الجمعة، 22 نوفمبر 2024

04:37 م

الخبز والكهرباء والوقود والأدوية.. صواعق جديدة تهدد بارتفاع التضخم

تعبيرية

تعبيرية

ولاء عدلان

A A

أظهرت معدلات التضخم خلال الأشهر الثلاثة الماضية تباطؤا ملحوظا مقارنة بمستوياتها في فبراير (35.1%)، -إلا أن حرارة أشهر الصيف يبدو أنها ستنتقل قريبا إلى الأسعار-، بعد أن استهلت الحكومة النصف الثاني من 2024 بزيادة لأسعار الخبز المدعم بـ300%، وزيادة بمتوسط 20% في أسعار الأدوية فيما تقترب من رفع أسعار الكهرباء والوقود للمرة الثانية هذا العام. 

رأت مدير التداول في شركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية منى مصطفى، أن استمرار تباطؤ معدلات التضخم خلال النصف الثاني من هذا العام مرهون بعدم إقرار زيادات جديدة لأسعار الوقود والكهرباء، بعد أن جرى رفعها في مارس ويناير الماضيين على التوالي، فضلا عن رفع سعر رغيف الخبز مطلع هذا الشهر من مستوى 5 قروش إلى 20 قرشا. 

ارتفاع وشيك

رجحت منى مصطفى، أن تعاود معدلات التضخم في يونيو الارتفاع مدفوعة بأثر ارتفاع سعر الخبز بالإضافة إلى عوامل موسمية تتعلق بعيد الأضحى المبارك، مشيرة إلى أن التضخم رغم التباطؤ خلال أخر 3 شهور لا يزال يتحرك عند مستويات مرتفعة ولا يبدي تراجعا ملموسا. 

تقرير "جولدمان ساكس"

في تقرير حديث قدر بنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس أن زيادة الخبز ستضيف لمعدل التضخم الأساسي في يونيو قرابة 0.5% إذ يمثل الخبز 0.3% من مؤشر أسعار المستهلكين المفضل لدى البنك المركزي، فيما توقعت مؤسسة "فيتش سوليوشنز"، أن تضيف زيادة الخبز لمعدلات تضخم يونيو قرابة 1%. 

وحذرت، من أن أي زيادات جديدة لأسعار البنزين والسولار ستدفع التضخم لتسجيل قفزة جديدة بعد فترة من الهدوء النسبي، لاسيما حال قررت الحكومة رفع يدها عن الأسواق والتوقع عن التدخل لتعزيز المعروض السلعي، مضيفة أن استقرار سعر الصرف هو من أهم العوامل التي ساهمت في تباطؤ التضخم وحال شهدنا عودة لارتفاع سعر الدولار فهذا من شأنه أن يدفع الأسعار أيضا للارتفاع خلال الفترة المقبلة، إذ تعتقد أن سعر الصرف الحالي لايزال مدارا من البنك المركزي، إذ عزز ارتفاع الاحتياطي الأجنبي للدولة قدرته على التدخل في سوق الصرف لدعم الجنيه.  

خلال مايو الماضي، سجل التضخم الأساسي الشهري لأول مرة منذ عامين معدلا سالبا (-0.8%) مقابل 2.9% خلال مايو 2023، فيما تراجع على أساس سنوي إلى 27.1% من 31.8% في أبريل و33.7% في مارس و35.1% في فبراير الماضي. 

صدمة السولار والكهرباء

من جانبه، رأى الخبير المصرفي محمد بدرة، أن أي زيادة جديدة ستطال أسعار الوقود وخاصة السولار من شأنها أن تترجم مباشرة إلى زيادة في أسعار غالبية السلع وخدمات النقل لاسيما وإن تزامنت مع زيادة في أسعار الكهرباء الأمر الذي يهدد بعودة ارتفاع التضخم خلال الأشهر المقبلة، بعد أن نجح البنك المركزي من خلال السياسة النقدية والمالية في وضعه على مسار نزولي. 

رفعت "فيتش"، في يونيو تقديراتها للتضخم في مصر خلال العام الحالي إلى 32% لتوقعها لإقرار زيادة الكهرباء والوقود المتوقعة اعتبارا من مطلع يوليو المقبل، وقالت إن هذه الزيادة ستكون أكبر من المتوقع إذ أعلنت الحكومة عن خطة لرفع الدعم تدريجيا عن الوقود والكهرباء تنتهي في 2025 و2028 على الترتيب. 

