الثلاثاء، 11 مارس 2025

09:21 ص

"العروسة المغصوبة".. مصير إجبار الفتاة على الزواج؟

تعبيرية

تعبيرية

أسامة حماد

A .A

شهدت مصر حالة من الجدل الواسع خلال الأيام الماضية بعد انتشار فيديو التقطته صاحبة كوافير يوثق لحظة رؤية شاب لعروسه بفستان الزفاف في كفر الدوار. 

الفيديو الذي أُطلق عليه لقب "العروسة المغصوبة" انتشر بشكل كبير بسبب ملامح العروس التي ظهرت غير سعيدة أثناء ما يعرف بـ"الفيرست لوك"، مما أثار الكثير من التكهنات بأن العروس مجبرة على الزواج وغير راغبة فيه.

هجوم على العريس

أثار الفيديو موجة من الانتقادات والتعليقات السلبية تجاه العريس، حيث طالبه بعض المشاهدين بترك العروس وعدم الزواج منها، اعتقادًا منهم أنها لا تحبه، إلا أن العروسين ظهرا في وسائل الإعلام لينفيا هذه المزاعم، مؤكدين أن السبب وراء تعبير العروس لم يكن بسبب عدم رغبتها في الزواج، بل كان موقفًا عابرًا لا يعكس مشاعرها الحقيقية تجاه الزواج.

انتحار فتاة هربًا من إجبارها على الزواج

في سياق متصل، شهدت محافظة سوهاج واقعة مروعة أخرى، حيث أقدمت فتاة تبلغ من العمر 19 عامًا على الانتحار شنقًا بعد أن أجبرها والدها على الخطوبة من جارهما. 

رغم رفض الفتاة المتكرر للزواج، إلا أن والدها أصر على إتمام الخطبة وهددها، مما دفعها إلى الموافقة في النهاية. 

وفي نهاية الأمر، قررت الفتاة إنهاء حياتها هربًا من الضغوط والاضطهاد، رغم محاولاتها السابقة للاستنجاد بأقاربها الذين لم يتمكنوا من مساعدتها، بحسب أحد أقاربها الذي فضل عدم الكشف عن هويته في حديثه لـ"تليجراف مصر".

خطورة إجبار الفتاة على الزواج

من هنا، يُعد إجبار الفتاة على الزواج من أخطر الكوارث التي يرتكبها الأهل بحق الفتاة، خاصة في الأسر الفقيرة التي تعاني من ضغوط اقتصادية. 

هذا الإكراه يؤدي إلى مشاكل اجتماعية خطيرة مثل العنف الأسري، الطلاق، وضياع الأطفال، وأحيانًا يصل الأمر إلى الانتحار كما في الحالة المذكورة.

رأي الخبراء النفسيين

صرحت أستاذة علم النفس الاجتماعي الدكتورة سوسن فايد، بأن إجبار الأهل لابنتهم على الزواج من شخص لا ترغب فيه هو كارثة مجتمعية تؤدي إلى مشاكل أسرية خطيرة. 

وأكدت أن العامل المادي يعد أحد أهم أسباب هذا الإكراه، حيث يعاني بعض الأهل من ضغوط اقتصادية تدفعهم لإجبار الفتيات على الزواج. 

وأضافت أن قلة الوعي والثقافة لدى بعض الأهالي تجعلهم يتجاهلون تبعات هذا الأمر.

فايد أوضحت أن الزواج الإجباري غالبًا ما ينتهي بالطلاق، نتيجة للعنف والصراع الأسري الذي ينشأ بسبب عدم رغبة الفتاة في الزواج من الشخص المختار لها. 

كما شددت على أهمية دور الجهات المعنية بالتثقيف والتوعية في مواجهة هذه الظاهرة السلبية، مشيرة إلى ضرورة تدخل المؤسسات التعليمية والدينية في هذا الأمر.

الإطار القانوني لإجبار الفتيات على الزواج

من الناحية القانونية، أوضح المحامي أيمن محفوظ أن القانون المصري يجرّم إجبار الفتاة على الزواج، ويمنحها الحق في إقامة دعوى لإبطال الزواج إذا كانت قد أُجبرت عليه. 

وأشار محفوظ إلى أن القانون رقم 325 من قانون العقوبات ينص على أن الإكراه المعنوي أو الجسدي على توقيع عقد الزواج يعاقب عليه بالسجن، مضيفًا أن المأذون الذي يشارك في إجبار الفتاة على الزواج يُعتبر مرتكبًا لجريمة تزوير ويعاقب وفق المادة 211 بالسجن المشدد أو السجن لمدة قد تصل إلى عشر سنوات.

حكم الشريعة الإسلامية في إجبار الفتاة على الزواج

في هذا السياق، أجابت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف عن سؤال حول حكم إجبار الفتاة على الزواج ممن ترفضه. 

وأكدت اللجنة أن استبداد الولي في عقد الزواج دون رغبة الفتاة يعد جناية على حقوقها، وأن هذا النكاح باطل وفقًا للشريعة الإسلامية، مستشهدين بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي ردّ فيه زواجًا أُجبرت عليه امرأة.

هذا الجدل والجدال المجتمعي حول إجبار الفتيات على الزواج يكشف النقاب عن مشكلة عميقة في المجتمع المصري تتطلب جهودًا متكاملة من الجهات القانونية والدينية والمجتمعية لمواجهتها وضمان حقوق الفتيات في اختيار شركاء حياتهن بحرية وبدون ضغوط.

search