السبت، 19 أكتوبر 2024

05:30 م

التصنيف الائتماني لمصر.. مستقبل إيجابي و3 شروط لرفعه

علم مصر وصورة واسعة للقاهرة يبرز فيها الأهرامات

علم مصر وصورة واسعة للقاهرة يبرز فيها الأهرامات

ثبتت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني، أمس نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري عند إيجابية، كما أبقت على تصنيفها لديون مصر عند B-/B، وكشفت عن شروط لرفع التصنيف خلال الفترة المقبلة. 

من جانبه أوضح أستاذ اقتصاد في أكاديمية السادات للعلوم الإدارية الدكتور إيهاب الدسوقي، أن وكالات التصنيف الائتماني أقدمت على تغيير نظرتها إلى الاقتصاد المصري إيجابية في أعقاب تحسن مؤشرات الاقتصاد في مارس الماضي تزامنًا مع قرار تحرير سعر الصرف وإبرام صفقة رأس الحكمة والتوصل لاتفاق مع صندوق النقد. 

الدين الخارجي والفائدة المرتفعة

وأضاف الدسوقي، في تصريح لـ"تليجراف مصر"، أن هذا التحسن وحده غير كافٍ لدفع وكالات التصنيف الائتماني لرفع تصنيف مصر قبل نهاية العام الحالي على أقل تقدير، خصوصًا وسط استمرار المخاطر الصعودية على جانب الدين الخارجي مع حقيقة أنه لم يبدِ بعد تراجعا ملحوظا لتحييد تأثيره على نظرة هذه المؤسسات. 

وتابع أن وكالات التصنيف تأخذ بعين الاعتبار عدة معايير منها مستوى الديون ومعدلات النمو الاقتصادي ومستويات الاحتياطي الأجنبي وكذلك المخاطر الجيوسياسية، وهنا أشار إلى أن المعيار الذي يشكل حاليًا عقبة أمام رفع التصنيف السيادي لمصر هو ارتفاع مستوى الدين الخارجي وليس حرب غزة وتداعياتها أو التصعيد العسكري الراهن بالمنطقة كما يعتقد البعض، إذ لدى الدولة حاليًا تدفقات أجنبية تحييد تأثير تراجع إيرادات قناة السويس كما أن هذا التصعيد لم يؤثر بشكل قوي بعد على سلاسل الإمداد. 

وفي نهاية يونيو الماضي تراجع الدين الخارجي للدولة إلى 152.9 مليار دولار نزولًا من 168.034 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2023.

وفي وقت سابق أكد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، أن حكومته تسعى للوصول بالدين الخارجي للدولة إلى الحدود الآمنة جدًا،  موضحًا أن الديون الخارجية ترتبط بسعر فائدة عالمي مرتفع، ما يرفع أعبار موازنة الدولة. 

وتوقع الدسوقي أن يدفع اتجاه الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) لإقرار المزيد من تخفيضات الفائدة بعد أن أقر الشهر الماضي خفضًا بـ0.5% لأول مرة منذ 2020، أعباء الدين الخارجي للدولة للتراجع تدريجيًا، لاسيما حال جرى رفع التصنيف الائتماني للدولة، إذ يستخدم المستثمرين هذا التصنيف كمعيار تحديد العائد المطلوب على استثماراتهم في الأذون والسندات المصرية، وكلما ارتفع التصنيف يتراجع العائد والعكس صحيح.

3 شروط لرفع التصنيف

وعدلت وكالات التصنيف الائتماني بما فيهم ستاندرد آند بورز وفيتش في مارس الماضي نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري إلى إيجابية.

وأشادت ستاندرد آند بورز أمس بخطوات الإصلاح الاقتصادي التي اتخذتها مصر خلال الفترة الماضية في ضوء التزامها ببنود البرنامج المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي وتحديدًا نظام سعر الصرف المرن، وتباطؤ الإنفاق على البنية التحتية والحفاظ على القدرة على تحمل الديون. 

