الجمعة، 22 نوفمبر 2024

06:09 ص

الصناعة قاطرة المستقبل.. ما الذي يعوق عصب الاقتصاد؟

أحد مصانع الغزل والنسيج - أرشيفية

أحد مصانع الغزل والنسيج - أرشيفية

ولاء عدلان

A A

الصناعة مستقبل مصر.. بهذه الكلمات لخص رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، أهمية الصناعة للاقتصاد الوطني، موضحًا أن القيادة السياسية تولي ملف تعميق الصناعة المحلية أهمية قصوى.

وفي هذا الإطار، لم تغفل وثيقة ملامح التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد، التي تحدد أولويات الفترة الرئاسية خلال الفترة 2024-2030، وضع مستهدفات لقطاع الصناعة، أبرزها رفع مساهمة المكون المحلي في الصناعة إلى ما بين 60 إلى 80%.. لكن ماذا عن واقع القطاع وجاهزيته لتحويل هذه الأهداف إلى واقع ملموس؟
يقول عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات محمد البهى، إن وثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد هي ترجمة لرؤية الرئيس عبدالفتاح السيسي وطموحاته الاقتصادية، خاصةً فيما يتعلق بقطاع الصناعة الذي يعد قاطرة التقدم الاقتصادي ليس في مصر فقط بل في العالم ككل.


منحة المكون المحلي

يقول البهي في تصريح لـ “تليجراف مصر”، إن تعميق نسبة المكون المحلي في الصناعة، أصبح ضرورة في ظل أزمات تعطل سلاسل الإمداد العالمية وارتفاع تكاليف الشحن والاستيراد عمومًا، فضلا عن أزمة نقص الدولار، مضيفًا أنه كما يقولون “من قلب المحن تأتي المنح”، فالتركيز على تصنيع مستلزمات الإنتاج سيسهم كثيرا في تطوير الصناعة الوطنية وتعزيز مرونتها في مواجهة التحديات الراهنة وبالتبعية مرونة الاقتصاد ككل. 

وأشار عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات، إلى أن بعض المصانع قد تتوقف لعدم قدرتها على استيراد بعض مستلزمات الإنتاج من الخارج، على الرغم من أن نسبة هذه المستلزمات في منتجها النهائي قد لا تتجاوز الـ10%.
ويضيف أن تعميق نسبة المكون المحلي والوصول بها إلى ما لا يقل عن 60% إضافة إلى توطين الصناعات الحديثة أمور من شأنها أن تسهم في تخفيض فاتورة الواردات، وزيادة الصادرات بما يتفق مع أهداف وثيقة التوجهات الاسترايتجية للاقتصاد، التي تسعى لزيادة نمو الصادرات الصناعية إلى ما لا يقل عن 20% سنويًا.


زيادة الصادرات

يوضح الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الشافعي، أن قطاع الصناعة يعد ركيزة أساسية في تحقيق أهداف وثيقة ملامحَ التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد، فيما يتعلق برفع إجمالي حجم الصادرات إلى نحو 145 مليار دولار بحلول 2030.
ويضيف الشافعي، أن هذا يتطلب رفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي للدولة إلى نسبة تتراوح بين 20 و30% بما يعزز قدرته على الوفاء باحتياجات السوق المحلية وخدمة هدف زيادة الصادرات الصناعية، وبالتبعية تخفيض فاتورة الواردات ومعالجة عجز الميزان التجاري.
بدوره، يقول الأمين العام لرابطة مصنعي السيارات خالد سعد، إن قطاع صناعة السيارات - على سبيل المثال - لديه القدرة على تصنيع ما يتراوح بين 400 و500 ألف سيارة سنويًا بحلول 2030 وفق وثيقة التوجهات الاقتصادية، وهذا الرقم سيمكن القطاع من الوفاء باحتياجات السوق المحلية وتصدير نحو 50% من هذه الكمية للخارج، ما يصب في صالح نمو الصادرات المصرية. 
 

معضلة البيروقراطية

تستهدف الحكومة زيادة مساهمة قطاع الصناعات التحويلية خلال الفترة من 2024 إلى 2023  إلى ما لا يقل عن 20% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي.

يقول محمد البهي، إن قطاع الصناعة ككل يسهم حاليًا بشكل فعلي بأكثر من 12% من حجم الاقتصاد الوطني، نظرًا لكونه مرتبط ارتباطًا وثيقًا بغالبية القطاعات، وبالطبع القطاع يتمتع بجاهزية عالية للمساهمة بالمزيد ولعب دوره كقاطرة للمستقبل.
وشدد عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات، على الحاجة لحل مشكلة البيروقراطية لتفعيل هذا الدور الحيوي للصناعة.

