الجمعة، 20 سبتمبر 2024

12:39 ص

موسم الزياط!

خلق الله الطبيعة بأربعة مواسم.. الشتاء والربيع والصيف والخريف بطقوسها الخاصة التي يستمتع بها الإنسان ويتقلب بينها إلا أنه كعادته يجب أن يضع بصمته الخاصة فلم يكتف بالفصول الأربعة لكنه صنع فصلًا جديدًا يخترق موسمه هذه الفصول ليضيف لها فصلًا خامسًا.. هو "موسم الزياط"!

"الزياط" مأخوذة من "الزيطة" وهي كلمة دارجة لوصف الصخب أو "الدوشة الفارغة" وهو ما يقوم به الكثيرون بالضبط تفاعلًا مع الأحداث خصوصًا المثير منها للجدل باستغلال قوة الـ"سوشيال ميديا" وهو ما يخلق حالة من الجدل الساخن والصراعات والتراشقات ويفتعل حروبًا افتراضية ضارية بين فريقي المؤيدين والمعارضين ويساعد في إشعال هذه النار فريق ثالث بينهما لا له ولا عليه جاء فقط "يزيط في الزيطة".

للأسف كثيرًا ما يكون ذلك ردة فعل للجمهور تجاه تصرفات غير مسئولة لنجومه والمستفزة أيضًا خصوصًا لو كان في الأمر مبالغة أو ما يمس الهوية أو اندرج تحت تصنيف المزايدات وهو ما لا ينتبه إليه النجوم أثناء حماستهم الزائدة فتنقلب الطاولة، ومنهم من يحسن المواجهة والسيطرة وهناك من يبرر أفعاله بإصرار ما يزيد الطين بلة!

أكبر الأمثلة التي أشعلت "موسم الزياط"؛ ما يقوم به بعض النجوم على مسرح الرياض سواء الغنائي أو التمثيلي فالطبيعي أن تشكر مضيفك ذوقًا وتقديرًا لكن أن تلغي فنك وبلدك وجمهورك وتزيحهم خلف ستائر المحفل مقابل العرفان بفضل صاحب الفضل الذي منح لك الفرصة وأغدق عليك الأموال فهذا "الزياط" غير مقبول ومهانة للنجم نفسه قبل أي شيء آخر. ويحقق الهدف القائم لهذا المحفل بإعلانه فرض السيطرة والإخضاع وأنه الأكبر بأمواله من أي تاريخ وهو ما يواجهه الجمهور بكل قوة وعنف ولا يفرق معه نجمه أمام الكرامة فمن يريد أن يتقزم فلنفسه؛ أما أن يذهب لتقزيم تاريخ بلده، وفنه مقابل حفنة أموال فهذا رُخص يخص صاحبه ولا شأن لنا به.

ربما وقائع مثل هذه قد تحاول أن تخلق لها مبررًا نفسيًا لصاحبها بأنه يفتقد فرصًا حقيقية برغم تاريخه الفني أو أنه لا يلقى التقدير المناسب، وتبحث في ذلك وتسأل عما تم تقديمه لهؤلاء حفظًا لتاريخهم وتقديرًا لهم بل تلوم الجهات المعنية على خلق الدافع للبعض أن يذهب إلى هناك "شرقان" فيقبل يد وقدم من يعطيه سيلًا من الماء.

أما المرفوض تمامًا ويجب الوقوف أمامه بحزم هو أن يبيع أحد النجوم زميله علنًا على مسرح المحفل، وينال منه في سابقة لم تحدث من قبل ولا يمكن التنبؤ بحدوثها لمجرد اعتذاره عن العمل لظروفه النفسية متعاطفًا مع شهداء حرب الكيان المحتل على غزة فرغم خطأ  قرار الزميل المهني فإنه في النهاية سبب شخصي بحت لا يستحق ما فعله به هذا النجم من تنكيل بل تتملكه حالة "الزياط" ويبكي بحرقة ممتنًا للحضور من الجمهور مقدمًا كل العرفان لصاحب المحفل في مشهد محاكٍ لمشاهد أفلام المقاولات!

الغريب في هذا "الزياط" أن هذا النجم متواجد تقريبًا في كل الأعمال الفنية حتى ولو بمشهد ولكن المؤكد أن أموال محفل الرياض المغدقة، بريقها الشديد يعمي البصر والبصيرة أما الأغرب أن هذه الواقعة المزدوجة هي الفريدة والوحيدة في هذا الموسم من "الزياط" فلم يعتذر أي فنان عن عمله متحججًا بحزن ولا هاجم أي فنان زميله المعتذر باعتباره أمر شخصي ولأنه مشهد عبثي هزلي وبـ"قفلة تليق بيه" عاد الفنان الحزين بعدها لاستكمال تصوير أعماله الكوميدية، و"يضحك" رغم استمرار تساقط الشهداء باستمرار الحرب وعدم انتهائها.

المضحك المبكي أن النجم الذي قرر أن يكون نجمًا لـ"موسم الزياط" خلع عنه الجمهور نجوميته وتركه مشردًا فنيًا لا يقوى حتى على الظهور أمامه فيضطر ألا يحضر العرض الخاص للأفلام المشارك فيها ولا حتى لفيلمه الذي يقوم ببطولته، والذي أسقطه الجمهور أرضًا بالضربة القاضية بعدما رفض دفع ثمن تذكرته مقابل دخول السينما لمشاهدته ليكتفي هو بأموال أعماله في محفل الرياض، ويرتضي بجمهوره المتواضع.

الحقيقة ومن جانب آخر؛ أن الجمهور أيضًا لا يصمت ولا يرحم وحضوره القوي على منصات الـ"سوشيال ميديا" يشعل الموسم ويؤجج المشاعر بين تطرف في الآراء والأحكام وبين دفاع أعمى لمجرد "الحزلقة" أو بمبدأ خالف تُعرف، وتثير الجدل وتزيد "الفولورز" أما صوت العقل فيصل بصعوبة نتيجة تشويش هذا الصخب ويمتد هذا الجدل في وقائع مختلفة؛ طلاق وزواج، عمل مثير للجدل، ممثلة لم توفق في مشهد، عنوان صادم لخطف الأنظار لا علاقة له بالمحتوى، وغيرها من الأحداث التي لن تنتهي.

المواسم تتقلب على مدار العام.. إلا هذا الموسم عرض مستمر.. "موسم الزياط".. هل من مغيث؟!
 

أخبار متعلقة

نذالة صحفي.. وأميرة!!

02 يناير 2024 08:57 م

أن تكون رجلاً

01 يناير 2024 07:07 م

search