السبت، 05 أكتوبر 2024

06:25 م

"كذب المنجمون ولو صدقوا" هل حديث؟.. "الإفتاء" توضح

دار الإفتاء المصرية

دار الإفتاء المصرية

محمد سامي الكميلي

A A

ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤالٌ حول مدى صحَّة مقولة "كذب المنجمون ولو صدقوا"، وهل هذه المقولة تُعتبر حديثًا نبويًّا، بالإضافة إلى استفسارات حول حكم التنجيم وعلاقته بعلم الفلك.

في ردها على هذا السؤال، أوضحت دار الإفتاء أن مقولة "كذب المنجمون ولو صدقوا" ليست من الأحاديث النبوية الشريفة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، رغم انتشارها بين الناس. 

ومع ذلك، فإن معنى هذه المقولة صحيح، حيث إن المنجمين يدَّعون معرفة الغيب، وهو أمر لا يعلمه إلا الله. 

وعليه، فإن أي تنبؤ يحدث وفقًا لأقوالهم لا يعني أنهم صادقون؛ بل هو محض كذب وافتراء، لأنهم لا يملكون أي وسيلة علمية للتحقق من الغيب.

وأكدت دار الإفتاء أن التنجيم محرَّم شرعًا، ويُعتبر نوعًا من الكهانة، لأن التنجيم يقوم على ادعاء معرفة الأمور الغيبية التي استأثر الله تعالى بها. 

وفي الإسلام، الكهانة والتنجيم محرمان لأنهما يعتمدان على الخرافات ويجعلان الناس يتوجهون بقلوبهم إلى غير الله، مما يؤدي إلى الوقوع في الضلال ويورد صاحبه المهالك في الدنيا والآخرة.

أما علم الفلك، فقد بيَّنت دار الإفتاء أن هذا العلم مختلف تمامًا عن التنجيم، حيث إنه يعتمد على المشاهدة والحسابات الدقيقة، وهو علم مطلوب شرعًا كفرض كفاية على الأمة، حيث يعتمد عليه العديد من المصالح الدينية والدنيوية، مثل تحديد مواقيت الصلاة ومواسم الحج والصيام.

وأوصت دار الإفتاء المصرية المسلمين بعدم الانسياق وراء المنجمين وأصحاب الخرافات، الذين يستغلون جهل الناس ليروجوا لأكاذيبهم ويجعلونهم يتعلقون بغير الله. 

وأشارت إلى ضرورة توعية الناس بالفرق بين العلم المبني على الدليل والملاحظة، كالذي يقوم عليه علم الفلك، وبين الخرافات التي لا أساس لها من الصحة، مثل التنجيم.

وأوردت دار الإفتاء في توضيحها حديثين عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، الأول رواه البخاري في صحيحه، حيث قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِنَّ المَلَائِكَةَ تَنْزِلُ فِي العَنَانِ: وَهُوَ السَّحَابُ، فَتَذْكُرُ الأَمْرَ قُضِيَ فِي السَّمَاءِ، فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ فَتَسْمَعُهُ، فَتُوحِيهِ إِلَى الكُهَّانِ، فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ». والثاني رواه مسلم في صحيحه، حيث قالت عائشة رضي الله عنها: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ الْكُهَّانَ كَانُوا يُحَدِّثُونَنَا بِالشَّيْءِ فَنَجِدُهُ حَقًّا، قَالَ: «تِلْكَ الْكَلِمَةُ الْحَقُّ، يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ، فَيَقْذِفُهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ، وَيَزِيدُ فِيهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ».

وقد استدل العلماء من هذين الحديثين على أن الكهانة، بما في ذلك التنجيم، تقوم على التخمين والحدس، وقد يوافق بعض ما يدَّعونه الحقيقة، ولكن هذا لا يخرجهم من دائرة الكذب، حيث إن غالبيتهم يعتمدون على الأكاذيب والمبالغات.

كما أوضحت دار الإفتاء أن استراق الشياطين للسمع من السماء كان يحدث قبل نزول القرآن، ولكن بعد نزول القرآن، أصبحت السماء محفوظة بالشهب التي تُرسل على الشياطين لمنعهم من استراق السمع، كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم في سورة الصافات.

وأشارت دار الإفتاء إلى قصة تاريخية وقعت عام 582 هـ، عندما ادَّعى المنجمون في كل البلاد أن العالم سيُدمر بطوفان كبير في شهر شعبان، استنادًا إلى اجتماع ستة كواكب في برج الميزان. 

وبالرغم من تهديدهم وتخويفهم للملوك والشعوب، إلا أن الليلة التي حددوها لحدوث الكارثة مرت بسلام، وكانت هادئة بشكل غير معتاد، مما أثبت كذب تنبؤاتهم وخرافاتهم.

واختتمت دار الإفتاء المصرية توضيحها بالدعوة إلى عدم الانسياق وراء المنجمين والكهان، والتأكيد على ضرورة الاعتماد على العلم والدين في مواجهة الخرافات والدجل.

search