الثلاثاء، 08 أكتوبر 2024

05:45 م

سربت 70% من أسرار مصر.. صائد "هبة سليم" يروي حكاية "عملية القرن"

اللواء محمد رشاد

اللواء محمد رشاد

أسامة حماد

A A

كشف وكيل المخابرات العامة الأسبق، ورئيس ملف الشؤون العسكرية الإسرائيلية بعد هزيمة 1967 وحتى توقيع اتفاقية كامب ديفيد، اللواء محمد رشاد، تفاصيل القبض على الجاسوسة هبة سليم، التي اعتبرها بمثابة “عملية القرن” التي أوقفت تسريب 70% من المعلومات عن القوات المسلحة المصرية إلى إسرائيل. 

الجاسوسة هبة سليم

وقال اللواء محمد رشاد في حديثه لـ “تليجراف مصر” إن هبة سليم جندت في مصر، ولم تكن متفوقة في الجامعة وكان رئيس قسم الأدب الفرنسي في جامعة عين شمس معارا من جامعة السربون، وكانت جامعة السربون تقدم منحة للطالب المتفوق على قسم الأدب الفرنسي، ولم تكن هبة سليم وكانت هناك طالبة متفوقة أكثر منها فاستطاع رئيس القسم أن يأتي بمنحتين ليسهل خروجها وتستكمل تجنيدها في باريس. 

وتابع “ثم أصبحت تعمل مع المخابرات الإسرائيلية، فمكنتها سلطات والدتها من العمل بالسفارة المصرية كموظفة، فلم يكن ذلك كافيا للحصول على معلومات تلبي رغبات الجانب الإسرائيلي، فطلبوا منها كتابة معارفها وأصدقائها في مصر، وكان بينهم النقيب فاروق الفقي وأخبرتهم أنه تقدم لخطبتها ورفضته”.

النقيب فاروق الفقي

وأكمل "طلبت منها المخابرات الإسرائيلية التوجه سريعًا إلى مصر لمقابلة "الفقي"، والذي كان حينها في مكانة تمكنه من الإطلاع على المعلومات السرية للغاية، وخدعته بـ“ألاعيب الأنثى”، وعرض عليها فاروق الفقي الزواج وأخبرته أنها لن تعود إلى مصر مرة أخرى".

الجاسوسة هبة سليم

وأوضح أن الجاسوسة هبة سليم، أخبرت النقيب فاروق الفقي بأنها تعمل لصالح منظمة عالمية، تمنع الحروب في العالم تقوم بتجميع معلومات عسكرية عن الدول الساخنة منها مناطق الصراع والشرق الأوسط ومصر جزء من هذا الصراع، وذلك بمقابل مادي وعرضت عليه أن يبقى أجره معها في باريس حتى يسافر هو إلى باريس بعد خروجه للمعاش.

كيف تم كشف فاروق الفقي؟

وأردف “استجاب الفقي لها ودربته على إرسال المعلومات بالحبر السري، وأخبرته عنوان التراسل الذي اكتشفنا أنه يستخدمه بعد ذلك، ووجدنا فيه كلمات “أنا كنت في إجازة في إسكندرية وياريتك كنتي معايا” وتم التعرف من خلالها أنه هو الذي يعمل معها ومن ثم القبض عليه”. 

وأضاف اللواء محمد رشاد، “رصدنا عنوان تراسل عند تفريغ المعلومات المكتوبة فيه بالحبر السري وجدناها سرية للغاية، واكتشفت هيئة المعلومات والتقديرات، أن الجوابات المرسلة لها نظام خاص ويصعب التعامل معها من شخص عادي”.

وأكمل “اطلعت جهات مكافحة التجسس بالقوات المسلحة عليها وطلبوا متابعة أطراف المراسلة، واكتشفنا استخدام ضابط في القوات المسلحة للعنوان المرصود في باريس وتم القبض عليه وهو النقيب فاروق الفقي، والذي أقر بتعامله مع الجاسوسة هبة سليم، فجمعنا عنها المعلومات وبدأنا في التفكير في كيفية القبض عليها خاصة أنها تعيش في باريس”.

اللواء محمد رشاد
اللواء محمد رشاد

دور المخابرات الليبية في القبض على هبة سليم 

وأضاف “كانت هناك علاقة قوية بين جهازي المخابرات في مصر وليبيا، فكانت الخطة أن يتم إدخال والدها المستشفى في ليبيا، حيث كان يعمل معلم هناك، بعد إقناعه بأن ابنته تتعاون مع منظمة فلسطسنية لخطف طائرة ولا نريدها أن تتورط في الأمر والقيادة المصرية لا ترغب في جدل مع أطراف خارجية، وعليه أن يتظاهر بالمرض لإقناعها بالحضور لرؤيته في ليبيا ومن ثم منعها من أي أعمال تخريبية”.

خداع مرض والد هبة سليم

طلبت هبة سليم سفرها إلى ليبيا لرؤية والدها، ورفض الجانب الإسرائيلي ذلك، فأصرت على السفر ولوحت بوقف العمل لصالحهم، فأرسل ضابط المخابرات الإسرائيلي المتواجد في باريس، طبيبا إلى المستشفى في ليبيا، للتأكد من حقيقة مرض والدها فقرأ شيت وُضع بجوار سرير والدها يتضمن حالته المرضيه كُتب باحتراف، واقتنع بأن والدها مريض وأخبرهم أن الأمر يستدعي الزيارة.

أعدت المخابرات الإسرائيلية خطة سفر هبة سليم من باريس إلى روما ثم ليبيا، متعمدين إطالة خط السير للتأكد من عدم متابعة أي شخص لها، وعند نزولها في مطار طرابلس قابلها أشخاص من المخابرات الليبية وأخبروها أنهم من طرف والدها وجاءوا لنقلها بالسيارة إلى المستشفى المتواجد بها، بسبب ضيق وقتها حيث كانت حجزت تذكرة العودة إلى باريس على متن الطائرة التي جاءت فيها.

استجواب هبة سليم

وواصل اللواء محمد رشاد، بعد ركوبها السيارة الخاصة بالمخابرات الليبية توجهت إلى طائرة مصر للطيران التي كانت تنتظرها خصيصا والتي صعدت إليها من سلم الطوارئ وأحضروها إلى مصر واستجوبتها لمدة 71 يومًا كاملة.

وتابع “استجوبت الجاسوسة هبة سليم في محاولة لمعرفة ماذا شاهدت داخلت إسرائيل، لتجميع المعلومات، حيث سبق لها زيارة الأراضي المحتلة 9 مرات، شاهدت خلالها كافة القواعد الجوية وتحركت في الضفة الغربية كمواطنة إسرائيلية”.

هبة سليم “لست نادمة”

واستكمل “عند استجواب هبة سليم قالت ثلاث أشياء، أولًا  عليكم عدم التفكير في الحرب مع إسرائيل لأنه يستحيل التغلب عليهم، ثانيًا عليكم عدم التفكير في عبور قناة السويس وإلا ستكون مقبرة للقوات المصرية، وذلك تجنبًا  لمزيد من الأرامل والشهداء، وأخيرًا  كنت أعمل مع ضابط مخابرات إسرائيلي ولم ينظر إلي طوال الفترة التي عرفته فيها في حين كان يتحرش بي معظم أعضاء السفارة المصرية في باريس أثناء عملي بها”.

واختتم “في نهاية التحقيقات سألتاها هبة سليم، إنتي مش ندمانة، فأجابت أنا عارفة إني هتعدم ومش ندمانة وكنت بقدم واجب وطني لمصر وكان ردها كان غريب جدا”.

search