الثلاثاء، 10 سبتمبر 2024

01:15 م

فزاعة جديدة.. البجعة السوداء تُصيب أسواق العالم بالهلع

كلمةالبجعة السوداء مع مؤشر هابط

كلمةالبجعة السوداء مع مؤشر هابط

ولاء عدلان

A A

حالة من الهلع والتراجعات الحادة سيطرت على أسواق العالم منتصف الأسبوع الماضي وانتقلت من الولايات المتحدة إلى أوروبا مرورا بآسيا ووصولا إلى الشرق الأوسط فيما يشبه تأثير الدومينو، الأمر الذي أعاد للأذهان نظرية البجعة السوداء ورفع مستويات الخوف بين المستثمرين.   

وشهدت بورصات العالم خلال تعاملات الجمعة 2 أغسطس الحالي موجة من الخسائر، وتكرر المشهد مع بداية الأسبوع في أسواق العالم يوم الإثنين الماضي، ليسجل مؤشر الأسهم الأمريكية "ستاندرد آند بورز 500" أسوأ أداء يومي له منذ سبتمبر 2022 مع تراجعه بـ3% وتسجيل أكبر 7 شركات أمريكية مدرجة خسائر بقرابة تريليون دولار. 
وفي أوروبا تراجع مؤشر الأسهم الأكثر نشاطا "ستوكس يورب 600" خلال تعاملات ما يعرف إعلاميا بـ"الإثنين الأسود" بأكثر من 2%، وفي اليابان تراجع مؤشر نيكي بأكثر من 12%.

وامتدت سلسلة الخسائر للبورصات العربية لتخسر البورصة المصرية خلال تعاملات الإثنين نحو 56 مليار جنيه وتتراجع مؤشرات أسواق المالية الخليجية بنسب تراوحت بين 1% و5%. 

ركود الولايات المتحدة 

هذه التراجعات أطلقت شرارتها بيانات مكتب إحصاءات العمل بالولايات المتحدة، التي أظهرت أن الاقتصاد الأمريكي، أضاف 114 ألف وظيفة فقط خلال يوليو الماضي، نزولا من 179 ألف وظيفة في يونيو الماضي، فيما ارتفع معدل البطالة إلى أعلى مستوياته منذ أكتوبر 2021 مسجلا 4.3%.

وعززت هذه الأرقام توقعات المحللين بشأن فشل سياسات مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) في تحقيق ما يعرف بالهبوط السلس (تباطؤ معدلات نمو النشاط الاقتصادي دون حدوث ركود).

تراجع البورصات العالمية

ووفقا لخبير الأسواق المالية حسام عيد، تأثر المعنويات في السوق المصرية وأسواق الخليج أمر طبيعي في ظل تراجع البورصات العالمية على خطى الأسهم الأمريكية وتوقعات سقوط أكبر اقتصاد في العالم بدائرة الركود، لكن كما كان متوقعا تعافت الأسواق، إذ دائما ما تشكل حالات الهبوط الحاد فرصة للاستثمار في الأسهم وإعادة الشراء وفتح مراكز جديدة. 

وقال استراتيجي الأصول الكلية في شركة نومورا للاستشارات المالية، تشارلي ماكيليجوت، في تصريح لوكالة بلومبرج، إن خسائر الأسهم التي بدأت مطلع الشهر ووصلت لذروتها يوم الإثنين الماضي؛ حفزت طلب المستثمرين على التحوط ضد خطر الانهيار الأكبر بصورة لم نشاهدها منذ جائحة كورونا، لتطفو على السطح استراتيجية الدفاع الشهيرة التحوط بالبجعة السوداء.

غلاف كتاب البجعة السوداء.. تأثير الأحداث غير المتوقعة لنسيم نقولا طالب

نظرية البجعة السوداء 

لكن ماذا يعني مصطلح البجعة السوداء في الأسواق المالية؟.. هذا المصطلح أطلقه المستثمر الأمريكي والمحلل نسيم نقولا طالب، وهو لبناني وألف كتابا بالأسهم نفسه في العام 2007، ليسوق عدة أدلة تاريخية على ما يسمى بالبجعات السوداء سواء على الصعيد الاقتصادي أو التاريخي والسياسي. 

