الخميس، 21 نوفمبر 2024

11:34 م

تاريخ الدولار.. كيف تربعت الورقة الخضراء على عرش العملات؟

دولار

دولار

ولاء عدلان

A A

قطع الدولار الأمريكي رحلة طويلة، قبل أن يعتلي عرش عملات العالم، إذ يعود تاريخ ولادته إلى حقبة الاستقلال عندما نجح الأمريكيون في الانتصار على المستعمرين البريطانيين في العام 1776.. لكن متى وكيف أصبح الدولار العملة الأكثر قوة.  

احتفل الأمريكيون أمس الموافق الرابع من يوليو بذكرى عيد الاستقلال، الذي شهد إعلان الكونجرس القاري (المجلس الذي كان مسؤولا عن حرب الاستقلال) في التاريخ نفسه من العام 1776 استقلال أمريكا عن بريطانيا العظمى، وبدأ خطوات حثيثة لإرساء قواعد الدولة الجديدة. 

متى ظهر الدولار الأخضر؟ 

بعد الاستقلال وكغيرها من المستعمرات البريطانية في ذلك الوقت، كانت أمريكا تتعامل بعملات كثيرة أشهرها الدولار الإسباني والجنيه الاسترليني أما العملة المحلية وقتها فكانت باسم "القاري أو كونتننتالس" نسبة للكونجرس القاري الذي كان مسؤولا عن أمور البلاد، ولجأ لسك عملات "القاري" بهدف تمويل الحرب وشراء السلع.

وقرر الكونجرس القاري، في 6 يوليو العام 1785 اعتماد الدولار الأمريكي كعملة رسمية للدولة، على أن يساوي الدولار الواحد 100 سنت، وفي البداية كان الدولار يصدر على هيئة عملات معدنية من الفضة أو الذهب، وفي العام 1792 أسست أمريكا أول دار لسك العملة، وللتعبير عن الاستقلال والحرية كان أول إصدار من الدولار الفضي يحمل صورة لامراة بشعر فضفاض مع 15 نجمة ترمز لعدد الولايات الذي يصل اليوم إلى 50 ولاية. 

وسكت أمريكا أول عملة ذهبية في 1795، أما الدولار الورقي فأخذ وقتا طويلا حتى بدأ يظهر بلونه الأخضر المشهور في حقبة الحرب الأهلية الأمريكية (1861 -1865)، وفي هذه الفترة أيضا كانت بعض الولايات والبنوك الوطنية تصدر عملات خاصة بها كان أشهرها عملة ستار موني الخاصة بولاية تكساس التي صدرت لأول مرة في 1837. 

وقرر الكونجرس الأمريكي، تأسيس مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي) في العام 1913 بعد سلسلة من الأزمات الاقتصادية الناجمة من فوضى تتعلق بتداول وإصدار النقود من قبل البنوك الوطنية، وشهد العام نفسه بدء تداول الدولار المطبوع بواسطة الاحتياطي الفيدرالي وفي وقت لاحق تحديدا في 1935 جرى تجريم التعامل بكافة العملات المطبوعة خارج نطاق الفيدرالي. 

صورة للدولار الفضي 

كيف تربع الدولار على العرش؟ 

عززت الولايات المتحدة، موقعها كدولة عظمى اعتبارا من الحرب العالمية الأولى، إذ كانت بين صفوف الحلفاء المنتصرين وخرجت منتصرة أيضا في الحرب العالمية الثانية وففي الوقت الذي كان فيه الحلفاء الأوروبيين يعانون من تداعيات الحرب التي دارت على أراضيهم، كانت أمريكا في وضع أفضل بكثير بل كانت دائنة لبريطانيا بأكثر من 4 ملايين دولار. 

وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية التي انتهت في سبتمبر 1945 أصبح الدولار عابرا للحدود، وأول عملة احتياط رئيسية في العالم ومن هنا بدأ يهيمن على اقتصادات العالم، بفضل نتائج مؤتمر بريتون وودز الذي عقد في العام 1944 في ولاية نيو هامبشير وضم ممثلون من 44 دولة، وأسفر عن وضع إطار لنظام مالي عالمي جديد، صاغته بالطبع الدول المنتصرة في الحرب، بغرض تجنب الاضطرابات النقدية التي كشفتها سنوات الحرب. 