يشار إلى أن الحكومة أقرت مطلع هذا العام زيادة بنسبة تتراوح بين 16 و26% لشرائح الكهرباء فيما رفعت أسعار البنزين والسولار في 22 مارس الماضي بواقع 100 و175 قرش على الترتيب، ووفقا للمعلن من المفترض أن تبدأ في تطبيق أسعار جديدة للكهرباء والوقود اعتبارا من 1 يوليو 2024. 

وتوقع نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، مدحت يوسف، أن تتجه لجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية في قرارها المرتقب مطلع الشهر المقبل نحو زيادة أسعار الوقود وليس الخفض، لترجمة زيادة فاتورة استيراد المواد البترولية وارتفاع تكلفة إنتاج المحروقات، فضلا عن ارتفاع الدولار واستمرار ارتفاع أسعار النفط العالمية. 

فيما أفادت تقارير إعلامية منذ أيام بأن الحكومة ربما تلجأ إلى تأجيل الزيادة المقررة لأسعار شرائح الكهرباء  من يوليو إلى سبتمبر المقبل نظرا لاستمرار العمل بخطة تخفيف الأحمال الكهربائية التي وعد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بتوقفها تماما خلال الأسبوع الثالث من يوليو. 

تشير تقديرات جولدمان ساكس إلى أن الحكومة ستلجأ إلى رفع أسعار الوقود 10% وربما أكثر اعتبارا من بداية النصف الثاني من 2024، وكذلك سترفع الكهرباء اعتبارا من يوليو. 

تأثير أسعار الأدوية 

ورفع "جولدمان ساكس" توقعاته للتضخم بمصر هذا العام في ضوء الزيادات المتوقعة لأسعار الوقود والكهرباء والأدوية بواقع 2% إلى 22%  مرجحا أن يرتفع التضخم خلال الفترة من يوليو إلى أغسطس المقبل إلى 30%، لكنه قال إن التصور الأساسي للبنك المركزي يشير إلى تراجع التضخم في المدن إلى 24% بنهاية ديسمبر المقبل والى 10% بنهاية 2025. 

أقرت الحكومة في يونيو زيادة في أسعار مجموعة من الأدوية الأكثر مبيعا بقرابة 20% ووصلت هذه النسبة إلى 30% لشريحة أدوية الأمراض غير المزمنة وإلى 50% لشريحة الأدوية التي تصرف بدون وصفة طبية كالمكملات الغذائية، ووفقا لرئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية في مصر، الدكتور علي عوف، من أن المتوقع أن يظهر أثر هذه الزيادة خلال يوليو وأغسطس المقبلين. 

وقال رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية الدكتور خالد الشافعي، إن هذا العام بدأ بزيادة لأسعار مجموعة من السلع والخدمات كالكهرباء وسعر تذكرة المترو ويبدو أنه سيكمل على هذا النحو فبعد زيادة سعر الخبز المدعم، التي تمس قطاع عريض من المواطنين محدودي الدخل، وينتظر المصريون الآن زيادة جديدة للوقود والكهرباء الأمر الذي يشي بعودة لارتفاع التضخم مرة أخرى. 

وأوضح أن التضخم بدأ يتراجع خلال الشهور القليلة الماضية وتحديدا منذ صدور قرار تحرير سعر الصرف في مارس واختفاء تعاملات السوق الموازية للعملة إلا أن غالبية السلع لا تزال مرتفعة مقارنة بما كانت عليه قبل عام لكنها أبدت استقرارا نسبيا ساهم في هدوء معدلات التضخم بضغط من مبادرات الحكومة لطرح سلع مخفضة في الأسواق وتشديد الرقابة عليها فضلا عن استمرار عمليات الإفراج الجمركي عن البضائع. 

وشدد على أن توجه الحكومة لرفع الدعم سيترك شريحة كبيرة من المواطنين الأكثر هشاشة فريسة لزيادات الأسعار وجشع التجار لاسيما مع غياب الرقابة الفعالة على الأسواق. 
 

search