تنفيذ بطيء

 ويؤكد عضو  شعبة الآلات والمعدات بغرفة القاهرة التجارية، المهندس حمادة العجواني، أن قطاع الصناعة في كامل الاستعداد للمساهمة في دفع عجلة التنمية والحكومة، مضيفًا أن الحكومة اتخذت وما زالت تتخذ الكثير من الإجراءات لدعم القطاع الصناعي سواء على صعيد القوانين أو الحوافز، لكن التنفيذ على أرض الواقع بطيء نتيجة للروتين الحكومي وهيمنته على عقلية الموظفين.
يتابع العجواني، أن الروتين وبطء إجراءات التراخيص والإفراج الجمركي، فضلًا عن ارتفاع الرسوم الجمركية عوامل جميعها تجعل بيئة الاستثمار في مصر عمومًا وليس فقط الاستثمار الصناعي (طاردة)، على سبيل المثال تأخر الإفراج الجمركي عن الآلات مدة قد تصل إلى شهرين وأحيانًا بعد هذه المدة، يتم رفض إدخال الآلات أمر يعطل العديد من المصانع الصغيرة والمتوسطة وقد تتوقف عن العمل نهائيًا.
يشدد العجواني على أن الصناعة هي عصب الاقتصاد ومن أكبر القطاعات التي يمكنها أن تسهم في التنمية وحل مشكلة البطالة، ومن هنا تأتي أهمية أن تعمل الدولة على حل التحديات التي تواجه الصُناع وتخصيص لجان داخل المدن والمجمعات الصناعية، التي تستهدف الوثيقة رفع عددها من 17 إلى 32 مجمعا بحلول 2030، للتعامل أول بأول مع المشكلات المتعلقة ببطء الإجراءات والتراخيص والخدمات المختلفة.  
نفذت الحكومة خلال الفترة من مايو 2022 إلى سبتمبر 2023، نحو 46 إجراءً لدعم القطاع الصناعي، وفي الوقت الحالي تسعى لإعداد استراتيجية وطنية متكاملة للتنمية الصناعية لتعزيز قدرة القطاع على مواجهة التحديات والأزمات الاقتصادية العالمية المتلاحقة، وفق تصريح سابق لوزير التجارة والصناعة المهندس أحمد سمير.

وزير التجارة والصناعة في زيارة لأحد المصانع 


قانون موحد

ضمن مساعيها لحلحلة التحديات التي تواجه الصناعة المصرية، خصصت الحكومة ضمن وثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد، بندا يتعلق بصياغة قانون موحد للصناعة بهدف دفع عملية التنمية الصناعية وتلبية احتياجات الشركات العاملة في القطاع.
بحسب محمد البهي، هذا القانون في غاية الأهمية وسيسهم في توحيد جهات الاختصاص المنوط بها التعامل مع ملف الصناعة وبالتالي سيعالج مشكلة الروتين الحكومي ويسرع حل المشكلات التي تواجه الصُناع، ويقترح أن يتم تطوير هذا البند أيضا ليشمل فصل وزارة الصناعة عن التجارة. 
من جانبه، يرى الأمين العام لرابطة مصنعى السيارات، أن القانون الموحد للصناعة يعد مطلبا مهما لتنمية الصناعة والنهوض بها، نظرا للحاجة إلى مظلة تشريعية واحدة تنظم شئون القطاع.
 

أزمة نقص الدولار

يشير حمادة العجواني، إلى أن تطوير قطاع الصناعة في منتهى الأهمية في الوقت الراهن كونه يسهم في جذب المزيد من العملة الصعبة لخزينة الدولة، وتسريع وتيرة التعافي الاقتصادي والنمو، ويستدرك أن الحكومة لن تتمكن من تطوير القطاع دون تحريك سعر الصرف والقضاء على السوق الموازية، موضحًا أن وجود أكثر من سعر للدولار في السوق أضر كثيرا بالصناعة المحلية خلال العامين الماضيين.
من جانبه، يرى البهي أن أزمة نقص الدولار ضغط بصورة مباشرة على أداء القطاع خلال العام الماضي، مشيرا إلى أن غالبية المصانع لا تعمل بكامل طاقتها بسبب عدم قدرتها على تدبير العملة الصعبة اللازمة لاستيراد مستلزمات الإنتاج.
 

search