صور لإصدارات قديمة من الدولار

وخلال مؤتمر بريتون وودز، جرى الاتفاق على مجموعة من القواعد كان أهمها على الإطلاق تأسيس صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وفيما يخص صعود الدولار، جرى الاتفاق على ربط عملات الدول بالدولار الأمريكي، كونه وقتها كان الأكثر استقرارا، وفي الوقت نفسه ربط الدولار بالذهب بسعر ثابت لتعادل أوقية الذهب 35 دولارا، مقابل التزام أمريكا بتحويل أي كمية من الدولارات تحصل عليها من بنوك الدول الأخرى إلى ذهب. 

ونتيجة لهذا الارتباط، بدأت الدول تتهافت على طلب الدولار لتكوين احتياطياتها فيما يعرف اليوم باحتياطي النقد الأجنبي، لكن مع الفارق أن هذا الاحتياطي كان يقابله في خزائن أمريكا كميات من الذهب، واستمر الوضع على هذا النحو إلى أغسطس 1971، عندما قرر الرئيس ريتشارد نيكسون فك ارتباط الدولار بالذهب وترك سعره للتحرك وفق قواعد العرض والطلب فيما يعرف اليوم بالتعويم أو تحرير سعر الصرف. 

وبحلول العام 1973 كان نظام بريتون وودز قد انهار تماما وأصبحت الدول غير ملزمة بغطاء الذهب وحرة تماما في تحريك أسعار صرف عملاتها، إلا أن الدولار ظل محتفظا بمكانته كعملة احتياط عالمية وتجاوز عملات عريقة كالجنيه الاسترليني بفضل اعتماد الدول عليه في احتياطياتها وفي تسعير وتداول السلع الأساسية وأهمها على الإطلاق النفط . 

لماذا الدولار رقم واحد عالميًا؟ 

الولايات المتحدة اليوم هي صاحبة أكبر اقتصاد في العالم بحصة تتجاوز 25% من حجم الناتج الإجمالي العالمي، أما عملتها فتستحوذ على أكثر من 80% من حركة المعاملات التجارية عالميا بما فيها تجارة السلع الأساسية من ذهب ومعادن ونفط، ويهيمن الدولار كذلك على حصة من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية وصلت إلى 58.4% بنهاية ديسمبر 2023، نزولا من قرابة 60% في العام 2020. 

ورغم أن حصة الدولار اليوم، من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية هي الأدنى منذ 1995 إلا أنه لا يزال متقدما كثيرا عن وصيفه اليورو الذي يستحوذ على 20% من هذه الاحتياطيات، ووفقا لتقرير صادر عن صندوق النقد خلال يونيو، ملاحقة واشنطن بعض الدول بسلاح العقوبات الاقتصادية دفع قرابة 46 دولة لتسريع خطواتها خلال السنوات القليلة الماضية لتنويع سلة احتياطياتها سواء بإضافة عملات مثل الين الياباني والدولار الكندي واليوان الصيني، أو تعزيز أرصدة الذهب.  

وفي هذا الإطار، عززت دول مثل روسيا والصين من ممارسات تبادل العملات فيما بينهما نتيجة للعقوبات الأمريكية المرتبطة بالحرب الروسية الأوكرانية فضلا عن الحرب التجارية التي تخوضها واشنطن ضد البضائع والشركات الصينية.

كما أقدمت الصين وروسيا من خلال تكتل البريكس على الدفع باتجاه إصدار عملة خاصة بالتكتل لتجنب التعامل بالدولار، لكن كل هذا يظل مجرد محاولات لا ترقى للجدية مع حقيقة هيمنة الدولار على معاملات التجارة العالمية ووجود 65 دولة تربط عملتها به.  

كم تطبع أمريكا من الدولار؟ 

تقوم وزارة الخزانة بطباعة الدولار وفقا لتقديرات الاحتياطي الفيدرالي لاحتياجاته من السيولة وحتى العام 2004 كان اللون الأخضر هو المهيمن على طباعة العملة الأمريكية إلى أن ظهرت أوراق نقدية بألوان أخرى أبرزها الأزرق. 

وفقا لتقديرات الفيدرالي يفترض أن تطبع وزارة الخزانة خلال العام الحالي ما بين 5.3 مليار إلى 6.9 مليار ورقة نقدية، بقيمة تتراوح بين 180.5 مليار دولار إلى 204.4 مليار دولار، ما يمثل زيادة بقرابة 17.4% مقارنة بالعام الماضي. 

أوامر الطبع الصادرة عن الفيدرالي منذ 2010 مقسمة وفق فئة الدولارات
search