الإثنين، 16 سبتمبر 2024

10:08 م

ابنة مقتولة وزوج مسجون وأب يحكي: نيّرة ماتت صامتة (فيديو)

أسرة الضحية يتحدثون ل"تليجراف مصر "

أسرة الضحية يتحدثون ل"تليجراف مصر "

مصطفى عبد الفضيل وأحمد نصر

A A

مكالمة هاتفية بعد صلاة العشاء، قلبت حياة أب رأساً على عقب. ففي ليلة بدت عادية، تحول كل شيء في حياة "ياسر" إلى كابوس. مكالمة هاتفية واحدة تحمل بين كلماتها ألماً لا يمكن وصفه، كانت كفيلة بأن تُسقط كل ما تبقى من هدوء في قلبه: “جوز بنتك قتلها”.

كانت الكلمات كالجمر، تحرق في طريقها كل أمل كان لديه في رؤية ابنته مجدداً. وما بين هذا الخبر الصادم وتفاصيل حياة ابنته المؤلمة، بدأت تتكشف قصة إنسانية مفعمة بالصمت، الصبر، والعذاب الذي قاد إلى النهاية المأساوية في التجمع الأول بالقاهرة.

بدأت القصة حينما تزوجت "نيرة ياسر" التي لم تتجاوز 24 عام من "رمضان.ع.م" والذي يبلغ 29 عاما، بناءً على سمعة عائلة زوجها، ولم يكن أهلها يعرفون الكثير عنه، سوى أنه من قرية مجاورة لهم في محافظة المنيا. تعرّفت على شقيقته أثناء عملها في إحدى الوظائف، وهي من اقترحته عليها للزواج.

وافقت الأسرة، وتمت الخطوبة، وبدأت بينهما الزيارات، يقول والد "نيرة": عندما كان يأتي للزيارة، كان يتجنب الحديث في الأمور الجادة ويختفي وقت الصلاة، بينما يحاول والده دائمًا تلميع صورته أمام الآخرين.

الهدوء الذي سبق العاصفة

منذ اليوم الأول لزواجها، اختارت "نيرة" الصمت وسيلة لتحمل المصاعب. لم يكن زوجها يوماً عاملاً مستقراً؛ تنقل بين الأعمال دون نجاح. استمر هذا الحال حتى بعد زواجهما، حيث عمل ليوم واحد فقط في مصنع صلصة، ثم قرر أنه "لا يستطيع العمل". لكن الحياة لم تقف هنا؛ كان يعتمد على بيع جهازها الخاص الذي اشتراه والدها بـ 300 ألف جنيه بالقسط.

كانت الزوجة تعمل في حضانة لتأمين احتياجات البيت، وتغطي عجزه المالي، في حين كان يقضي معظم وقته نائماً أو غير مكترث. يقول "ياسر": بنتي عملت في حضانة لتأمين احتياجات بيتها وزوجها وأطفالها، لم تشكُ يوماً مما تمر به. كانت تُخفي معاناتها تحت ستار الصمت، معتقدة أن تربية أبنائها والعيش في ظل زوجها أفضل من طلب المساعدة أو الهروب.

لم يكن الزواج شراكة، بل معركة صامتة خاضتها الزوجة وحدها. كانت تتستر على مشاكلها حفاظاً على بيتها وأطفالها، رغم أن الظلم كان يأكل قلبها يوماً بعد يوم.

دوامة الاستغلال والإهمال

لم تكن مسؤولية تأمين البيت هي كل ما كان يُثقل كاهلها؛ كان الزوج يتجاوز كل الحدود ويستغلها في كل جوانب حياتها. بعد عودتها من عملها الشاق، كان يُجبرها على الذهاب إلى بيت والدته لتنظيف البيت ورعايتها، بينما هو يستلقي دون أن يقدم أي مساعدة.

كان الوضع يصل أحياناً إلى حد أن تحمل طفلها على كتفها والآخر في يدها، وهي تعود إلى بيتها في منتصف الليل منهكة، لتبدأ يومها من جديد. ورغم كل هذا، لم يسمع أحد منها شكوى. كانت تعيش الصمت، وكأنها كانت تخاف من أن ينهار عالمها إذا نطقت بما كانت تعانيه.

وأشار "ياسر" أن الزوج كان يمنعها من التواصل مع عائلتها، ويتهرب كلما حاول أهلها الاتصال بها من خلال هاتفه بحجج مختلفة. ما جعلهم قلقين عليها باستمرار، ولكنهم لم يتمكنوا من الوصول إليها بسهولة بسبب سيطرته التامة عليها. يقول الأب: "حتى في فرح أختها، حضرت ليوم واحد فقط، ثم عادت في نفس اليوم بعد أن أزعجها زوجها وأجبرها على العودة ليلاً رغم صعوبة المواصلات" ونحن لم نحرك ساكنا منعا لهدم بيت ابنتنا".