وأضافت أنها قد ترفع تصنيف مصر خلال الفترة المقبلة، حال تحسنت أوضاع الدين الخارجي بشكل أسرع سواء من خلال تسريع وتيرة بيع أصول الدولة فيما يعرف ببرنامج الطروحات الحكومية أو استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة. 

وأوضحت أن تصنيف مصر كما أنه عرضة للرفع أيضا النظرة المستقبلية للاقتصاد عمومًا عرضة للتراجع إلى مستوى "مستقر" من إيجابي، وذلك حال بدأت المخاطر الجيوسياسية في التأثير الملحوظ على الأوضاع الاقتصادية للدولة، أو تراجع التزام الحكومة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي على نحو يفاقم أو يعيد ظهور بعض الاختلالات الاقتصادية من نوعية تراجع الاحتياطي الأجنبي. 

برنامج الطروحات

من جانبه أوضح الخبير الاقتصادي حسام عيد، أن تسريع وتيرة تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية سينعكس إيجابًا على الاقتصاد ككل وستمنحه ما يشبه قبلة الحياة، إذ من شأن تخارج الدولة من الأصول والقطاعات المشمولة ببالبرنامج أن يعزز مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد وهو أحد مطالب برنامج صندوق النقد. 

وتابع أن التدفقات المرتبطة ببرنامج الطروحات ستسهم في خفض مستويات الديون، وتعزيز الوضع المالي الخارجي للدولة، على نحو يرفع قدرة الوفاء بالتزاماتها الخارجية. 

وفي خطوة لتنفيذ برنامج الطروحات بصورة تحقق أعلى عائد قرر البنك المركزي طرح حصة من أسهم المصرف المتحد في البورصة المصرية قبل نهاية الربع الأول من العام المقبل، وهو الأمر الذي يضمن تنفيذ الطرح بأسعار عادلة في ظل الأداء الإيجابي للسوق منذ بداية العام وتعطشها للطروحات الجديدة، الأمر الذي سيقودها لتسجيل مستويات تاريخية بمجرد تنفيذ الطرح، وفقًا لحسام عيد. 

لقطة من تقرير سابق لصندوق النقد تبين تأخر الحكومة في تنفيذ برنامج الطروحات

وأضاف عيد، أن الأفاق الاقتصادية حتى اللحظة إيجابية، حتى مع استمرار ضغوط التوترات الجيوسياسية، بفعل استقرار سعر الصرف وارتفاع مستويات الاحتياطي الأجنبي للدولة، متوقعًا أن يظل تأثير هذه التوترات على السوق المصرية محدودًا في ظل عوامل مثل اتجاه البنوك المركزية الكبرى لخفض الفائدة الأمر الذي يعزز جاذبية الاستثمار في أدوات الدين والأسهم المصرية بعيون المؤسسات والمستثمرين الأجانب. 

وقدرت ستاندرد آند بورز أن يرتفع الدين الخارجي الصافي إلى 116% من إيرادات الحساب الجاري، أن يبلغ الدين بالعملة الأجنبية نحو 40% من إجمالي الدين خلال العام المالي الحالي، إلا أنها رجحت أن ترتفع الودائع بالعملة الأجنبية إلى نحو 25% من إجمالي الودائع في السنة المالية 2025، وأن سجل متوسطًا بنحو 18% في الفترة 2025-202، فيما سيصل متوسط نمو الاقتصاد خلال الفترة نفسها إلى 4.2% ارتفاعا من 2.4% في العام المالي الماضي.

وأكدت أن استمرار تحسن الأوضاع الاقتصادية في مصر ومعدلات النمو وتحقيق وفوائض أولية بالموازنة بالإضافة إلى استمرار استخدام حصيلة الطروحات لسداد الديون، جميعها عوامل من شأنها وضع معدل الديون للناتج المحلي الإجمالي على مسار نزولي خلال الفترة المقبلة، إلا أنها تبقى حساسة لتطورات الأوضاع الجيوسياسية بالمنطقة. 
 

search