السبت، 05 أكتوبر 2024

10:55 ص

شخصية معرض الكتاب.. "سليم حسن" شيخ الأثريين المطرود من الوظيفة

 الدكتور حسين عبد البصير،مدير متحف الآثار بمكتبة الاسكندرية

الدكتور حسين عبد البصير،مدير متحف الآثار بمكتبة الاسكندرية

فادية البمبي

A A

وصف مدير متحف الآثار بمكتبة الاسكندرية، حسين عبد البصير، اختيار العالم الجليل سليم حسن، ليكون شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب للعام 2024، بأنه “اختيار موفق، وتقدير كبير لعالم أثري كبير أعطى من خلال علمه وحفائره واكتشافاته ومؤلفاته الكثير لمصر والمصريين والعالم أجمع".

سليم حسن شخصية المعرض

 

عميد الأثريين المصريين

يعد العالم الأثري الكبير الدكتور سليم حسن (8 إبريل 1893- 30 سبتمبر 1961 ميلادية) عميد الأثريين المصريين، وهو أبرز أعلام الآثار المصرية في مصر والعالم أجمع، وقدَّم العديد من الدراسات الرائدة في علم المصريات، ويعد ثاني عالم آثار مصري يساهم في تأسيس علم المصريات باللغة العربية بعد الراحل أحمد كمال باشا مؤسس المدرسة المصرية في علم المصريات، وكان عمله الأبرز هو "موسوعة مصر القديمة" في ست عشر جزءًا، وكتاب الأدب المصري القديم في جزئين، وقام بالعديد من الاكتشافات الأثرية المهمة في هضبة أهرامات الجيزة وسقارة والنوبة وغيرها. 

تلميذ جولينشيف

وأضاف عبد البصير لـ"تليجراف مصر"، أن سليم حسن ولد في قرية ميت ناجي التابعة لميت غمر بمحافظة الدقهلية، توفى والده وهو صغير، قامت أمه برعايته، وأصرت على أن يكمل تعليمه، وأنهى مرحلتي التعليم الابتدائية والثانوية وحصل على شهادة البكالوريا عام 1909، ثم التحق بمدرسة المعلمين العليا، واُختير لإكمال دراسته بقسم الآثار الملحَق بتلك المدرسة لتفوُّقه في عِلم التاريخ، وتخرَّج فيها عام ١٩١٣، وعمِل مُدرسًا للتاريخ بالمدارس الأميرية، ثم عُيِّن بعدها في المتحف المصري بعد ضغطٍ من الحكومة المصرية حين كانت الوظائف فيه حِكرًا على الأجانب، وهناك تتلمذ على يد عالم المصريات الروسي الشهير فلاديمير جولينشيف مدير المتحف المصري في ذلك الوقت.

في عام 1922 ميلادية، سافر سليم حسن إلى أوروبا برفقة أحمد كمال باشا لحضور احتفالات الذكرى المئوية لرحيل عالم المصريات الفرنسي جان-فرانسوا شامبليون. وزار فرنسا وإنجلترا وألمانيا. وكتب العديد من المقالات الصحفية تحت عنوان "الآثار المصرية في المتاحف الأوروبية"، وكشف فيها عن النهب الذي تعرضت له الآثار المصرية مثل خروج رأس نفرتيتي إلى متحف برلين في ألمانيا.

العالم الاثري سليم حسن 

 

دراسات في السربون

وفي عام 1925 ميلادية، تمكن أحمد كمال باشا من إقناع وزير المعارف آنذاك "زكي باشا أبو السعود" بإرسال بعض المصريين للخارج لدراسة علم الآثار المصرية، وكان من بينهم سليم حسن، وسافر في بعثة إلى فرنسا، والتحق بقسم الدراسات العليا بجامعة السوربون، وحصل على دبلوم اللغات الشرقية واللغة المصرية القديمة، ثم حصل أيضًا على دبلوم الآثار، وفي عام 1927 ميلادية، حصل على دبلوم في اللغة المصرية القديمة وأخرى في الديانة المصرية القديمة.

