئها بعد أن تم نقل من كان يعتني بها سابقا إلى قسم آخر في السجن، رغم أنها كانت تخاف في البداية إلا أنها الأن “سيدة هذه الغرفة إنها الزعيمة”.

قطة تقف بين نزلاء يلعبون داخل السجن- نيويورك تايمز

حب قديم

والارتباط بين المجرمين المحكوم عليهم والحيوانات ليس بالأمر الجديد؛ فخلال الحرب العالمية الثانية، اتخذ أسرى الحرب الألمان في نيوهامشير الحيوانات البرية كحيوانات أليفة، وأصبحت البرامج الرسمية لربط السجناء والحيوانات أكثر شيوعا في أواخر السبعينيات، وبعد تحقيق نتائج إيجابية باستمرار، انتشرت في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك اليابان وهولندا والبرازيل.

في الولايات المتحدة وتحديدا في ولاية أريزونا، يدرب السجناء الخيول البرية للقيام بدوريات على الحدود الأمريكية مع المكسيك، وفي مينيسوتا وميشيجان، يقوم السجناء بتدريب الكلاب للمكفوفين والصم، وفي ماساتشوستس، يساعد السجناء في رعاية الحيوانات البرية الجريحة أو المريضة؛ مثل الصقور والقيوط “نوع من الذئاب” والراكون.

خفض معدلات الجريمة

من جانبها قالت الباحثة في إسبانيا التي راجعت 20 تجربة، بياتريس فيلافينا دومينجيز، للصحيفة الأمريكية إن ربط النزلاء بالكلاب قد أثبت مرارا وتكرارا أنه يؤدي إلى انخفاض معدلات العودة إلى الإجرام، وتحسين التعاطف، وتحسين المهارات الاجتماعية.

قطة تقف على كتف أحد النزلاء - نيويورك تايمز

السماح بالعلاج

وأضافت أن الكلاب هي الحيوانات الأكثر استخداما في السجون، تليها الخيول، وفي معظم الأحوال يتم إحضار الحيوانات إلى النزلاء، أو العكس، لكن في تشيلي، طوّر السجناء علاقة طبيعية مع القطط الضالة التي تعيش بجانبهم.

search