يتحدث والد "نيرة" في نبرة حزينة: "رغم ذلك، لم تكشف ابنتي عن معاناتها. كانت تعيش حياة مزدوجة، حيث تذهب إلى العمل ثم تعود لتحمل مسؤوليات زوجها وأطفالهما دون أن تطلب مساعدة أو حتى تبدي اعتراضاً".

علامات الخطر

أصبح الأمر جلياً في وقت لاحق حينما تحدث والد الزوج مع والد الزوجة وأخبره أن "رمضان" حاول قتل "نيرة" من قبل، لكنه أنقذها في اللحظة الأخيرة. هذه الحادثة التي لم تكشفها الابنة أبداً كانت إشارة إلى ما كان ينتظرها. رغم ذلك، استمرت ابنة "ياسر" في حياتها، محاولةً الصمود أمام الضغوطات والظلم.

كانت "نيرة" تتصل بوالدها تطلب المال لعلاج أطفالها، لكن دون أن تطلب المساعدة. حتى عندما اشتد بها المرض والظروف، لم تفكر في العودة إلى أهلها أو الهروب من هذا السجن، الذي كان زوجها قد بنى جدرانه حولها.

اللحظة الفاصلة

في ليلة الخميس، كان الصمت يسبق العاصفة الأخيرة. "نيرة" كانت قد وعدت والدها في مكالمة هاتفية منذ 3 أيام بزيارة يوم الجمعة، و كانت تتطلع لهذا اللقاء كفرصة للخروج من حياتها الروتينية القاسية. لكن يوم الجمعة لم يأتِ كما كانت تتمنى. في تلك الليلة، قام زوجها بخنقها حتى الموت. حين وصلت المكالمة المروعة إلى والدها، كان الألم أكبر من أن يُحتمل: "ابنتك ماتت، وزوجها هو القاتل."

ركض الأب إلى قسم الشرطة في مدينة بدر، حيث أكدوا له صحة الخبر. زوج ابنته سلّم نفسه، لكن هذا لم يُخفف من وقع الصدمة. توجه عم الزوجة "سعيد" إلى مشرحة زينهم لاستلام جثة ابنته، وهناك رأى بعينيه آثار الكدمات والخنق على رقبتها. هذه العلامات كانت تروي فصولاً لم يكن يعرفها عن حياة ابنتهم القاسية.

الحقيقة التي لا تطاق

حاول الزوج خلال التحقيقات تبرير فعلته بادعاء أنه كان ينتقم لوفاة ابنتهما الصغيرة التي ماتت منذ 8 أشهر نتيجة التهاب رئوي، مدعيا أن الزوجة هي السبب في وفاتها بإهمالها لها. لكن هذا الادعاء كان مليئاً بالكذب، فقد كانت وفاتها بسبب إهماله، لم يأخذها إلى الطبيب في الوقت المناسب، وتركها تموت دون رعاية.

لم يكن هذا سوى جانب من جوانب الإهمال التي عاشتها "نيرة" وأولادها تحت يد هذا الرجل، الذي لم يتحمل مسؤولية زوجته أو أطفاله، فبينما كانت تُجهد نفسها لتأمين كل ما يحتاجه المنزل، كان زوجها يتهرب من كل مسؤولية.

البحث عن العدالة

اليوم، العائلة المكلومة تنتظر أن يأخذ القانون حق ابنتهم التي ذهبت ضحية الصمت والقهر. يطالب الأب بمحاكمة زوج ابنته والحكم عليه بالإعدام، ويؤمن أن العدالة ستتحقق قريباً.  

وختاما، هذه ليست مجرد جريمة قتل؛ إنها قصة عن امرأة ضحت بكل شيء لتحافظ على بيتها وأطفالها، حتى انتهى بها المطاف ضحية للعنف الذي أخفته طوال سنوات.

بلاغ بوجود جثة 

كانت أجهزة الأمن بمديرية أمن القاهرة تلقت بلاغا بوجود جثة بأحد الشقق بدائرة قسم شرطة مدينة بدر ،وعلى الفور إنتقلت أجهزة الأمن لمكان الواقعة وعثر على جثة سيدة مقتولة وبعمل التحريات تبين أن وراء ارتكاب الواقعة زوجها،والقى القبض على المتهم وتحرر المحضر اللازم 

search