من أمثلة هذه البجعات حرب أوكرنيا وجائحة كورونا وفقاعة أسهم التكنولوجيا  المعروفة إعلاميا بفقاعة دوت كوم في العام 2000 وانهيار بنك ليمان براذرز الأمريكي في العام 2008 والذي أطلق شرارة الأزمة المالية العالمية.

وببساطة مصطلح البجعة السوداء يشير إلى الأحداث التي يصعب التبؤ بها ويعقبها تداعيات قاسية كانهيارات الأسهم أو حالة الفوضى والركود التي عمت العالم على خلفية الجائحة. 

ويلخص نسيم نقولا طالب، في مقدمة كتابه المشار إليه سلفا، مبررت إطلاقه اسم البجعة السوداء على نظريته التي تؤكد على محدودية قدرة البشر على التنبؤ، في حقيقة تتعلق باعتقاد البشر وتحديدا الأوروبيين لقرون من الزمان بأن جميع طيور البجع هي باللون الأبيض دون غيره، الأمر الذي تغير بعد اكتشاف الملاحة الهولنديين لقارة استراليا في العام 1606 إذ عثر لأول مرة على بجع باللون الأسود بعد ذلك بقرابة 90 عامًا، وهو الأمر الذي لم يكن متوقعا سابقا. 

وببساطة أكثر نظرية البجعة السوداء تحدث عند توفر 3 عوامل؛ من بينها أن يكون الحدث نادرا وغير متوقع على الإطلاق، وأن يكون مصحوبا بتأثير واسع النطاق وقوي، وأن يبدو لاحقا كما لو كان متوقعا في ضوء تفسيرات يبدأ الخبراء إطلاقها يمينا ويسارا.

وبناء عليه يطالب نسيم نقولا، في نظريته، بأن يكون العالم أكثر قدرة على تعزيز دفاعاته ضد الأحداث السلبية غير المتوقعة، عبر المراقبة المستمرة للأحداث وربطها ببعضها البعض ومحاولة التنبؤ بالأحداث السلبية (البجعات السوداء المحتملة) وتحويلها إلى إيجابية (بجعات بيضاء). 

استراتيجية دفاعية

ومن هذا المنطلق يوجد في الأسواق المالية استراتيجية دفاعية يطلق عليها التحوط بالبجعة السوداء، أي البحث عن أقصى استفادة ممكنة عندما تحدث انهيارات في الأسهم. 

حقيقة ظهور البجعة السوداء بالأسواق 

وقال نسيم نقولا طالب، في تصريحات لشبكة "سي إن بي سي"، إن تعريفه للبجعة السوداء، يشير لانحراف خارج التوقعات وكبير للغاية ومؤثر، وما حدث يوم الاثنين الماضي، ليس هكذا لكون تراجع الأسهم الأمريكية أو العالمية بـ3% أو أكثر لمرة خلال عام معين أمر شائع نسبيا. 

وأوضح أنه منذ عام 2004 سجل مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" تراجعات بنسبة 3% أو أكثر بمتوسط أربعة أيام تقريبا للعام الواحد، ولم يحدث أن كانت هذه الترجعات مستمرة وطويلة الآجل، هذا في مقابل تراجع بقرابة 23% في العام 2008، مؤكدا أن انهيارات يوم الإثنين الماضي لم تكن كبيرة بالقدر الكافي لتضعنا أمام بجعة سوداء جديدة بل أن الأسهم بدأت تتعافى اعتبارا من الثلاثاء الماضي وشهدنا مؤشر ستاندرد آند بورز يترفع بأكثر من 2%. 
يشار إلى أن مؤشرات الأسهم الأمريكية جلسة الجمعة الماضية، بصعود جماعي، ما ساهم في الحد من خسائرها الأسبوعية على نحو كبير، إذ سجل المؤشر الأوسع نطاقًا "ستاندرد آند بورز خسائر هامشية لا تتجاوز 0.1% فيما تراجع مؤشر ناسداك بقرابة 0.2% فقط ومؤشر داو جونز بـ0.6%. 

search