السبت، 09 نوفمبر 2024

07:59 م

أرض الحزب الوطني.. "تاريخ أسود" وصفقة تطوير

حريق مبنى الحزب الوطني

حريق مبنى الحزب الوطني

ولاء عدلان

A A

وقف مبنى الاتحاد الاشتراكي العربي على كورنيش النيل بوسط القاهرة، شاهدا على تاريخ سياسي وحزبي منذ 1962، تاريخ افتتاحه بمقص الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وحتى ثورة 25 يناير.  

المبنى وصم بأداء الحزب الوطني الديموقراطي، الذي اتخذه مقرا له، ولفحته "نار الغضب الشعبي" من الحزب الحاكم في 28 يناير 2011، وقف من بعدها ملطخا بـ"غبار السياسة" ودخان النيران التي التهمته، قبل أن يلفح بالستائر الخضراء في إعلان تطوير “قبة أولياء مصر السياسيين”.

أرض مبنى الحزب الوطني (المقر السابق للاتحاد الاشتراكي)، بدأت الحكومة المصرية ممثلة في "صندوق مصر السيادي" إعادة استغلاله بالشراكة مع القطاع الخاص، بهدف إنشاء مبنى متعدد الاستخدامات -فندقي وتجاري وسكني، على أن تعلن تفاصيل الشركات الفائزة بتنفيذ المشروع وحق إدارته في وقت لاحق.   

 من ناصر إلى السادات 


المقر السابق للحزب الوطني معلم أساسي في أجندة المترددين على ميدان التحرير، بطوابقه الممتدة على 3.95 فدان، حاجبا النيل على المتحف المصري، ومطلا بواجهة أمامية على مقر جامعة الدول العربية.


في أعقاب ثورة يوليو 1952، شهدت منطقة وسط البلد العديد من المشروعات الكبيرة ومن بينها بناء مقر بلدية القاهرة بتوقيع المعماري الشهير محمود رياض، صاحب تصميم مقر جامعة الدول العربية وفندق هيلتون النيل، وجرى افتتاحه عام 1959، بعدها بسنوات قليلة تحول إلى مقر للاتحاد الاشتراكي الذي تأسس في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عام 1962. 

مع بداية عصر الانفتاح فترة حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، حُل الاتحاد الاشتراكي تدريجيا وتحول المبنى إلى مقر للحزب الوطني الديمقراطي الذي تأسس 1978، ليصبح المبنى ذاته شاهدا على صفحة جديدة من تاريخ مصر السياسي. 

المعمار محمود رياض صاحب تصميم مبنى الاتحاد الاشتراكي


فصل النهاية 

طوال ثلاثين عاما، بعد اغتيال السادات 1981، كان مقر الحزب الوطني في وسط البلد رمزا للحكم خصوصا في السنوات العشر الأخيرة من حكم الراحل محمد حسني مبارك، إذ تحول وقتها إلى مطبخ سياسي لرجال الحزب الحاكم وأبرزهم رجل الأعمال الشهير أحمد عز -أمين التنظيم بالحزب-، والذي تولى تطويره قبل سنوات قليلة من ثورة 25 يناير 2011، بكلفة تجاوزت 50 مليون جنيه. 

في 28 يناير 2011 كتب المتظاهرون في ميدان التحرير القريب منه، كتابة فصل النهاية في قصة مبنى تنقل لعقود بين أيدي الأنظمة "الاشتراكية والديمقراطية والرأسمالية"، معلنين سقوطه في أيدي الثوار الذين أضرموا النيران فيه بعد اقتحامه، ولحقه في السقوط الحزب الوطني أبريل 2011، وآلت أصوله إلى الدولة المصرية بما فيها حطام المبنى الشهير. 


"المبنى الأسود"، -كما بدا بعد احتراقه- الذي حفظ أسرار السياسة المصرية لـ5 عقود، كان صورة رئيسية للتغطيات الإعلامية للسياسة المصرية ما قبل ثورة يناير، ويبدوا واضحا لمستخدمي كوبري 6 أكتوبر وزائري ميدان التحرير، ومحفزا لذكرياتهم عن أطول فترة حكم لرئيس بعد يوليو 1952.


في مايو 2015، صدر قرار بهدم المبنى بعد إخراجه من ولاية وزارة الآثار، كون أرضه في الأساس كانت ملكا للمتحف المصري منذ العام 1901، ووضع ضمن المباني ذات الطابع المعماري المتميز بموجب قرار من الحكومة في إبريل 2015. 

صورة لمبنى الحزب الوطني بعد حرقه 


إعادة الاستغلال 

بغرض تحقيق أقصى استفادة من أصولها، قررت الدولة المصرية في 2020 ضم أرض الحزب الوطني "المنحل" إلى صندوق مصر السيادي، ومع نهاية 2021 أعلن عن طرحها أمام المستثمرين لتقديم عروضهم لتطويرها بالشراكة. 

وكشف الصندوق في 2022 عن مخططه لمشروع التطوير باستثمارات تصل إلى 5 مليارات دولار، ويتضمن المخطط إقامة مبنى متعدد الاستخدامات قد يصل ارتفاعه إلى 220 مترا ويشمل فندقا 5 نجوم وشقق فندقية، بالإضافة إلى مساحات تجارية، بهدف استغلال موقع الأرض المتميز وإطلالتها على نهر النيل.

  
قدرت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في أغسطس الماضي قيمة أرض الحزب الوطني التي تتجاوز 16 ألف متر مربع بنحو 3.98 مليار جنيه.


في تصريحات تلفزيونية، أمس السبت، كشف الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي أيمن سليمان، عن فوز تحالف أجنبي أغلبه من دولة الإمارات بمشروع تطوير أرض الحزب الوطني، موضحا أنه من المقرر التوقيع النهائي على الصفقة قريبا. 

بالعودة إلى سبتمبر الماضي، كانت تداولت أخبار عن حسم الصفقة لصالح تحالف يضم شركتي "الشعفار" الإماراتية و"السعودية المصرية للتعمير"، بالشراكة مع "نايلوس" للخدمات السكنية، و"نايلوس" للخدمات الفندقية، التابعتين لصندوق مصر السيادي.

جزء من أعمال هدم مبنى الحزب الوطني (المنحل) في مايو 2015


 

search