الجمعة، 22 نوفمبر 2024

06:47 ص

الهجوم على اليمن.. طوق نجاة للحوثي

الحوثيين

الحوثيين

تحليل – محمد خيري

A A

ليلة صاخبة شهدتها مناطق اليمن الشمالية التي يسيطر عليها الحوثيون أمس، حيث تعرضت لهجوم أمريكي بريطاني، ولكنها لم تكن ليلة دامية، فلم ينجم عن الضربات سوى عدد قليل من القتلى والمصابين.

وفق المعلومات والتقارير الواردة حتى كتابة تلك السطور، دوّت أصوات التفجيرات في الأماكن التي تركزت فيها الضربات، وهي عدة قواعد عسكرية في صعدة والحديدة ومحيط مطار صنعاء الدولي وعدة مناطق أخرى.

استعدادات الحوثيين للحرب

 أشارت المعلومات الواردة من اليمن، إلى أن الحوثيين أنفسهم بمجرد علمهم باستعداد واشنطن ولندن بتوجيه ضربات إليهم، عملوا على تغيير بنية التموضعات العسكرية لهم في بعض المناطق.

وعلى الرغم من أن تلك الضربات أثارت فزع المدنيين، الذين شعروا أن صنعاء على مقربة من "غزة جديدة"، إلا أن تلك الضربات المركزة استهدفت بنى تحتية ومطارات، ومحيط لمناطق استراتيجية في الحديدة وصنعاء وصعدة.

عبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين

توسيع نفوذ الحوثي

وتكمن الأزمة في أن تلك الضربات لا تستهدف تقزيم الدور الحوثي في اليمن، ولا حتى تقويض تواجده الجغرافي على الأرض، بل ستعمل تلك الضربات على توسيع سطوة نفوذه ولجوءه إلى اتخاذ إجراءات وتدابير من شأنها أن تعزز مكانته وسيطرته على مناطق الشمال في اليمن، خاصةً بعدما دعا عبد الملك بدر الدين الحوثي، زعيم الحوثيين – قبيل الضربات بساعات قليلة – أهالي صنعاء ومحافظات أخرى إلى الاحتشاد في ميدان السبعين وعدد من المحافظات اليمنية في الشمال، رفضًا لتلك الممارسات الأمريكية، على حد قوله.

وتحفل أذهان اليمنين بالكثير من المواقف التي تؤكد رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في عدم إزاحة الحوثيين من المشهد السياسي، خاصةً بعدما لجأت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا إلى عقد لقاءات ومفاوضات سلام، بعدما نجحت القوات العسكرية التابعة للشرعية في اليمن من تحرير نسبة كبيرة من الأراضي اليمنية، وتحركها باتجاه الحديدة ومأرب، كمحاولة لإيقاف زحف القوات الشرعية إلى تلك المناطق التي يسيطر عليها الحوثيين، وهو ما اعتبروه نوعًا من التواطؤ الأمريكي والبريطاني حيال الأزمة اليمنية، ورغبة في استمرار الحوثيين في المشهد السياسي والعسكري، خاصةً وأن الولايات المتحدة الأمريكية أكبر منتج للسلاح في العالم، وبالتالي فإن استمرار الحرب يعزز مكاسبها الاقتصادية من تجارة السلاح لبعض الأطراف سواء اليمنية أو حتى جيران اليمن المتأزمين.

مسلحون تابعون لجماعة أنصار الله الحوثيين

تجنيد الأطفال وجمع الأموال

ومن أبرز الإجراءت التي قد يلجأ إليها الحوثي في مناطق سيطرته، تجنيد الأطفال والدفع بهم إلى ساحات القتال، خاصةً وأن هذا النوع من "الميليشيات العقائدية" يعمل على تصوير نفسه على أنه يواجه قوى عالمية ويحارب الاحتلال الإسرائيلي، وسيستعين في ذلك الأمر بآلته الإعلامية، كما ستسخر القنوات الإيرانية وإذاعتها أثيرها، لحث الشباب والأطفال على التجنيد في صفوف الحوثيين فيما يعرف بـ"حربهم المقدسة".

كما تكمن الأزمة الأخرى في أن الحوثيين سيعملون على جمع أكبر قدر من الأموال من المواطنين اليمنيين والتجار الذين يعانون في الأساس من سطوة الميليشيات وما تفرضه عليهم من ضرائب باهظة لتقوية مركزها السياسي والعسكري، ما يعطي للحوثيين قوة أكبر مما كانت عليه قبل القصف، ناهيك عن الدعم العسكري الإيراني غير المشروط، والذي ستحظى به الحوثيين خلال الفترة المقبلة، لتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، في ظل المناوشات السياسية والعسكرية التي تُجري بين طهران وواشنطن والغرب، والتي بدأت منذ الانسحاب الأمريكي أحادي الجانب من خطة العمل الشاملة المشتركة المعروفة بـ"الاتفاق النووي" عام 2018، وهو الانسحاب الذي على إثره بدأت إيران في تطوير وتعزيز قوة ونفوذ أذرعها في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة لتطوير برنامجها النووي.

الحوثيون يؤمنون أنهم في حرب مقدسة

آلة فكرية طائفية

ويعي أهالي صنعاء ومناطق الشمال جيدًا طبيعة الحوثيين، الذين سيعتمدون على أنهم في فترة "حرب مقدسة"، بدأتها الولايات المتحدة الأمريكية على اليمن ليلة "الجمعة المقدسة" وهي أول جمعة من شهر رجب، وهو يوم له قدسيته لدى الحوثيين وأهالي صنعاء ومناطق الشمال، وهو ما قد يثير رغبة الأطفال والشباب إلى التجنيد في صفوف الحوثي في ظل لجوء الحوثيين إلى تعزيز تلك الأفكار المتطرفة في المراكز الثقافية التي تديرها، وهي قواعد طائفية تعمل على نشر ثقافة الطائفية والمذهبية، وتشبه "الحوزة الإيرانية" في بنيتها الفكرية، وبالتالي باتت الضربات الأمريكية التي لم تستمر سوى 10 دقائق بحسب شهود عيان، طوق نجاة للحوثي وتعزيز لمكانتة الاستراتيجية في مناطق اليمن الشمالية.

search