عاد إلى القاهرة وعُين أمينًا مساعدًا بالمتحف المصري، واُنتدب بعدها لتدريس علم الآثار المصرية بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا)، ثم عُين أستاذًا مساعدًا بها، وفي عام 1928 ميلادية، اشترك مع عالم الآثار النمساوي هرمان يونكر في أعمال الحفر والتنقيب في هضبة الجيزة، وسافر بعدها إلى النمسا، وحصل على الدكتوراه في علم الآثار المصرية من جامعة فيينا. 

200 مقبرة في 10 سنوات 

وفي عام 1929 ميلادية، بدأ أعمال التنقيب الأثرية في هضبة الجيزة لحساب جامعة فؤاد الأول لتكون المرة الأولى التي تقوم فيها هيئة علمية منظمة مصرية بأعمال التنقيب، وكان من أهم الاكتشافات التي قام بها اكتشاف مقبرة "رع ور"، هي مقبرة ضخمة ومهمة ووجد بها العديد من الآثار، واستمر في أعمال التنقيب في هضبة الجيزة وسقارة إلى العام 1939 ميلادية، اكتشف خلالها حوالي مائتي مقبرة، أهمها مقابر أولاد الملك خفرع، ومقبرة الملكة خنت كاوس، ابنة الملك منكاورع، من عصر الأسرة الرابعة، بالإضافة إلى مئات القطع الأثرية والتماثيل،

وأضاف عبد البصير قائلا : عُين سليم حسن وكيلاً عامًا لمصلحة الآثار المصرية ليكون بذلك أول مصري يتولى ذلك المنصب، وأصبح المسؤول الأول عن كل آثار مصر، وأعاد إلى المتحف المصري مجموعة من القطع الأثرية كان يمتلكها الملك فؤاد الأول. وقد حاول الملك فاروق الأول استعادة تلك القطع، لكن سليم حسن رفض ذلك مما عرضه لمضايقات شديدة أدت به إلى ترك منصبه في العام 1940 ميلادية، وفي العام 1954، استعانت حكومة ثورة 23 يوليو بخبرة الدكتور سليم حسن الكبيرة، فعينته رئيسًا للبعثة التي ستحدد مدى تأثير بناء السد العالي على آثار النوبة، وعام 1960 ميلادية، اُنتخب سليم حسن عضوًا بالإجماع في أكاديمية نيويورك التي تضم أكثر من 1500 عالم من 75 دولة، وتوفى في 30 سبتمبر في العام 1961 ميلادية. 

موسوعة مصر القديمة باجزاءها 18 

موسوعة مصر القديمة 

يضيف مدير متحف الاثار، أن من أهم أعمال سليم حسن: "موسوعة مصر القديمة"، وتعد هي الموسوعة التاريخية الضخمة عن تاريخ مصر القديمة، وقد بدأ تأليفها بعد إحالته للمعاش، وهو في السادسة والأربعين من العمر، نتيجة خلاف دب بينه وبين القصر الملكي، وتعد هي الموسوعة الوحيدة المتكاملة في التاريخ المصري القديم التي وضعها وألفها عالم واحد بمفرده. وتناول فيها شرحًا دقيقًا وتحليلاً مستفيضًا عن مراحل الحضارة المصرية منذ عصور ما قبل الأسرات إلى قرب نهاية العصر البطلمي. وتتكون من ستة عشر جزءًا. وأُضيف لها في طبعة مكتبة الأسرة ضمن مهرجان القراءة للجميع جزئين. وهما كتابه "الأدب المصري القديم". وأصبح عدد مجلداتها ثمانية عشرة جزءًا.

نشر العالم الجليل باللغة بالإنجليزية الكثير من المقالات والكتب العلمية، خصوصًا عن حفائره المهمة في هضبة الجيزة التي جاءت في عشرة أجزاء، عن هضبة الجيزة و"أبو الهول" وسقارة والنوبة والكثير من الآثار المصرية القديمة وحضارة مصر الخالدة، بالاضافة إلي بعض الكتب  باللغة الفرنسية.

وامتازت أعمال سليم حسن بالغزارة والتنوع والدقة والجدة، وامتازت مؤلفاته كذلك بالغزارة والتنوع والدقة والجدة فضلاً عن البساطة والسهولة وشمول المعلومات الموجودة في مؤلفاته العديدة.

search